كتب الأخ زياد الزين مقالة بعنوان:
“سمو الروح”
لا تعريف اقوى وأبقى على الاطلاق من قوله تعالى : ” ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً،
وعن سمو الروح الانسانية لا يمكن الا التعمق بسيرة نبي الله عيسى بن مريم (ع) ” قل نزله روح القدس من ربك بالحق ) (نحل 102) “
والسياق المثالي يدفعنا ايضا للامتثال الكامل دون مواربة لأب الانسانية الامام علي (ع) اذ ان كل أقاويل الحكماء عن علي تدل إلى الاتصال المباشر بروحه، تلك الروح التي كمنت وراء (نهج البلاغة) فكان لها أشبه بالدليل الهادي الذي يقود الخابط في الصحراء إلى الواحة الرحبة.
وعود على بدء هذه المقالة وربطها بذكرى الميلاد المجيد ، ومن دون مقاربة مباشرة لعناصر وتعاريف السمو الروحي، قرأت مليا موقفا لافتا بمضمونه ولغته لأحد كبار المطارنة: “أين نحن من هذه الصلوات التي نتلوها في جو التفاوت والتواضع، ثم نخرج منها إلى جو الأنانية والجشع؟ أين نحن من التآخي مع البشر والخليقة المتألمة، المستغلة المباحة؟ “
هذا نموذج من المزج الفكري الراقي، السامي والملائكي لمن تخلوا عن نزعة الانانيات وارتقوا الى عالم التلاقي والتحاور وهم أنفسهم الذين ابتدعوا نماذج من التواضع ليؤكدوا السمو الروحي، لأن التكامل مع الانسان هو أحد ركائز العلاقة مع الله. هل يمكن امام عمق هذا المخزون الفكري، ان لا تتمسك أينما كنت فكريا وفي كل موقف امام النحت الانساني الذي حفره الامام القائد موسى الصدر في عقول التحجر والتصلب والارتهان، وانه الوحيد الذي حرر العقول من ديمقراطية زائفة اسمها العائلية والعنصرية وقبل كل ذلك اسقاط هيكل الاقطاع السياسي. أليست المسافات قصيرة بين المسجد والكنيسة؟ لم يقطع طريقها امام الوطن بالنظريات المهيمنة، بل رمقها بعيون المجد . ولم تكن بحة الصوت يوما من ضعف بل اقحوانة الحرص في بلد ما زال يبحث عنه وما زال الأمل فينا ينمو.
لم اتوقف كقيادي في حركة انسانية ، الا باعجاب فطري غير مصطنع امام مجموعة عفوية غير مبرمجة من زيارات التهنئة للمقامات الروحية المسيحية على طول خريطة وحدة الوطن ، اللقاءات اذابت سم من يريد فتنة مضمورة إسلامية مسيحية ، والتأكيد ان زمن الحرب العبثية قد ولى ؛ وان في لبنان شجرة ميلادية خضراء اسمها ” أمل ” ، والتي احاطت الوحدة الوطنية والسلم الأهلي بحصانة رموش رميش وعين ابل ودبل والقاع ودير الأحمر وسواها ؛ فلم تكن رسالة دولة الرئيس نبيه بري الميلادية ؛ مجرد واجب سياسي يؤديه رجل سياسي ؛ انها خارطة طريق لمن يريد وطنا والأهم لمن يعترف بمواطنيه.
