انتقل الصرّافون من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، خصوصاً بعد حملة التوقيفات التي طالتهم في الساعات الماضية، رافضين تحميلهم مسؤولية الارتفاع الجنوني لسعر الدولار على حساب الليرة اللبنانية، ودافع الصرافون الموقوفون أمام النيابة العامة المالية، عن تداول سعر الصرف الذي يعتمدونه على قاعدة العرض والطلب، محمّلين المصارف مسؤولية حجز العملة الصعبة، وترك التداول النقدي للدولار في السوق السوداء، بحسب ما كتبت صحيفة “المدن”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مواكبة للتحقيقات التي يجريها القضاء مع الصرّافين، الذين جرى توقيفهم وإقفال مؤسساتهم بالشمع الأحمر لعدم تقيّدهم بسعر 3200 ليرة للدولار الواحد، قولها إنّ هؤلاء اعتبروا خلال الادلاء بإفاداتهم أن “المصرف المركزي يعتمد معايير مزدوجة في التعامل مع المؤسسات المالية”. وقالت المصادر إنّ الصرافين الموقوفين سألوا: “كيف يحدد سعر التداول عند الصرافين بـ 3200، في حين أن تسعيرة الدولار عند و”يسترن يونيون” وOMT وغيرهما تتراوح ما بين 3800 و4000 ليرة مقابل الدولار المحوّل من الخارج؟”.
ونفى الصرّافون الذين خضعوا للتحقيق ما يتمّ تداوله عن شراء الصرافين للدولار بأسعار مرتفعة، ومن ثم تهريبه إلى الخارج، بحسب الصحيفة . وأكدت المصادر نفسها، وفقاً للصحيفة، أن الصرافين جزموا بأن “بيع الدولار ينحصر بالشركات التجارية التي تشتري السلع من الخارج، نتيجة عجزها عن تحويل الدولارات من حسابها في المصارف”، وكشفوا أن “كل مؤسسة للصيرفة لديها ما بين 4 و6 شركات كبرى، تشتري ما يقارب 500 ألف دولار يومياً”، مؤكدين أن “هناك طلباً من التجار بحدود خمسة ملايين دولار يومياً، والجزء الأكبر من هذه الدولارات تذهب لمستوردي المواد الغذائية وتجار اللحوم”.
وفي ظل الملاحقات، رفض الصرّافون تحويلهم إلى “كبش محرقة” في الصراع القائم بين السلطة السياسية وحاكم مصرف لبنان، وأشاروا إلى أن “السوق السوداء باتت المحرّك الوحيد للاقتصاد اللبناني في هذه المرحلة، والمتنفس الوحيد الذي يستعين به اللبنانيون للحصول على عملة صعبة لتحويلها إلى أبنائهم في الخارج”، استناداً لما نقلته الصحيفة.
ووفق المعلومات المستقاة من مصادر التحقيق، فقد اعترف الصرافون بـ”وجود ما يقارب عشرة مليارات دولار هي قيد التداول في السوق السوداء، منذ أن كان سعر الدولار مستقراً عند حدود الـ 1500 ليرة، وهذا المبلغ بات يساوي ثلاثة أضعاف قيمته، مع بلوغ سعر الدولار عتبة الـ 4500 بسبب تزايد الطلب عليه، جراء أزمة السيولة التي يعاني منها البلد منذ ما قبل 17 تشرين الأول الماضي”.