وصف رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، انفجار مرفأ بيروت بأنه “كارثة إنسانية أدخلت الحزن والسواد إلى كل اللبنانيين المطالبين أكثر من أي وقت مضى بالعمل يدا واحدة لقيام الدولة العادلة التي لا تعرف الفساد والظلم والإهمال”، مطالبا القضاء بالخروج “بنتائج واضحة وأحكام مبرمة تحدد المسؤولين والمتسببين بهذه الفاجعة، لينالوا القصاص الذي يستحقونه على جريمتهم النكراء”.
وطالب السياسيين ب”أن يتعظوا مما جرى ويتنازلوا لمصلحة وطنهم وشعبهم المنكوب منذ زمن بفعل الفساد والهدر وسياسة المحاصصات ونهب المال العام”، وأن يتفقوا “على تشكيل حكومة وطنية جامعة وقادرة على انقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي وتحقيق الاستقرار السياسي وتجنيب وطننا الانزلاق في مستنقع الفتن”.
جاء ذلك في رسالة الهجرة وعاشوراء لهذا العام، والتي استهلها بالقول: “نستعيد مع اطلالة شهر محرم الحرام ذكرى هجرة رسول الله (ص) إلى المدينة التي شكلت محطة لإحقاق الحق وتجسيد الإيمان فعل تضحية، حيث قدم فيها الامام علي بن ابي طالب (ع) أروع نموذج للفداء حين بات في فراش رسول الله (ص)، مقتديا بالنبي الكريم الذي تحمل في هجرته ودعوته المشقات والصعاب والأذى في سبيل اعلاء كلمة الله”.
أضاف: “وفي شهر محرم، كانت هجرة الحسين (ع) إلى العراق كهجرة النبي إلى المدينة، فالنبي هاجر لنشر الدين وحفظ تعاليمه، والحسين هاجر لإصلاح أمة جده ولتحصين الدعوة وحمايتها من الفساد والبغي، فاستشهد في سبيل حفظ رسالة رسول الله (ص) من الانحراف، وبذاك استكمل الحسين (ع) رسالة جده رسول الله (ص)، فكانت نهضة الحسين تجسيدا لقول رسول الله: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا. فالإسلام محمدي الوجود وعلوي الحفظ وحسيني البقاء، وهو بقي نقيا متينا بمنأى عن التحريف بفعل تضحيات أهل بيت النبوة الذين كان لسان حال كل منهم في الملمات: “إن لم يكن غضب منك علي يا رب، فلا أبالي”.
وتابع: “وإذ يعز علينا هذا العام أن لا نقيم مجالس العزاء العامة والاقتصار على وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، في ظل تفشي جائحة كورونا التي عطلت احتشاد المؤمنين لإقامة مجالس الحب والولاء لسيد الشهداء، فإننا نشدد على ضرورة التزام التوجيهات والارشادات الطبية واتخاذ أقصى الاحتياطات والتدابير الدقيقة التي تحول دون تفشي الفيروس، وندعو المؤمنين إلى إحياء المجالس عن بعد وعدم التجمع والاحتشاد وإظهار الحزن من خلال نشر الرايات الحسينية والاتشاح بالسواد”.
واستطرد: “إننا بحاجة اليوم إلى وقفة حسينية تتضافر فيها كل الجهود العربية والإسلامية لارساءالعدل، فينصف قادة العالم الاسلامي شعوبهم ويلتزموا العدالة نهجا للحكم، مما يستدعي أن يبذلوا الجهد لإعادة الوئام بين الدول الاسلامية من خلال الحوار والتشاور، فيقفوا مع شعب لبنان في نكبته، ويوقفوا الحروب في اليمن وليبيا، ويتعاطوا مع قضايا الأمة من منظار الثورة الحسينية الرافضة للظلم والطغيان، وهذا ما يحتم على زعماء العرب والمسلمين التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي بوصفه احتلالا لأرض عربية إسلامية ينبغي العمل لتحريرها، مما يستدعي أن ينتصروا للحق في فلسطين ويدعموا شعبها في مقاومته وتصديه لغطرسة الاحتلال وعدوانه، فلا يبيعوا دينهم بدنيا غيرهم بالرضوخ لما يسمى صفقة العصر التي نعتبرها مشروع نكبة جديدة للأمة الاسلامية تفضي إلى تصفية القضية الفلسطينية التي نعتبرها قضية مقدسة والتخلي عنها خيانة للامة وعملا محرما وباطلا ينافي القيم الانسانية والتعاليم الدينية.
ونحن نستنكر بشدة كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، فإننا نسأل عن المصلحة المتوخى تحقيقها في عقد اتفاقيات مع عدو غاصب وعنصري، يحرم التطبيع معه شرعا، وندعو إلى التضامن العربي والإسلامي في مواجهة العدو الصهيوني، ونشدد على ضرورة التمسك بوحدتنا الوطنية المرتكزة على تحصين مراكز القوة في وطننا من خلال دعم جيشنا الوطني والتشبث بقوة بالمعادلة التي حمت لبنان وحررت أرضه”.
وناشد اللبنانيين “أن يكونوا أخوة متحابين متكافلين، فيحفظوا وطنهم بحفظهم لبعضهم البعض، فما حصل في بيروت كارثة إنسانية أدخلت الحزن والسواد إلى كل اللبنانيين المطالبين أكثر من أي وقت مضى بالعمل يدا واحدة لقيام الدولة العادلة التي لا تعرف الفساد والظلم والإهمال، ونحن ننتظر أن يخرج القضاء بنتائج واضحة وأحكام مبرمة تحدد المسؤولين والمتسببين بهذه الفاجعة، لينالوا القصاص الذي يستحقونه على جريمتهم النكراء، ونعتبر أن استعادة ثقة المواطنين بالدولة تبدأ من القضاء العادل المطالب بشدة أن يثبت جدارته وكفاءاته ونزاهته بكشف كل الملابسات التي سببت الكارثة وتحديد المسؤوليات والارتكابات، إذ نعول عليه في قيامة لبنان المعافى والمستقر”.
وختم مطالبا السياسيين ب”أن يتعظوا مما جرى ويتنازلوا لمصلحة وطنهم وشعبهم المنكوب منذ زمن بفعل الفساد والهدر وسياسة المحاصصات ونهب المال العام، حتى حصلت الكارثة لتراكم من معاناة هذا الشعب المفجوع بالمآسي والنكبات، وعليهم ان يتفقوا على تشكيل حكومة وطنية جامعة وقادرة على انقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي وتحقيق الاستقرار السياسي وتجنيب وطننا الانزلاق في مستنقع الفتن”.