كانت الحكومة اللبنانية قد بدأت بتخفيف إجراءات خطة التعبئة العامة الأسبوع الماضي، وذلك قبل ارتفاع أعداد المصابين بكوفيد-19 القادمين من الخارج كما المقيمين. فازدادت المخاوف من موجة ثانية لانتشار الوباء. وأبرز العوامل التي تثير الخوف حالياً هي مسألة النازحين، والمخيمات، وعودة المغتربين.
في مقابلة مع «الجمهورية»، قال د. شرف أبو شرف، نقيب الاطباء في لبنان، وعضو في اللجنة لمكافحة كورونا: «لم يتبيّن بعد أنّ لبنان بلغ ذروة انتشار وباء كوفيد-19، لذا من المتوقع أن نشهد موجة ثانية من انتشار الفيروس وارتفاعاً في أعداد الاصابات بشكل كبير»، وقد بدأت بالفعل تظهر بعض المؤشرات.
ولفت د. أبو شرف إلى أنّ «أكثر العوامل التي تثير المخاوف حالياً في سياق انتشار الفيروس هي مسألة النازحين، والمخيمات، والعائدين من بلاد الاغتراب. ويبدو، وبالتنسيق مع «الأنروا» ومنظمة الصحة العالمية، أنّ منطقة النازحين هي تحت السيطرة ومنطقة المخيمات أيضاً، لكنّ مسألة المغتربين تثير القلق.
فقد يُلحق المغتربون الضرر بأنفسهم كما بالآخرين. هذه المسألة بمثابة «قنبلة موقوتة» في حال عدم التعامل معها بطريقة علمية. من واجبنا استقبال اللبنانيين والاهتمام بهم، ولكن بطريقة تسمح لنا بالحفاظ عليهم كما على الموجودين في البلد. لا يمكننا استقبال 10 آلاف مصاب في آن واحد مثلاً، إذا كنّا غير قادرين على مراقبتهم والاهتمام بهم وحمايتهم مع الآخرين. علينا أن نفهم أنّ السياسة لا مكان لها في هذه المسألة، ونحن بحاجة إلى استراتيجية علمية كي لا ترتدّ المسألة سلباً علينا، فيصبح حال لبنان كحال إيطاليا وإسبانيا».
وأضاف: «في السابق، كان موضوع عودة المغتربين تحت السيطرة. ولكن وجدنا على سبيل المثال 34 حالة إصابة على متن طائرة واحدة، ومن الممكن أن يكونوا قد نقلوا العدوى لعدد أكبر من الموجودين في الطائرة نفسها. نحن نجري فحص الـPCR لكل شخص وافد من الخارج، ومن الطبيعي أن نجد 3 او 4 حالات إصابة، ولكن ليس 34! ما زال هناك أعداد كبيرة تريد العودة إلى لبنان، لا سيما من أفريقيا. لذا، من الضروري أن نرسم استراتيجية واضحة لعودة آمنة».
بين تخفيف الإجراءات وإعادة تشديدها
وصرّحَ نقيب الأطباء أنّ «أكثرية الشعب أصبحت واعية بما فيه الكفاية، ونحن نحاول توعية النسبة الباقية من خلال الإعلام الذي أدّى دوراً أساسياً في هذه الازمة، بالتعاون مع وزارة الصحة وبدعم من إرشادات نقابة الاطباء. وكلّ ذلك سمح لنا بالوصول إلى نتيجة جيدة، ولكن إذا تراخَينا في أي لحظة فإنّ الحالة ستتدهور».
منذ إعلان الدولة تخفيف إجراءات الوقاية، بدأت الشركات تفتح أبوابها، وعاد قسم كبير من الشعب إلى التنقّل بحرية والتلاقي والخروج من المنزل. واعتبر د. أبو شرف الأمر «خطراً إضافياً يرفع احتمال حدوث موجة ثانية، لذا أصررنا كلجنة مكافحة الوباء على الحفاظ على الإجراءات والتدابير الوقائية الضرورية، مثل ارتداء الكمامات والالتزام بالتباعد الاجتماعي وعدم إلقاء التحية باليَد وغيرها». وشدّد: «الخطر ما زال موجوداً، لذا علينا الاستمرار في تَوخّي الحذر».
موجة ثانية قريبة؟
بحسب د. أبو شرف: «كان من المتوقع ان تأتي الموجة الثانية في الخريف مع البرد والشتاء والرطوبة. ولكن «إذا فِلت الملقّ» ستحصل الموجة الثانية قريباً جداً. والمحزن انه اذا ارتفعت الاعداد بسرعة كبيرة، لا يملك لبنان ومستشفياته إمكانية احتوائها.
في الواقع، حقق مستشفى الحريري بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة نجاحاً في استيعاب الحالات التي تمّت مراقبتها ومعالجتها، وقام بعمل جبّار. كما تمكن عدد من المستشفيات الخاصة من تخصيص فسحة لهذه الحالات ومعالجتها. ولكن بالعموم، المستشفيات قادرة على أن تستوعِب حالات كورونا جديدة إذا ظهرت تدريجاً، ولكن إذا ارتفعت الأعداد بسرعة، لا تستطيع احتواءها على الإطلاق، على الرغم من جهود الطاقم الطبي والتمريضي، وهذا ما يثير المخاوف. لذا، نحن نطالب من جديد بإعادة تشديد الإجراءات والتقيد بكل سبل الوقاية، لأنّ تخفيف الإجراءات نظراً للحالة المستقرة في السابق، تترجَمت «فلتاناً» على أرض الواقع».
وختم د. أبو شرف: «سلاحنا الوحيد هو التقيّد بإجراءات الوقاية، وتقع المسؤولية على عاتق المواطن، بوَعيه واحترامه لقرارات الدولة الهادفة لحمايته».
الجمهورية