يتهافت مئات اللبنانيين على شراء الدولار من الصرّافين وفق السعر الذي حددته نقابة الصرّافين بنحو 3900 ليرة. في المقابل، بلغ سعر الدولار في السوق السوداء نحو 5300 ليرة للدولار الواحد. الشروط التي قيل إنها مشدّدة لتحديد من يمكنه الحصول على الدولار، تبيّن أنها «غير مشدّدة». هذه ليست دعوة للتشدّد، ولا للتراخي، في دولة تقدّس ما تسميه زوراً «الاقتصاد الحر»، واقتصادها مدولَر بالكامل. يُسمح لكل مواطن لبناني بشراء 200 دولار شهرياً، بمجرّد إبراز هويته لشراء الدولار. وقد مُنِح هذا التسهيل ليسمح لأيّ مواطن عليه دفعة شهرية بالدولار أنّ يتمكن من سدادها بموجب سعر الصرف الأدنى. غير أنّ مئات الأشخاص وقفوا في الطوابير لشراء 200 دولار، لكل منهم، بسعر 3900 ليرة للدولار. مباشرة، يأخذ الشاري الدولارات التي لا يحتاج إليها أصلاً، ويبيعها لصراف آخر بـ 5000 ليرة للدولار الوحد. إزاء ذلك، وبما أنّ الشاري يريد تحقيق ربح، سمح صرّافون لأنفسهم باختصار هذه اللعبة، فصاروا بمجرّد قدوم شخص لشراء 200 دولار، يحاولون أن يفهموا منه إن كان يُريد بيعها في السوق السوداء. وإذا كان الجواب نعم، يعطي الصراف الزبون 200 ألف ليرة، من دون أن يدفع الأخير شيئاً، ليبقي الصراف الدولار في خزنته. كل ما تحتاج إليه هذه العملية هو تصوير بطاقة هوية الزبون لتقديمها إلى مصرف لبنان. وفي المقابل، يحتفظ الصرّاف بالدولارات ليبيعها في السوق السوداء بسعر أعلى.
هذا الأداء يكشف أن الآلية التي اعتمدها مصرف لبنان لتخفيف سعر الدولار، تحوّلت بدورها إلى آلية لزيادة سعره في السوق السوداء، وساهمت أيضاً في تحويل الدولار إلى سلعة ليس لدى الصرافين وحسب، بل لدى العموم. ومن غير المستبعد أن يستند مصرف لبنان إلى هذه العملية الاحتيالية، ليعاود وقف ضخ الدولار في السوق، وترك الأمر مرة جديدة للسوق السوداء لتحدد سعر الدولار.
الأخبار