بعد المجزرة المروعة الذي ارتكبها الكيان الصهيوني في المستشفى الأهلي المعمداني في غزة حاول العدو بكل جهده خاصة عبر أذرعه الإعلامية الرسمية أو عبر وسائل اعلامية مأجورة منه او من حليفته أميركا تغيير الوقائع وتركيب بعض مشاهد الفيديو لالصاق التهمة بالجهاد الإسلامي وذلك بعد ان تبين حجم هذه الجريمة البشعة. لكن معظم الخبراء رفضوا مزاعمهم وأكدوا الحقيقة أن المجرم هي “إسرائيل” وثبتوا بالوقائع وحتى بنوع السلاح المستخدم.
المجزرة التي أدت الى استشهاد أكثر من 500 فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء وبحسب الإحصائيات تعتبر مجزرة “المعمداني” أكبر مجزرة في التاريخ الفلسطيني وحتى أكبر مجزرة في تاريخنا المعاصر .
قبل أيام من وقوع المجزرة نشر قسيس الأبرشية الأنغليكانية في القدس المحتلة دونالد بيندر، منشوراً على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك يقول فيه: “تنبيه: هجوم على المستشفى الأهلي بالصواريخ الإسرائيلية”.
وقال القسيس أيضا ان المستشفى قد تضرر منها الطابقانن العلويان وهما القسم المتخصص بعلاج الأمراض السرطانية وأدى الإستهداف أيضا الى إصابة أربعة موظفين.
وتابع القسيس:” الإستمرار بالصلاة من أجل سلامة المستشفى والموظفين والمرضى” وكشف أيضاً أن المستشفى بات مأوى للكثير من العائلات النازحة من مناطق مختلفة من غزة.
كما دعا بيدور كل ساسة العالم ممن يستطيع التأثير على “الإسرائيلي” ان يضغط على حكومته لتحييد المستشفى من الإستهداف. هذا كله يشير أن القسيس كان متخوفاً أن يستهدف جيش العدو المستشفى بناءً على تحذيرات وصلت له بشكل مباشر أو تخوفه هذا بعد اصابة الطابقين في القصف. ولم يكنف بيدور بذلك بل نشر أيضا مكان المستشفى واحداثياتها في محاولة منه الى توضيح مكانها ليقول للمجرم أن هذا المكان بداخله فقط مرضى وأطفال ونساء لا تقصفوه حيدوه.. ولكن دون جدوى.
بعد دقائق فقط من تعرض مستشفى المعمداني للقصف قال مراسل الشؤون الفلسطينية في قناة 12 العبرية إيهود حمو، في خبر عاجل وتبدو عليه ملامح الصدمة: “يبدو قبل دقائق أن شيئاً كبيراً يحدث في غزة. قصف إسرائيلي على المستشفى المعمداني في القطاع. هناك أنباء عن عدد كبير من القتلى، وفق أنباء أولية يدور الحديث عن 200 أو 300 قتيل، وهناك صور صعبة من المكان وحديث عن الكثير من العالقين تحت الأنقاض”.
تصريحات حمو اثارت جدلاً في الكيان واعتبرها البعض”الأكثر ضرراً لإسرائيل” وتسببت بحالة من الغضب على وسائل التواصل الإجتماعي. ففي الوقت الذي كان يسعي فيه العدو للملمة الجريمة على كافة المستويات السياسية والأمنية وتخفيف الغضب الدولي على المجزرة عن طريق الهروب منها جاءت تصريحات المراسل بشكل واضح “إسرائيل” هي المسؤولة.
وعلى الهواء مباشرةً أيضاً، وقبل أن تتخذ وسائل الإعلام الغربية موقفاً، وتتبنى الرواية الصهيونية، قال راف سانشيز، مراسل قناة CNBC الأمريكي، إن “مثل هذا العدد من القتلى ليس ما يرتبط بالعادة بالصواريخ الفلسطينية، هذه الصواريخ خطيرة، هذه الصواريخ مميتة، صواريخهم لا يمكن أن تقتل هذا العدد من الناس في ضربة واحدة”.
وبعد أقل من ساعة على المجزرة، سارع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، إلى إنكار مسؤولية الجيش، واتهم “الجهاد الإسلامي” بالمسؤولية قائلاً: “بربريون، قتلوا أطفالنا والآن يقتلون أطفالهم”.
الجيش “الإسرائيلي” سارع هو الآخر إلى البدء في عملية “تسويق” واسعة للرواية الكاذبة بالتزامن مع استنفار العدو عبر جميع أذرعه الإعلامية للذود عن جيشه، وجاء في أوّل بيان للجيش: “نُجري اتصالات مع وحدة غزة للتأكد من الأمر”، ثم سارع بعدها إلى بيان آخر نُشر في تمام الساعة 22:36 بتوقيت القدس المحتلة قال فيه: “حركة (الجهاد الإسلامي) مسؤولة عن إطلاق الصاروخ على المستشفى”.
في محاولة منها لاستكمال التزوير عرض الكيان عبر صفحاته الرسمية مشهداً مصوراً على جميع وسائل الإعلام المحلية والدولية، وهو مشهد ملتقَط بواسطة طائرات مسيّرة تظهر فيه صواريخ، وكأنها تسقط في مكان المجزرة، لكنها سارعت إلى تعديل المنشورات بعد ذلك لإزالة الفيديو الذي أثار ضجة، إذ اكتُشف أن الفيديو المزعوم التُقط في تمام الساعة 19:59 مساءً، أي بعد نحو 40 دقيقة من وقوع المجزرة.
لم تكن فيديوهات العدو مقنعة لأحد ولا لوسائل الإعلام الدولية. على سبيل المثال نشر روبرت ماكري، وهو صحفي تحقيقات في صحيفة نيويورك الأمريكية، تغريدة قال فيها: “هذا الفيديو قدّمته إسرائيل دليلاً على أن المستشفى تَعرّض للقصف من مسلحين، ثم عدّلت التغريدة فقط من أجل إزالة الفيديو”.
ونشر الصحفي الاستقصائي الأمريكي جاسون بلادينو، في تغريدة له: “أستطيع القول إن هذه هي اللقطات الوحيدة القريبة من الغارة، ولا تبدو الصفارة التي تسبق الانفجار متسقة مع بقايا صاروخ سقط عن طريق الخطأ”، ونشر الصحافي مشهداً آخر للمقارنة، عبارة عن مشهد لغارة إسرائيلية سابقة على غزة نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، ويبدو واضحاً أن الصوت متشابه تماماً.
كما ونشر العديد من الصحفيين العرب والأجانب الكثير من مشاهد لغارات إسرائيلية سابقة على قطاع غزة، كلها تؤكد أن صوت الغارة يأتي متشابهاً.
لطالما زعم هذا الكيان المجرم أن مستشفيات قطاع غزة تشكل تهديداً له ويزعم أن فصائل المقاومة الفلسطينية تتخذ من المستشفيات حصناً له وهو ما تنفيه الشهادات القادمة من غزة على مرّ السنين، وتُكذّبه الصور الواردة، وآخرها من المستشفى المعمداني الذي تعرض للقصف.