ريم عبيد
النظر الى وجه العالم عبادة، والمعروف أن العلماء يؤدون وظيفة تبليغية إرشادية دينية، فكيف بعالم مع تكليفه الديني يدرس الحسين (ع) علماً، فيترجمه مشاريع ضخمة لبناء الإنسان.
خمس عشرة دقيقة فقط مع المتولي الشرعي فضيلة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، كانت كفيلة بنقلنا من حالة الظن بأن العتبة الحسينية هي عبارة عن مواكب للطم وإقامة العزاء والدروس الدينية وخدمة الزوار، الى حالة اليقين بأن العتبة هي منارة للإبداع في ركنين أساسيين لتقدم الإنسان وهما التعليم والتربية.
من الحكم السابق للعراق، حين كان يضيق على النشاطات التنموية كافة، انطلق سماحته ليؤكد أن ما شهدته العتبة منذ صدور قرار إدارة العتبات العام في العام 2003، كان جبارا، وهي في تطور مستمر وسريع يعادل مئة عام من العمل في هذه الفترة البسيطة.
فبالإضافةإلى اطلاعها بالمهام الدينية من صلاة الجماعة وبقية الوظائف المتعلقة بخدمات الزائرين وتحديدا الحشود المليونية التي تأتي للحسين “ع”،في الأربعين، وإحاطتهم بعناية مميزة،فهي أيضا تعنى بالمهام الإنسانية والوطنية عبر البناء الصحيح لشخصية المواطن التعليمية والتربوية للوصول الى المواطنة الصالحة.
ومن جملة هذه المؤسسات، علما أنها واجبات من مسؤولية الدولة، إلا أنه وفي ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها العراق ،وفي ظل غياب الدولة، حملت العتبة على عاتقها مهمة خدمة أبنائها، فافتتحت مستشفيات نوعية ونموذجية هي الآن أربعة في كربلاء، وهي كالتالي مستشفى الأورام السرطانية، مستشفى للمرأة وهو تحت مسمى “السيدة خديجة”، بالإضافة الى مستشفى أمراض الدم ومستشفى زراعة النخاع.
ويؤكد فضيلة الشيخ الكربلائي ، انه قد تابع إجراء عملية لزراعة النخاع من الغير وهي من أصعب العمليات التي تجرى للمرة الأولى في العراق، وقد تكللت بالنجاح.
يتبع العتبة أيضا، مستشفى للعيون كما أن هناك عددا آخر يجري العمل على إنجازه وبالتالي تصبح حصيلة المستشفيات التابعة للعتبة في عدد من المحافظات 12 مستشفى كامل الأوصاف.
بالنسبة للتعليم، يؤكد المتولي الشرعي أن العتبة أنجزت أحد عشر معهدا للتوحد في العراق، وهي عبارة عن أبنية متطورة جدا تضاهي حتى الدول الأوروبية،موزعة على عدد من المحافظات.
أما الجامعات، فقد احاطتها العتبة بعناية خاصة، بدءا من جامعة وارث الأنبياء التي تحوي خمس كليات ضمنها الطب البشري والهندسة، مرورا بجامعة الزهراء “ع”،الجامعة الوحيدة التي خصصت للبنات، وهي عبارة عن بناء ضخم وفخم فيه قاعات نموذجية وعريقة وفريدة من نوعها تستقبل فيها أهم المؤتمرات الطبية والعلمية، بالإضافة الى مكتبة كبيرة وتحوي أهم الكتب، هذا فضلا عن المختبرات ومراكز البحوث التي تحوي أجهزة لأول مرة تستخدم في العراق وفي منطقة الشرق الأوسط.
ويضاف الى هذه الصروح، جامعة السبطين الطبية، وتؤكد العتبة أن لديها النية لبناء جامعات إضافية في بقية المحافظات.
المدارس هي محل اهتمام العتبة بشكل كبير،وفي هذا السياق، شدد الشيخ على أن هناك تشدد من العتبة بالدوام والمنهاج ،والآن تسعى العتبة الى بناء مجمع مدارس يضم ست مدارس موزعة على قاعدة المناصفة بين الذكور والإناث.
حتى الإرشاد الأسري يحظى باهتمام العتبة لجهة انشاء مراكز تعتني خصيصا بالمرأة، ومراكز عيادات نفسية للمراهقين، هذا بالإضافة الى دورات عديدة في هذا المجال.
يلفت فضيلته الى أن العتبة تحاول أن تبني في كربلاء معهدا لايواء الطبقة الخطرة من المجتمع، والمتمثلة بمرحلة المراهقة، لما لها من تأثير على الاجيال القادمة، ويؤكد الشيخ أن بعض الأطفال يهربون من أسرهم، بعضهم فتية، وكثيرات هن الاناث ايضا اللواتي يهربن والأسباب كثيرة على رأسها التعنيف الأسري، تقوم هذه المراكز باحتواء هذه الأعداد الكبيرة واقعا، وتعمل على تعليمهم واحتوائهم وحمايتهم ، بالاضافة الى تنظيم برامج تعليمية وتثقيفية وورش تأهيل، ومن ثم يعاد دمجهم بالمجتمع.
ويضاف الى مشاريع العتبة ، المشاريع الخاصة بالمرجعية والتي تشتمل على ذات المضامين،يضاف اليها تقديمها خدمات خالصة كاملة وشاملة مجانية للأيتام،وذلك في سياق برنامج تنمية مستدامة ، ولا تتركهم الى ان يصبحوا منتجين وقادرين على القيام بواجباتهم الانسانية.
اذا،هي رسالة سامية وراقية تطلع بها العتبة الحسينية الشريفة،ان دلت على شيء فهي تدل على حسن إدارتها،وثقافتها العالية،والتفاتها ومتابعتها لأدق التفاصيل، سعيا منها لبناء إنسان يكون حريصا على إنسانيته ودينه وعراقه.