الاستاذة ماغي الخطيب
أخصائية تربوية وإجتماعية
مسؤولة مركزEdu-Cater Pro للتدريب والإستشارات
ظهرت الحاجة إلى تطوير دور القيادة بشكل ملح في عصرنا هذا أكثر من أي وقت مضى. إذ أن المؤسسات على إختلاف طبيعة عملها أصبحت تدرك أهمية الدور الذي تلعبه المهارات القيادية والقدرات التنظيمية في نجاحها وإستمراريتها في ظل بيئة عمل متقلبّة، معقّدة، ومتسارعة، وأن العصر الحالي يتطلب مهارات وقدرات مختلفة. كما أن الاتجاهات المعاصرة تشدد على أنه لا ينبغي أن يقتصر تطوير المهارات القيادية على فريق القيادات العليا في المؤسسة بل يجب أن يتعدى ذلك ليطال موظفين آخرين.
وبالتالي سيحتاج قادة المستقبل إلى امتلاك مهارات وأساليب تفكير جديدة ليتمكنوا من القيادة بفعالية. ففي غضون 10 أو 20 عامًا سيأخذ عالم الأعمال أشكالاً جديدة وستختلف طرائق العمل بشكل جذري، الأمر الذي يجعلنا بحاجة إلى شخصيات قيادية من نوع جديد قادرة على قيادة المؤسسات بالشكل الفعّال والمثمر. لهذا السبب يجب على قادة الغد إتقان مهارات مختلفة والتسلح بأساليب تفكير متطورة.
لذا يتعين عليهم تغيير أساليب تفكيرهم لفهم وتقدير الثقافات الجديدة والمختلفة، والبحث عن فرق عمل متنوعة، وقيادة فرق عمل من خلفيات متباينة، وبالتالي تحقيق النجاح المرغوب وتأمين الميزة التنافسية للمؤسسات في الأسواق العالمية الجديدة.
من ناحية أخرى، يتعين على قادة المستقبل العمل بتواضع وتحقيق التوازن بين الركيزتين الأساسيتين لنجاح أي مؤسسة والمتعلقتين بالمبادىء الإنسانية واستخدام التكنولوجيا، فضلاً عن قدرتهم على إستشراف المستقبل وإنفتاحهم على الأفكار الجديدة. وعليهم بالتالي أن يأخدوا أدوار المدربين ويعملون على تحفيز فرق العمل وإيلاء الإهتمام بكل فرد في هذه الفرق على الصعيدين الشخصي والعملي. كما عليهم وضع الخطط الإستراتيجية والبحث عن فرص وإمكانيات جديدة، بالاضافة الى ذلك عليهم إمتلاك المهارات التكنولوجية التي تخدم عمل مؤسساتهم، إضافة الى إمتلاكهم مهارات الإتصال والتواصل الفعالة والايجابية، مهارات الذكاء العاطفي الاجتماعي، والوعي الذاتي.
ومن المهارات الأساسية التي سيحتاجها كل قادة المستقبل لتحقيق النجاح في العمل:
الذكاء التكنولوجي
إن إمتلاك قائد المستقبل مهارات تكنولوجيا أساسية هي غير كافية ولا تعني أنه أصبح خبيراً تكنولوجياً. فعليه إمتلاك مهارات التحليل، الذكاء الاصطناعي والحوسبة الرقمية، وأن يدرك السبل الصحيحة لاستغلال هذ التقنيات المتطورة واستخدامها بشكل يعزز أفضل فرص النجاح للمؤسسة في سوق العمل.
الذكاء العاطفي
إن إحدى السمات التي لا يمكن لأجهزة الكمبيوتر والروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إتقانها حتى الآن هي الذكاء العاطفي، على عكس الانسان، لذلك على قادة المستقبل إمتلاك مهارة الذكاء العاطفي التي تسمح لهم بالتواصل مع فرق العمل بشكل إيجابي، والتعاطف معهم ليتمكنوا من التأثير بهم وإلهامهم وكسب ثقتهم، كما عليهم تحليل المعطيات المتوفرة ليتمكنوا من إتخاذ القرارات الملائمة في العمل وتخطي العقبات التي تطرأ، وبالتالي القيادة بنفحة إنسانية.
الذكاء الثقافي
كان للعولمة آثار هائلة على عالم الأعمال، ومع إستمرار آثارها، التي جعلت العالم أكثر ترابطًا، فإن ذلك يحتّم على قادة المستقبل إمتلاك الذكاء الثقافي، وبالتالي العمل والتواصل بفعالية من خلال تخطي الحدود الجغرافية والعبور للثقافات واللغات المتنوعة في العالم. ولتحقيق ذلك فإنه من غير الكافي امتلاك القائد المعرفة بهذه الشعوب وثقافتها وتنوعها، بل عليه توظيف هذه المعرفة والموارد المختلفة بشكل فعال لتحقيق التأثير الايجابي المطلوب وتأمين الفوائد التي تطور العمل والموظفين على حد سواء.
القيادة التشاركية
للحفاظ على تماسك ومعنويات فريق العمل، على قادة الغد أن يعملوا بشغف وحماس وأن يكونوا ملهمين ومؤثرين، وأن يتقنوا فن القيادة كعملية اجتماعية حيث تكون الإدارة القوية للأفراد هي المفتاح، وأن يقوموا بحشد جهود العاملين وإشراكهم في إتخاذ القرارات وجعلهم يشعرون بأنهم جزء أساسي من الحلول، الأمر الذي يدفعهم الى تبني أهداف المؤسسة وتحقيق أقصى استفادة منهم في بيئة شديدة التنافس.
التفكير الابتكاري
في خضم التطور المتسارع في عالم الأعمال، فإنه من الضروري أن يتمتع قادة الغد برؤية ريادية ونظرة إستشرافية وأن يمتلك مهارة التفكير الابتكاري، والتفكير خارج الصندوق من خلال طرح أفكار مبتكرة تؤمّن للمؤسسة تميزها وتساعدها في تأمين الميزة التنافسية بين مثيلاتها.
النشاط الايجابي
والمقصود بالنشاط أن يكون قائد المستقبل سعيداً وايجابياً في عمله، الأمر الذي يجعله أكثر اندماجاً وقادراً على التأقلم مع التغييرات بسرعة دون إعتبارها عبئاً ثقيلاً عليه، كما يمنحه قدرة هائلة على العمل تحت الضغوط التي تواجهه، ويمكّنه من إستخدام مهاراته في حل المشكلات وتحويل العقبات والتحديات إلى فرص للابتكار والنجاح والنمو.
المرونة المعرفية
إن العمل في بيئة معقدة، غير مستقرة وسريعة التغيير، تتطلب من قائد الغد أن يتمتع بالمرونة المعرفية التي تساعده على تحويل تركيزه من عمل لآخر ومن مهمة لأخرى. وقد يبدو إتخاذ القرارات المبينية على تحليل البيانات، وادارة الأولويات مهمة صعبة، لكن من الضروري لقائد الغد إتقانها من خلال تحديد الأهداف ومتابعتها والتقييم المستمر لها، وإستخدام التفكير الناقد ليتمكن من قيادة التغيير وتحقيقه.
إن إتقان هذه المهارات القيادية التي تم ذكرها تسمح لقائد الغد بالنجاح حيث يمكنه قيادة النمو المستدام في عصر التغيير السريع والمنافسة الشديدة.
