سيتقدّم الوزير السابق يوسف فنيانوس بطلب لرد القاضي نسيب إيليا عن النظر في طلب رد القاضي حبيب مزهر عن النظر في طلب رد القاضي إيليا عن النظر في طلب رد نفسه عن النظر في طلب رد القاضي طارق البيطار. وفي مسألة مخاصمة الدولة، سيطلب أحد المدّعين تنحية رئيس الهيئة العامة لمحكمة التمييز القاضي سهيل عبود. ما يجري في العدلية يكاد يكون غير مسبوق في تاريخها، وسببه الأول إصرار «حزب البيطار»، بقيادة عبود، على مخالفة القانون في دعاوى رد المحقق العدلي. اما نتيجته، فهي أن التحقيق في انفجار المرفأ يكاد يختنق تحت هذا الكم الهائل من دعاوى الرد! اختفى التحقيق في انفجار المرفأ تحت كومة من طلبات رد القضاة الناظرين في الملف والقضايا التي باتت متفرعة عنه.
طلب الوزير السابق يوسف فنيانوس رد المحقق العدلي في انفجار المرفأ، القاضي طارق البيطار. وبما أن المحكمة التي ستنظر في طلب فنيانوس سبق أن رفضت النظر في طلبات رد سابقة، تقدّم الوزير السابق بطلب رد رئيس المحكمة القاضي نسيب إيليا. تنحى الأخير عن النظر في طلب رده، فكلّف الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت، القاضي حبيب رزق الله، القاضي حبيب مزهر بترؤس الغرفة الثانية عشرة من محاكم الاستئناف في بيروت، الناظرة في طلبات الرد. بناءً على ذلك، طلب مزهر ضم ملف طلب رد البيطار إلى ملف طلب رد إيليا. «قامت القيامة» في العدلية، حيث يصرّ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود على منع أي محكمة من تنفيذ القانون الذي ينصّ على وجوب تبليغ أطراف الدعوى التي يُطلَب رد القاضي الناظر بها، كما على منع أي محكمة من رد البيطار.
المدافعون عن أداء المحقق العدلي في قضية المرفأ اتهموا القاضي مزهر بالسطو على ملف التحقيق، بعدما أبلغ مزهر البيطار بطلب الرد المقدّم بحقه من فنيانوس، و«أمره» بكف يده عن التحقيق الذي يجريه، إلى حين البت بطلب الرد. واشتعل النقاش القانوني بشأن حق مزهر بتنفيذ هذا الإجراء أو عدمه. ويستند القاضي مزهر إلى كون القاضي إيليا تنحّى عن النظر في طلب ردّه، وأن القاضي رزق الله كلّفه (مزهر) بترؤس الغرفة.
ويوم أمس، وبعد تقديم طلب لرد مزهر، قرر القاضي إيليا إبلاغه بهذا الطلب، وأمهله ثلاثة أيام لتقديم ملاحظاته عليه، كما أبلغه بوجوب كف يده مؤقتاً عن الملف. وسجّل القاضي إيليا سابقة لجهة عدم تنحيه عن النظر في طلب رد قاضٍ ينظر بدوره في طلب ردّه! ويرى عدد من القضاة أن ما قام به إيليا إما أن يكون مخالفة جسيمة، أو أنه اعتراف منه بأن مزهر لا ينظر بطلب رده، بل إنه بديل عنه في طلب رد البيطار!
واليوم، أو غداً، سيزداد المشهد تعقيداً، إذ من المنتظر أن يتقدّم فنيانوس بطلب لرد القاضي إيليا عن النظر في طلب رد القاضي مزهر عن النظر في طلب رد القاضي إيليا عن النظر في طلب رد نفسه عن النظر في طلب رد القاضي بيطار!
غالبية أعضاء مجلس القضاء الاعلى اعتبروا ان القاضي مزهر لم يخالف القانون
هذه «الشربوكة» القضائية غير مسبوقة، وسببها إصرار «حزب البيطار» في العدلية، بقيادة رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي، على مخالفة القانون، لجهة عدم السير في أصول النظر في طلبات الرد التي جرى التقدّم بها من قبل عدد من المدعى عليهم في قضية المرفأ. فعبّود «هندس» توزيع الطلبات وغرف المحاكم التي تنظر بها، لضمان منع رد البيطار، أو حتى تبليغه وفق الأصول بطلبات رده، فضلاً عن رفض هيئات المحاكم «التابعة» له، اتباع أصول تبليغ الخصوم في الدعاوى التي يُطلب رد القضاة الناظرين بها.
يوم أمس شهد تسجيل خمس شكاوى قضائية، اثنتان منها تقدم بهما مكتب الادعاء عن الضحايا الأجانب من الفئات المهمشة. الأولى بحق القاضي حبيب مزهر أمام التفتيش القضائي للمطالبة بوقفه عن العمل وإحالته إلى المجلس التأديبي. أما الشكوى الثانية فتقدم بها المكتب أمام مجلس القضاء الأعلى. الشكوى الثالثة بحق مزهر أيضاً تقدمت بها الدائرة القانونية لمجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام» أمام هيئة التفتيش القضائي على خلفية طلبه من البيطار إيداعه ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. في مقابل الشكاوى الثلاث هذه، تقدم النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بشكوى لمخاصمة الدولة اللبنانية بشأن المسؤولية الناجمة عن القرار الصادر عن محكمة التمييز المدنية، الغرفة الخامسة التي ترأسها القاضية جانيت حنا، وتضم إلى جانبها المستشارين القاضيين نويل كرباج وجوزيف عجاقة، والذي نصّ على «عدم إبلاغ القاضي المطلوب رده المحقق العدلي طارق البيطار والخصوم لطلب الرد المقدم من المدعيين وعدم قبول طلب الرد».
أما الشكوى الخامسة فتقدم بها فنيانوس طالباً ردّ القاضية روزين الحجيلي المستشارة في محكمة استئناف بيروت الناظرة في دعوى ردّ المحقق العدلي. ومن المتوقع أن يتقدّم فنيانوس بطلب لمخاصمة الدولة أيضاً، ثم تقديم طلب لتنحية القاضي سهيل عبود، بصفته رئيس الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي ستنظر في دعاوى مخاصمة الدولة. خلاصة ما تقدّم أن هذه «الظاهرة الفلكية»، على حد وصف أحد القضاة، ستؤدي إلى تعطيل كل القضاة عن النظر في التحقيق بانفجار المرفأ، كما عن سائر القضايا المتصلة به.
مجلس القضاء الأعلى اجتمع أمس، وعلى جدول أعماله عدد من البنود، أبرزها رغبة رئيسه القاضي عبود بتثبيت رؤساء غرف التمييز المنتدبين من قبله، والذين يدين معظمهم بالولاء له، في مواقعهم. وقبل وقت قصير من انعقاد الجلسة، أدخل عبّود على جدول الأعمال قضية القاضي مزهر. تولى الأخير بعد افتتاح الجلسة دفة الكلام وتقدم بمرافعة قانونية تدعم قراره، ووقف إلى جانبه عدد من زملائه، معتبرين أنه لم يخطئ. لكن عبود أشار إلى أن لديه رأياً آخر من دون شرحه. وطالب مزهر بأن يُصدر المجلس تعميماً للالتزام بأصول تبليغ دعاوى الرد، فرفض عبود، كرفض مطالبة مزهر بإحالة قضيته إلى التفتيش «إذا كنتُ مخطئاً». ولمس عبود وجود دعم في المجلس لمزهر، فختم الجلسة بقرار «ترك الدعاوى تأخذ مسارها القانوني». وبحسب مصادر المجلس، فإن اجتماعه الذي دام لأكثر من أربع ساعات، لم يشهد مشاحنات بخلاف ما قيل في بعض وسائل الإعلام أمس.
إجرائياً، وبعدما عمّم المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان مذكرة التوقيف الغيابية بحق النائب علي حسن خليل على قوى الأمن الداخلي لتنفيذها، وفي ضوء رفض مدير عام قوى الأمن الداخلي تعميم مذكرة توقيف الوزير خليل، أوضحت قوى الأمن أنّ اللواء عماد عثمان راسل القضاء بشأن المادة الأربعين في الدستور التي لا تُجيز توقيف نائب أثناء دورة انعقاد المجلس ليُصار إلى تأكيد الطلب قبل المباشرة في التنفيذ. الأخبار