في مقابل تصاعد دعوات أهالي التلامذة لإنهاء العام الدراسي واستكماله في بداية أيلول، وتأجيل الامتحانات الرسمية، والإعفاء من الأقساط المدرسية المتبقية، جدّدت وزارة التربية، أمس، التأكيد أن الامتحانات الرسمية قائمة في مواعيدها المحددة، وأنّ الأخبار الرسمية بشأن مصير العام الدراسي والامتحانات تُستقى فقط من وزير التربية طارق المجذوب أو من مكتبه الإعلامي، وأي سيناريو يُنشر خلافاً لذلك غير صحيح. ولوّحت الوزارة بمحاسبة من يروّج للشائعات.
أما التربويون فمنقسمون بين من يرفض وقف العام الدراسي ويؤكد أهمية الاستفادة من التعليم عن بعد ولو بحده الأدنى وعدم إلحاق الخسائر بالتلامذة، وبين من يقترح خطة بديلة في حال امتداد الأزمة إلى ما بعد 15 نيسان المقبل. وبدا أن هناك شبه إجماع على استبعاد خيار الإفادات.
وكان اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة طالب باتخاذ قرار فوري بتأجيل مواعيد الامتحانات الرسمية إلى ما بعد انتهاء أزمة كورونا، ومتابعة التدريس عن بعد لإبقاء التلامذة في الجو المدرسي. وناشدت رئيسة الاتحاد لما زين الطويل وزارة التربية تحديد مصير العام الدراسي، في مهلة أقصاها 15 نيسان, ومن ثم وضع خطط بديلة للتعويض عنه بحدّه الأدنى، إذ لا يمكن إبقاء التلامذة في حالة قلق وإرباك وضغط في هذه الظروف الاستثنائية. كذلك طالبت بالتوقف الفوري عن مناشدة الأهل دفع الأقساط وتقديم موازنات استثنائية تتناسب مع الظرف الاستثنائي، على أن يعتبر الأهل القسط الأول الذي دفعوه كافياً وعادلاً والتريث بدفع باقي القسط إلى حين جلاء الصورة.
اتحادات وتجمعات لجان الأهل في كسروان الفتوح وجبيل والمتن وبيروت رأت هي الأخرى أنّ من المعيب المطالبة بدفع الأقساط المدرسية قبل انتهاء الأزمة وعودة الأمور الى طبيعتها مع المطالبة بإعفائهم من الأقساط المتبقية. كذلك شدّدت على تخفيف الضغوط عن التلامذة وأهلهم ومعلميهم، وأخذ القرار بوقف الشرح بواسطة الانترنت والاكتفاء بإرسال تمارين من الدروس التي تم شرحها في الصف للعمل عليها خلال العطلة القسرية. وطلبت درس إمكان دمج ما تبقّى من المنهاج مع السنة الدراسية المقبلة، ما عدا صفوف الشهادات الرسمية.
وفي ظل الوضع الطارئ غير المسبوق في تاريخ لبنان والعالم، رأى القيادي في التيار النقابي المستقل، جورج سعادة، أنّ التيار لا يمانع إلغاء الشهادة المتوسطة (البريفيه) لهذه السنة واعتبار امتحانات المدارس هي مقياس الترفيع أو الإعادة، نظراً إلى الواقع النفسي الضاغط الذي يعانيه التلامذة. أما بخصوص الشهادة الثانوية فيجب الحفاظ عليها وإجراؤها في الوقت المناسب، مع الأخذ في الحسبان ما يمكن إتمامه من المناهج وقد ينفذ التخفيف إذا لزم الأمر. و إذا استمرت الأزمة إلى ما بعد نهاية نيسان، رأى سعادة ضرورة تأجيل استكمال السنة الدراسية الجارية إلى أول أيلول على أن يستكمل المنهاج المتبقي خلال شهرين وتحصل امتحانات الفصل الأخير ليحسب مع النتائج التي حصلت في الفصل الأول وتعطى النتائج، على أن تبدأ السنة الدراسية المقبلة في الأول من كانون الأول.
وفي ما يخص التعليم عن بعد، فإن التيار، بحسب سعادة، يؤيد التجربة مع تحفظه عن عدم جهوزية المعلمين والمتعلمين لتنفيذ التطبيقات اللازمة بشكل متساوٍ، عدم توفر الكهرباء والنت السريع لكل اللبنانيين، عدم توفر الهاتف الذكي والكمبيوتر لدى شريحة كبيرة (الفقراء،…..)، عدم شرح مهارات جديدة وأهداف جديدة، وإعادة شرح وتأكيد المهارات والأهداف التي تم شرحها قبل الأزمة والإقفال من دون إجراء تقييم ومحاسبة، والتأكيد على كامل حقوق المتعاقدين على أساس احتساب كامل عقدهم السنوي وحقوق معلمي المدارس الخاصة.
الأستاذة في كلية التربية في الجامعة اللبنانية، نورما غمراوي، أيّدت إلغاء البريفيه، إذ لا مبرر لوجود هذه الشهادة أصلاً، باعتبار أن الممارسات الدولية للتقييم تتجه إلى التخفيف من هذا النوع من الامتحانات التي تستغرق وقتاً مقابل التغذية الراجعة لها.
وقالت بأن لا مانع من انتهاء العام الدراسي الآن واستكماله في بداية العام الدراسي المقبل لكون الإصرار على الاستخفاف بالوضع الخطير الذي يعيشه التلامذة وأهاليهم وانعدام العدالة الاجتماعية وعدم قدرة الكثيرين على مواكبة التعليم عن بعد نفسياً وتقنياً هو فضيحة تربوية، أما الامتحانات لشهادة الثانوية العامة، فلا يمكن، بحسب غمراوي، أن تجرى في موعدها المحدد، ولا مانع من إعطاء الإفادات إذا كانت في وقت سابق قد أعطيت لسبب سخيف وتافه.
في المقابل، وصف الباحث التربوي عدنان الأمين خيار إنهاء العام الدراسي بأسوأ الخيارات وبـ «أكسل حل»، لكون المعيار الأساسي هو الحرص على مصلحة التلميذ، وفي مثل هذا الخيار التلميذ هو الخاسر حتماً. من هنا، دعا إلى اختراع طرق للتواصل بين المعلمين والتلامذة رغم العقبات الموضوعية وهشاشة أوضاع بعض التلامذة ولا سيما في المدارس الرسمية. أما إلغاء الشهادات الرسمية وإعطاء الإفادات فهما مطلب السياسيين ولا يجب أن يكون مطلب التلامذة.
اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة لا يوافق على إنهاء العام الدراسي وإلغاء الشهادات الرسمية. ولفتت المسؤولة التربوية في جمعية المقاصد سهير زين إلى أننا نحتاج إلى الترقب ريثما تنجلي الأمور ولسنا في وضع حرج، طالما أن الأزمة عالمية، ويجب أن ندرك أننا لا نستطيع تقييم التلامذة من خلال التعليم عن بعد، فهذا الأمر غير مسموح به تربوياً وقانونياً.
في صفوف رابطة المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي من يطالب بإنهاء العام الدراسي، إلاّ أن رئيس الرابطة حسين جواد يتحدث عن توافق على أهمية استفادة المدرسة الرسمية من خطة وزارة التربية للتعليم عن بعد لرفع مستواها، والتي تبقى أفضل من لا شيء. ويقول إن الرابطة مع مبدأ تأجيل الامتحانات الرسمية ريثما تسمح الظروف بإجرائها وعدم إلغائها.
ويرى رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي نزيه جباوي أنّ الوقت لم يستنفد بعد لاتخاذ قرار نهائي بشأن مصير العام الدراسي، وأنّ علينا التريث في طرح الأفكار، على الأقل حتى 12 نيسان، الموعد الذي حُدد لتمديد فترة التعبئة العامة، وفي انتظار ما سيؤول إليه تطور الفيروس. ويشير إلى أن الرابطة أبدت رأيها في ما يخص اللاعدالة بين التلامذة في التعليم عن بعد، وينبغي أن لا يكون ما تعلّمه هؤلاء ضمن الخطة خاضعاً للتقييم، لكونها ليست بديلاً عن الصفوف الدراسية .
رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود يوافق على أنّ من المبكر الحديث عن تقرير مصير العام الدراسي والامتحانات الرسمية منذ الآن، لافتاً إلى النقابة ترفض خيار إنهاء السنة وإلغاء الشهادات الرسمية وإعطاء الإفادات وتبدي الاستعداد لاستكمال العام الدراسي حتى لو خلال أشهر الصيف.
وجدد التأكيد على ضرورة تأمين الاستمرار بدفع الرواتب مع الاستفادة من كل التقديمات الاجتماعية.
فاتن الحاج – الاخبار