اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في رسالة الجمعة لهذا الأسبوع “أن لبنان يمر في مرحلة صعبة ومصيرية ويواجه تحديات كبرى في ظل صراعات وانقسامات طائفية ومذهبية، لا يمكن أن تتوقف عند حدود طالما الرهانات كثيرة والانتماءات عديدة، وقد تنفجر الأوضاع في أي لحظة لأن ما يشهده اللبنانيون من احتقانات سياسية واقتصادية ومالية ومصيرية أمر خطير وكبير جدا، ولا يمكن مواجهته إلا بالتهدئة واعتماد الخطاب الوطني والعقلائي والتبصر مليا في اتخاذ الخطوات والإجراءات العملية التي تؤمن الحد الأدنى من الوعي والرصانة السياسية والاتزان الوطني وإلا فنحن ذاهبون إلى ورطة وطنية لا تبقي ولا تذر”.
وأكد “أن اللعب بمصير الوطن أمر مرفوض وغير مقبول، فالوطن أمانة والتفريط فيها غير جائز، وغير مسموح به لأي كان مهما كانت الاعتبارات وبلغ حجم المصالح، لأن المصلحة الوطنية تبقى فوق كل الحسابات ولا يوازيها أية مقاربات أو اجتهادات”.
واعتبر المفتي قبلان “أن الحوار المعقلن والواقعي بين اللبنانيين هو المسار الوحيد والصحيح الذي يؤمن التلاقي والتوافق وما دونه يعني أننا ذاهبون إلى ما لا تحمد عقباه”.آملا “أن يكون اللقاء في بعبدا الذي يسعى إليه الرئيس عون والرئيس بري في 25 حزيران محطة وطنية مفصلية وحدثا تاريخيا يتقرر في خلاله ما يمكن أن يضع البلد على سكة الحلول والخيار السليم الذي ينقذ لبنان ويؤسس لقيام دولة فعلية، طالما عانى اللبنانيون من غيابها وغيبوبتها”.
وحذر قبلان من “استمرار السياسات العشوائية والغوغائية والخطابات التحريضية والاستفزازية، في وقت يشهد اللبنانيون أوضاعا معيشية واقتصادية ومالية صعبة، وتوترات أمنية وفلتانا بالأسعار وفوضى وتلاعبا بصرف سعر الدولار، ما يستدعي بذل قصارى الجهود وتكثيف التعاون من أجل التوصل إلى حلول عملية لهذا الواقع المالي والنقدي المتدهور، والذي لم يعد يطاق، كما لا يجوز أن تستمر وتيرة المناكفات والمشاحنات على هذا النحو من الكيد والحدية واصطناع الفتن، لأن في ذلك أثمانا كارثية سيدفعها اللبنانيون وستكون على حساب الهوية والكيان”.
وطالب “كل القيادات والمرجعيات بوقف لعبة التدمير الذاتي للبنان واللبنانيين، والتطلع بصدق إلى ما يجمع اللبنانيين لا إلى ما يفرقهم، لأن خلاص البلد لا يتم ولن يتحقق إلا بالوحدة وبذل التضحيات وتقديم التنازلات التي وحدها تنقذ لبنان وتحافظ على كينونته وطنا حاضنا ونهائيا لجميع أبنائه، بعيدا عن كل مشاريع التجزئة والتقسيم والتوطين”.
كما طالب المفتي قبلان “الحكومة والقوى الوطنية بضرورة تزخيم دور الدولة الاجتماعي، وإنقاذ ناسها والاندفاع نحو الاستيراد المباشر والعمل على الاقتصاد الوطني الموازي، خاصة الزراعة والصناعة الممكنة عبر الجمعيات والكيانات والأشخاص والقوى الوطنية، فضلا عن دور الدولة المباشر لاستيراد المواد الأولوية والأساسية، لأن القضية قضية إنقاذ بلد ووطن وشعب، في مواجهة سياسة تريد تغييرنا، تريد تجويع لبنان لتغيير وظيفته السياسية، ولتحويله إلى وظيفة إسرائيلية وبلا هوية أو قدرة ذاتية، وعلى طريقة قوانين العقاب بالمفرق”.
وأشار إلى أن “ما نعاني منه اليوم بسبب هيمنة واشنطن التي تصر على تحقيق مصالحها وأولوياتها اللاإنسانية ولو على حساب وطريقة إبادة شعوب وأمم بأكملها، بخلفية خصومات سياسية أو مصالح اقتصادية لها تقع ما وراء المحيطات”، لافتا إلى أنها “اليوم فرضت علينا طاعونها المسمى بـ”قيصر”، الذي يطال صميم عيش الشعب السوري ودواءه وحاجاته، وهو نفس السياسة التي أرادتها واشنطن في تطويع النظام السياسي في لبنان عن طريق تجويع اللبنانيين وعن طريق سحق قدرتهم ودولتهم وبقية صمودهم على قاعدة إما الجوع أو الخضوع. وهذا يفرض علينا أن نتوجه نحو الشرق، وإلا فإننا متجهون نحو الكارثة، نحو الجوع والسقوط المروع، وعلى المعنيين أن يأخذوا قرارا شجاعا في هذا الشأن لمساعدة دولتهم ووطنهم وإنقاذه من أزمته التاريخية”.