رمال جوني
لا يُحسد الطلاب الجامعيون اليوم على وضعهم، فهم يقفون بين مطرقة دولرة الاقساط وسندان غياب الجامعة اللبنانية، ما دفع بالجامعات الخاصة لرفع اقساطها ودولرتها اذ اعتمدت الجامعة اللبنانية الوطنية اولوية نظام نصف دولار ونصف لبناني وفق سعر دولار 6 آلاف ليرة في حين قررت جامعة AUCE اعتماد نظام الاقساط باللبناني فقط، وبالتالي الطلاب لا يملكون سوى خيارين لا ثالث لهما اذا كانوا يفضلون إنهاء الدراسة ضمن منطقة النبطية. فكيف استقبل الطلاب الاقساط وهل هم قادرون على تسديدها؟
كان صعباً على فادي ان يتخذ قرار التوقف عن الدراسة والهجرة، الطالب المتفوق في الجامعة، قرر ترك لبنان لانه لم يعد قادراً على دفع اقساط الجامعة الخاصة، التي تستغل غياب الجامعة اللبنانية، لتفرض اقساطاً جنونية، ليس بمقدور قسم كبير من الطلاب تحملها.
مثله مثل فاطمة طالبة علوم الحياة التي قررت اكمال سنتها الثانية صيدلة، غير أن جامعة liu طلبت فرق اختصاص 2000 دولار اضافة الى دفع مبلغ 350 دولاراً و5 ملايين ليرة عن كل فصل، الامر الذي دفعها للبحث عن جامعة في الخارج لانها أوفر ولا تخصع لنظام الدولار والتجارة. وبالفعل عزمت فاطمة على الهجرة لضمان مستقبلها العلمي وقد بات يخضع في لبنان لحسابات الربح والخسارة التي تتبعها الجامعات الخاصة، فتحولت في معظمها تجارية تبغي الربح على عكس ما يسوق له اصحابها انها غير ربحية.
امام تجمع الجامعات في النبطية، الطلاب تحت وقع الصدمة، فكلفة الاقساط تفوق امكانات اهاليهم، معظهم كان يرغب بالالتحاق بالجامعة اللبنانية، غير ان الاخيرة في «كوما اقتصادية» ادخلتها بها السياسات الخاطئة وحرمانها من مستحقات الـpcr التي كانت ستنتشلها من مأزقها، بدلاً من تشريد آلاف الطلاب الذين يخضعون اليوم لاستغلال الجامعات الخاصة التي رفعت دولارها الجامعي الى الـ6000 ليرة في جزئه اللبناني اما قسم الدولار فهو يتراوح حسب الاختصاص بين 150 و350 دولاراً عن كل فصل، عدا كلفة النقل والكتب وغيرها.
امام مدخل جامعة LIU يحاول عماد ان يستوعب كلفة اختصاصه في علوم الكمبيوتر فالجامعة طلبت 750 دولاراً و18 مليون ليرة، كلمة يؤكد انها «قاسية جداً، ولكن ما في بديل»، وفق عماد فإن والده عسكري في الجيش اللبناني، وبالتالي صعب توفير هذا المبلغ، وأكثر ما يقلقه كلفة النقل، فهو يسكن في مرجعيون ولا نقل عاماً من هناك الى النبطية غير أنه يقول سيتدبر الامر مع رفاقه غير أن ما يخشاه هو أن لا يتمكن من تسديد الاقساط.
وزارة التربية غائبة عن مشهد الجامعات الخاصة، تؤكد رفضها دولرة اقساط المدارس الخاصة ولكن ماذا عن الجامعات الخاصة هل سيطبق عليها القانون أم أنها خارج المعادلة؟ يقول احد المراقبين التربويين «ان الكارثة التربوية وقعت، وأن مخطط تدمير الجامعة اللبنانية بدأ والاستمرار بتعطيلها اعطى الجامعات الخاصة فرصة التحكم بالاقساط كما يحلو لها، والاخطر ان الجامعات اوقفت نظام المنح الا بشكل محدود وخفضت نسبة المنحة الجامعية الى 20 بالمئة، وهي نسبة متدنية مقارنة بالاسعار المرتفعة»، واكثر يقول «المأساة حلت على الطلاب القدامى اكثر من الجدد ووضعهم لا يحسدون عليه في ظل جامعات تجارية تحكم قبضتها على العام الدراسي».
كثر من اهالي الطلاب وقعوا فريسة للاقساط الملتهبة، غير ان الجامعات نفسها تدرك انهم سيرضخون لان الجامعة اللبنانية «مسكرة»، وهذا يبرر حجم اقبال الطلاب على الجامعات الخاصة، غير انهم يبحثون عن الجامعة الارخص وذات الجودة التعليمية العالية.
لا ينكر مدير جامعة الـ AUCE الدكتور حسين النابلسي صعوبة العام الدراسي على الاهالي، لكنه يؤكد أنه جرى اخذ ظروف الاهالي المالية بعين الاعتبار، لافتا الى ان الجامعة قررت اعتماد نظام الاقساط باللبناني وفق سعر صرف 6 آلاف ليرة، والمنح ستمنح فقط لاولاد القطاع العام مراعاة لظروفهم والتي ستصل الى الـ50 بالمئة، ولا يخفى تهافت الطلاب على الجامعة الخاصة بنسب كبيرة مقارنة بالاعوام السابقة، وهذا مرده لغياب الجامعة الوطنية، جازماً أن الجامعة اعتمدت نظام جودة التعليم مع رفع محدود للاقساط مقارنة بموازنة العام الماضي «كي نؤمن استمراريتنا ونوفر رواتب الاساتذة».
لا يحسد الطلاب على حالهم هذه الايام، فالتعليم بات مراً في لبنان، وسط ارتفاع الاقساط ودولرتها، والطالب لا مفر له من لهيبها والا عليه الجلوس في المنزل.لا يستغربون لجوء الجامعات الخاصة الى دولرة اقساطها ورفع الدولار الجامعي لديها الى 6 آلاف ليره، فهذه الجامعات تستغل غياب جامعة الفقراء، المقفلة، وبالتالي لا خيار امامهم الا الجامعة الخاصة، حيث الاقساط « نار» وفوق قدرة الاهالي ولكن شو الحل»؟
نداء الوطن