أشار وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن الى أن “ثقة كبيرة أوليت إلي في هذه الحكومة من قبل من رشحني الى هذا المنصب وهذا ما دفعني الى تحمل هذه المسؤولية وأتمنى من كل قلبي النجاح في مهمتي كي أخدم هذا الوطن. هناك المئات ممن يمتهنون السياسة ومن ضمن فئة التكنوقراط ويتمتعون بالخصال التي كانت تمكنهم من الوصول الى منصب وزير في هذه الحكومة، لكن هناك دائما فرصة تعطى لشخص واحد، في حكومة معينة في لحظة سياسية معينة، وهذه القرارات لا يمكن السؤال عنها،لانها تاتي وفق آلية الاختيار بميزان من ذهب وبرؤية جديدة ولا أجزم ان الحكومات السابقة لم تكن فاعلة ومنتجة بل العكس تماما، لكن اليوم لا بد من افكار جديدة بمعايير مختلفة عن السنوات الماضية تُضخ لإنجاح المشروع، في ظل أزمة كورونا، وفي ظل انهيار اقتصادي وانهيار العملة، واشتباك سياسي عامودي ونترك ذلك للأيام القادمة التي تجيب ان كانت هذه القرارات جيدة وبمحلها أم لا.
كلام الوزير الحاج حسن جاء ردا على اسئلة في مقابلة مع الزميلة دانيا الحسيني في برنامج “عالمكشوف” عبر او تي في حول قبوله بمنصب وزير في وقت لا يكفي راتبه بدل تنقلاته أجاب:
“ببساطة متناهية، البلد يمر بمرحلة مفصلية، ونحن نعاني من أزمة لم يشهدها تاريخ هذا الوطن. علينا العمل بأي جهد مهما كان صغيرا لانجاح مشروع الوطن الذي لن نجد له بديلا. ما نسمعه اليوم من معاناة ومن حزن الناس لا يستطيع بعده اي شخص مسؤول الشعور بحلاوة السلطة وكبر المنصب.
وعن مشاريعه ما بعد الحكومة نحو النيابة قال: “عند انتهاء المهمة فلن أترشح للنيابة بل سأعود بشغف من حيث أتيت، إلى عالم الإعلام حصرا.
وتابع: “كم أتمنى ان يكون عمر هذه الحكومة قصيرا لسبب واحد كي يكون الجهد مضاعفا لتحقيق انجازات ملموسة وقريبة جدا. وبعد انتهاء الحكومة حكما سأعود إلى حيث كنت.
علقت وظيفتي في فرانس ٢٤ وهذا حق مكتسب لي ترعاه القوانين المرعية في فرنسا. واعترف اني أعالج في بعض الاحيان ملفات بطريقة الاعلامي الباحث عن مكامن الخلل وآلية تنضيج الأمور للبحث عن الحقيقة.
وأضاف: ان وظيفة الاعلام تساعد في كيفية إدارة الملفات وفي فهم الناس والوصول اليهم. والسياسي اليوم برأيي يجب ان يكون قريبا من القلب والحياة اليومية للمواطنين بشفافية وسلاسة لينجح بالمهام الموكلة إليه.
العمل السياسي هو حقيقة العمل مع الناس ومسؤوليته تجاههم ليكون “خادما” لهم يتحمل كم التعب والارهاق والكثير دون انتظار كلمة الشكر بل بانتظار التأنيب والانتقاد عند التقصير، وهو الأمر الصحي بنظري كي يبقى الانسان متزنا.
وفي سؤال المراقب، عن وزير الزراعة المعروف بعدم انتمائه الحزبي، والملاحظ قربه وحجم المحبة من جمهور حركة أمل في منطقة بعلبك الهرمل أكد الحاج حسن “انتماءه الى مدرسة الإمام موسى الصدر، إمام الفكر وصاحب المعاني الوطنية التي أحيت أمة بكاملها، والذي أتى في زمن أيقظ فيه الناس من غيبوبة ليقول لهم “استفيقوا إن الحياة تبدأ من هنا”، مضيفا ان “من ينتمي الى مدرسة الامام الصدر ينتمي إلى هذا الوطن، واعتقد ان كل لبناني وطني ينتمي الى مدرسة الامام ويستقي من تعاليم مدرسته في صناعة الوعي الوطني الحقيقي رغم وجود الاختلافات والمناكفات والجدل في الحياة السياسية التي اجدها دليل صحة في اي دولة في العالم. فكم اتمنى ان يكون الامام الصدر حاضر بيننا اليوم كي يتأكد إلى أي مدى كان لصحوته انعكاس حقيقي في هذا المجتمع”.
ملف الزراعة
وحول التحرك في فتح ملف الاسواق البديلة قال: “من المفيد ان يكون المنتج اللبناني الزراعي في المغرب العربي وان يكون في أسواقنا منتجات مغاربية، وكنا قد تواصلنا في الايام الاخيرة مع سفيري الجزائر وتونس في كخطوة أولى، وكانوا حقيقة متفاجئين بتأخيرنا في بدء العمل سويا.
وعن التأخير في فتح الاسواق المغاربية وان كانت اسواق الخليج سابقا كافية رد الحاج حسن: “قد يكون الامر كذلك، وقد يكون بسبب اعتبار وزارة الزراعة سابقا هامشية، حيث كانت لبنان ينعم اقتصاديا بإيرادات سياحية وبنظام مصرفي مرتفع. واليوم بعد شلل القطاعين المالي المصرفي والسياحي برز دور الزراعة التي يمكن لها انقاذ الاقتصاد اللبناني”.
وعن تخوف اللبنانيين من سيناريو اخفاء المنتوجات الزراعية واحتكارها لبيعها بأسعار خيالية على سعر صرف الدولار كما حال السلع الصناعية أجاب: “حتما لا. الهاجس موجود بسبب التلفت الذي كان حاصلا، لكني أؤكد ان هذا لن يحصل. لقد ضبطنا الامور مع معالي وزير الاقتصاد والمدير العام محمد ابو حيدر وهناك تواصل يومي ومؤشر للأسعار نتابعه بدقة. فعلى سبيل المثال ان كان تصدير التفاح سيعمل على ارتفاع سعره في السوق اللبناني سنطلب من التجار اعادة طرح كميات منه في الاسواق من البرادات.
وفيما يخص الخضروات التي سيتم استيرادها من خارج موسمها إلى لبنان، ستخضع لمؤشر الاسعار فلا يمكن ان يصبح مثلا سعر كيلو البندورة اليوم ١٥ الف ليرة لبنانية على ابواب الشتاء دون رقيب.
وتابع: “ان ضبط الاسعار ليس من ضمن نطاق عمل وزارة الزراعة، لكننا نتابع في الايام القادمة مع الوزارات المعنية أي الاقتصاد والداخلية كيفية حل ما نقترحه مع آلية الاستعانة بكادرات بشرية لضبط موضوع الاحتكار”.
وعن أهم الشكاوى التي تتلقاها وزارة الزراعة ويعمل الوزير على متابعتها باهتمام قال: “هي قضية ندرة مياه الري أولا، بسبب تأخر موسم الشتاء، وهذا ما سمعته في كسروان ومرجعيون وبعلبك الهرمل ونتلقى شكاوى دوريا عن معاناة المزارعين في عكار.
كذلك قضية انقطاع التيار الكهربائي، وقضية تشحيل الغابات والاذونات وعدم اقتراف المحارم بقطع الاشجار وهو امر دقيق لمخالفته القانون، ونحن في طور وضع آلية باللامركزية في إعطاء الاذونات بالتشحيل فقط للمصالح الزراعية في المناطق لتسهيل عمل المواطنيين خاصة على ابواب موسم البرد والثلوج وغلاء سعر المازوت ومواد التدفئة، والتعاون والتنسيق مع مأموري الاحراج والبلديات لضبط ومراقبة كيفية تطبيق عملية التشحيل”
في السياسة
وفي سؤال حول امكانية استقالة الوزير قرداحي بعد زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى الرئيس نبيه بري أجاب: “علينا ان ننتظر الساعات المقبلة حيث يجب على بعض الامور ان تبقى بعيدا عن الاعلام لا لشيء الا لان التنضيج يكون افضل واسرع.
ومشكلة المشكلات في لبنان هو التسريب فلا دولة في العالم يعتمد فيها الاعلام على التسريب الا في لبنان، وهذا عامل غير جيد لأن السبق الصحفي هو ان تواكب الحدث لا ان تصنعه، ثم تعتذر في حال خطأ ناهيك ان كانت المواضيع في القضاء وبيد الضابطة العدلية، ونرى محاضر من التحقيق في الجرائد والمواقع، فهذا غير منطقي ولا اتكلم عن حد من حرية الاعلام هنا، بل اشدد على ان يكون للاعلام سقفا اعلى من الحرية ولكن بمنطق الحكم في بعض الملفات الحساسة التي من شأنها ان تثير الرأي العام. فالاوطان تصان باستقلالية القضاء، ولا يمكن للبنان ان ينجح دون قضاء بعيد عن السياسة، وهناك قضاة من انزه القضاة في التاريخ”
وفي سؤال
ماذا لو لم تجتمع الحكومة، اين ملف صندوق النقد الدولي والانتخابات النيابية؟
أجاب: ستجتمع. وأنا أؤكد انها ستجتمع، وهناك ملفات ستحلّ. هناك قرار بإجراء الانتخابات في موعدها من مختلف الأفرقاء السياسيين، ومعظم الماكينات الانتخابية للاحزاب السياسية قد بدأت عملها وكأن الأمور واقعة غدا.
لبنان لا يتبع الخارج، بل هو تحت المجهر الدولي من اتحاد اوروبي وأميركا والمجتمع الدولي والقوى الفاعلة جميعها تريد للبنان انتخابات تحدث تغييرا ايجابيا في المشهد السياسي بعد هذه الازمة. هناك مسلمات سياسية للأحزاب بطبيعة الحال، لكن معرفة حجم التغيير يحتاج تنجيما. ففي لبنان لا تستطيع ان تقدر ما يحصل بالنسب، حتى ما قبل الذهاب الى صندوق الاقتراع بساعات، لكن بعض التغيير أعتقده حاصلا.
وأضاف: أدعو الجميع في القارة الافريقية والاوروبية والاميركيتين التوجه للتسجيل للاقتراع للانتخابات النيابية كي يستعيد لبنان اشراقه بجهودكم، فنحن نحمل وطننا على ظهورنا ونذهب به الى اسقاع الدنيا ويبقى هذا الوطن موجودا ليس في حقائبنا بل في صدور بيوتنا حتى نعود الى حضنه مجددا.
لقد ادليت سابقا بصوتي كمواطن لبناني في باريس، وهو شعور بالفخر والانتماء في الخارج وادعو كل مغترب الى التسجيل والتصويت،
فالاغتراب وجه لبنان المشرق وانا اؤمن بصوت المغترب الذي لا يحتاج وظيفة أو خدمة، فخياراته صائبة وحكيمة مئة بالمئة.
وفي سؤال حول اداء نواب منطقة الوزير في بعلبك الهرمل، ورؤيته كمواطن قبل توليه منصب وزير، يتعايش مع الناس والمزارعين، حيث سجلت للنواب ملاحظات واستياء منهم في بعض الاحيان على مدى عشرين عاما، قال الحاج حسن:
ان العمل النيابي والتشريعي عمل مقدس في لبنان ودول العالم، لكن النائب في لبنان أصبح للاسف بسبب الازمات ذو وظائف عدة من تعقيب معاملات الى ايجاد فرص عمل الى تأمين حاجات صحية واستشفائية الى المشاركة في الافراح والاحزان وهذا أمر غير صحي بل هو واقع، فعمل النائب التشريعي في المجلس لم يعد الوظيفة الوحيدة، من هنا اتت فكرة “لبنان دائرة انتخابية واحدة”.
بعلبك الهرمل باعتراف الجميع هي من اكثر المناطق حرماناً كما عكار، فهما وجهان للحرمان. فمنذ ولادة الوطن وأطرافه مشلولة”، متسائلا” الم يكن الجنوب محتلا؟ والم تكن منطقة جبل عامل محرومة؟ ان صمود الجنوبيين لمدة عشرين عاما ساعد في تثبيت المزارع والمواطن والمقاوم في أرضه فكان الانتصار”.
لو كنت
ماذا لو كان الوزير الحاج حسن مكان الرئيس ميقاتي ليفعل أجاب:
“لفعلت كما يفعل، هذا الرجل الاكثر مرونة في الحكم اللبناني والاكثر حرصا على ادارة الامور والملفات وتدوير الزوايا بطريقة ناعمة في هذه اللحظة السياسية هو فرصة لنا حيث نعيش ضمن حقل ألغام ونحتاج من يفككها، والذي اتمنى ان يكون صلبا حتى نهاية مهمة هذه الحكومة”
وفي سؤال آخر حول “ماذا لو خيّر بين وزارة الاعلام والزراعة” أجاب:
“بعد ما يقارب الشهرين ونصف من عملي في وزارة الزراعة، وشاهدت ما شاهدت من معاناة، سعيد ان كان نصيبي خدمة ومساعدة الناس في الوقت المناسب.
بطبيعة الحال، كوني اعلامي كنت افضل للحظات الاولى وزارة الاعلام، لكن اليوم بوجود قامة وجوهرة إعلامية كالوزير جورج قرداحي لا يمكن التقدم عليه، فهو من الشخصيات البارزة والايقونات الاعلامية في عالمنا العربي وفي أي حكومة يكون فيها سيكون على رأس وزارة الاعلام.
وفيما لو كان الوزير الحاج مكان الرئيس ماكرون، أكد انه “لن يفرض عقوبات على بعض الشخصيات اللبنانية لان ذلك يخالف ابسط مبادىء التعاطي الدبلوماسي بين الدول” وتساءل : “من القائل ان للولايات المتحدة الاميركية الحق في فرض عقوبات على دولة أخرى؟ ان هذا المنطق غير موجود في العلاقات الدبلوماسية بين الدول. لكن هناك قوى أمر واقع ربما وهناك دول قوية قادرة وتستطيع ان تفرض قيود لكنه ليس من قانون يجيز لها ذلك”.
وفي الختام، سئل وزير الزراعة فيما لو كان محاوِراً ماذا كان ليسأل الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري،
فقال: “لفخامته اقول، لو كنت الجنرال عون اليوم ماذا كنت لتفعل ولتتخذ من قرارات؟
ولدولة الرئيس بري أسأل: كونك المناضل الذي كان وما زال معشوق الجماهير ما قبل وما بعد ٦ شباط، في تلك اللحظة التاريخية لهذا الوطن، ماذا كنت لتفعل؟”