بقلم : مايا حمزة
إختصاصية تربوية ومرشدة نفس إجتماعي ومديرة قسم الروضات في مدرسة اللاسيم – الشويفات
لا ريب أن العلم غذاء الفكر، ينمي العقل ويُضيءُ المناطق المظلمة فيه، فيشع نور العقل و ينير دربه ودرب من حوله. جميعنا يدرك مدى حاجة الإنسان إلى العلم وأهميته العظيمة من المهد إلى اللحد، ولكن مما لا شك فيه أيضا أنّ الانسان يحتاج نفسا سوية متزنة بقدر حاجته إلى العلم بل أكثر، فالنفس السوية عندما تتلقى العلم تبدع وتسمو، أما من يعاني من خلل نفسي فقد يخفق او يصيبه اليأس او يعجز عن التقدم وهذه الأمور كلها تقف حجر عثرة في طريق الانسان .
ولأن البيئة الملائمة لتلقي العلم هي المدرسة العائلة الثانية للاطفال، ولأن أطفالنا مروا بتجارب سيئة من جائحة كورونا إلى أزمة إقتصادية غير مسبوقة مرورا بانفجار كارثي دمر العاصمة مما قد يؤثر سلبا على نفوسهم البريئة ويُراكِم عقدا بالغةَ السطوة، كان لا بد لنا من التدخل كخبراء تربويين ونفسيين لإيلاء الشق النفسي أهمية توازي الشق الأكاديمي على حد سواء.
من أجل ذلك أجرينا مجموعة أنشطة تكشف عن كوامن أطفالنا وحاجاتهم العاطفية والنفسية والجسدية والعقلية، فتبين لنا قدرتهم الغريبة على استرجاع مواقف دافعوا عن أنفسهم فيها بعنف وقوة، في حين عجزوا عن استذكار لحظات سعادة وفرح خبروها أو عاشوها، كما عبروا عن قلقهم من العزلة وعدم القدرة على الانخراط في عالم الأقران وتكوين صداقات، ونحن ندرك أهمية التفاعل الاجتماعي في هذه المرحلة العمرية، وتخوفوا أيضا من الانقطاع عن الحضور إلى المدرسة.وأكثر ما آلمنا نشاط أكاديمي قمنا به مستخدمين فرقعة البالونات لإضفاء جو من البهجة والفرح، فكانت المفاجأة أن صوت الفرقعة ذكرهم بانفجار بيروت وكرروا العبارة على مسامعنا أكثر من مرة . إنه لأمر مؤسف حقا أن يتحول نشاط مبهج إلى مادّة تثير القلق والخوف لدى أطفالنا ، فيسترجعون مشاهد أو أصواتا مرعبة كان لها وقعٌ موجع في نفوسهم الصغيرة . هذه الأنشطة دفعتنا إلى البدء بوضع خطط لمعالجة كل ما سبق، كما قدمنا إرشادات بطرائق مناسبة تحدثنا فيها عن الجوانب السلبية في أفلام الكرتون، وعن أهمية تنظيم الوقت وتناول الطعام الصحي، وعن كيفية بناء صداقات واعتماد الحوار كوسيلة فضلى للوصول إلى ما يريدون.
وأخيرا نأمل أن يتعافى المجتمع مما يثقل كاهله، ونحن سنقوم بواجبنا كمسؤولين، فنكثّف هذا النوع من الأنشطة لتضاف إلى خبرتنا في التعامل مع الظروف الطارئة مهما كانت صعبة. ويبقى السؤال، متى سيعي القيّمون أهمية التربية النفسية فيفردوا لها مواد خاصة في البرامج التعليمية؟