عمر حبنجر
حالة الانسداد في أفق حلحلة أزمة العلاقات اللبنانية – الخليجية التي ترتبت على تصريحات وزير الأزمة جورج قرداحي، استمرت حكوميا، وإن مالت نحو التهدئة قليلا، فالشلل الحكومي الناجم عن تعليق جلسات مجلس الوزراء، استنادا إلى اشتراط حزب الله إبعاد القاضي طارق البيطار عن ملف التحقيق بتفجير مرفأ بيروت، يكاد يشمل حتى الشبكة العنكبوتية في لبنان، بفعل غياب التيار الكهربائي وفقدان المازوت المشغل للمولدات، في حين أدخل لقاء عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الأزمة مع الدول الخليجية الشقيقة، في مرحلة التهدئة المتدرجة، وصولا إلى عودة التمثيل الديبلوماسي على الأقل. أما على الصعيد الداخلي، فالرئيس نجيب ميقاتي لايزال على موقفه الرافض خضوع الحكومة لسياسة الابتزاز والتهديد من قبل فريق الممانعة، لكنه على قراره بعدم الاستقالة، وإن كان يلوح بالاعتكاف إذا استمر حزب الله على تمسكه بتعطيل جلسات مجلس الوزراء.
وكانت محاولات إقناع الوزير جورج قرداحي، بالاستقالة كمدخل لحل الأزمة، قد فشلت ولم ينجح البطريرك الماروني بشارة الراعي في تسويق مبادرة الرئيس بري، في بعبدا، ولا الرئيس ميقاتي في مناشدته قرداحي تغليب المصلحة الوطنية، والاستقالة الطوعية، بعدما تحول إلى مجرد ورقة في يد حزب الله، ومن ورائه، خاضعة للمساومة والابتزاز.
لكن ثمة خيارات قانونية، بوسع ميقاتي اللجوء إليها، حيث يقول الخبير الدستوري د.سعيد مالك، ان ميقاتي أمام حل من اثنين: إما ان يطرح استقالة قرداحي على مجلس الوزراء، عندها تكون الإقالة، وفق البند الثاني من المادة 69 من الدستور، بمرسوم يوقعه رئيسا الجمهورية والحكومة بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء، وهذا بحاجة إلى تأمين مروحة واسعة من الاتصالات تسمح بإجراء كهذا، وإما ان يصار إلى تكليف كتلته النيابية طرح الثقة بالوزير قرداحي في مجلس النواب سندا لأحكام المادة 37 من الدستور، ونزع الثقة، هناك بحاجة الى أغلبية عادية.
وكان بعض الوسطاء، طرحوا فكرة غياب وزيري حزب الله عن جلسة لمجلس الوزراء تعرض فيها إقالة الوزير قرداحي، وأن الحزب وافق على هذا المخرج، لكنه سرعان ما تبين ان الحزب ليس موافقا، وربما وافق ثم تراجع. ونقلت قناة «أم تي في» عن مصادر حزب الله أنه لا مساومة على قرداحي، وذكرت بقول رئيس الحكومة، في أعقاب تشكيل الحكومة: «لكل من يريد التعطيل، الله معه، يطلع برة».
يومها كان حديث ميقاتي موجها إلى مجهول، الآن المجهول بات معلوما، وأصبح الحل هو المجهول والسبب. ويقول أستاذ الدراسات الإسلامية د.رضوان السيد ان سائر الأطراف لا تميل الى الحلول، وبعضها يطلب الحسم ولا يستطيع، فحزب الله المدعوم من إيران المفاخرة بـ«احتلال» عدة عواصم عربية، لم يستطع تغيير المحقق العدلي طارق البيطار حتى الآن، بالمقابل يتمسك بالوزير قرداحي ويعطل جلسات مجلس الوزراء، تعبيرا عن العجز، لا عن المقدرة، حيث يتحجج بالقرداحي وبالبيطار ولا يعرف كيف يتصرف مع هذا النظام الذي ظن انه مسيطر عليه منذ العام 2008. من جهته، التيار الحر طالب المجلس السياسي في اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل أمس، بعودة العمل الحكومي بلا شروط وبمعزل عن أي أمر آخر، وعدم تحميل الحكومة ما هو خارج عن اختصاصها. ويرى أن الاستحقاقات الداهمة ولاسيما منها الأزمة الاجتماعية، تتطلب استنفارا حكوميا وبرلمانيا من أجل إقرار خطة التعافي المالي، توازيا مع الإصلاحات والإجراءات التي تحد من معاناة اللبنانيين.
ودعا إلى جعل الأزمة الحاصلة مع المملكة العربية السعودية فرصة لمأسسة العلاقة، مكررا موقف الرئيس ميشال عون. أمام هذا الأفق المسدود، دخلت باريس على الخط، داعية عبر وزير خارجيتها جان ايف لودريان، جميع المسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان»، مشددا على أنه «أمر حاسم للمنطقة، مع التأكيد على ضرورة فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية، وعلى وجوب أن يبقى لبنان قادرا على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لتطبيق الإصلاحات». وقد تحدثت مصاد ديبلوماسية، عن عقد لقاءات رفيعة المستوى بين الفرنسيين وبين ممثلين عن القوى اللبنانية الأساسية في البلد، للبحث في كيفية ترميم ميثاق لبنان الجديد. وتقول معلومات إذاعة «لبنان الحر» الناطقة بلسان حزب القوات اللبنانية ان البحث يدور حول إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، على ان يتبعها عقد مؤتمر لبناني شامل برعاية فرنسية مباشرة على التسوية. وتؤكد المصادر ان ما يطلبه الأميركيون من الفرنسيين بشكل مربح ومباشر، هو موافقة الثنائي الشيعي على تسهيل ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، والالتزام بما يشبه ربط النزاع مع العدو الإسرائيلي، في مقابل تعزيز دور وموقع هذا الثنائي في النظام اللبناني الجديد.
الأنباء الكويتية