أظهر تعميم جديد أصدره مصرف لبنان امس، النقص الحاد في السيولة بالدولار، ومحاولاته الدؤوبة لجذب دولارات طازجة الى صناديقه، في مقابل الحرص ايضاً على تشجيع الناس على التعامل مع المصارف، لإبقاء خيط رفيع من الثقة قد يساعد في المستقبل في تعزيزها، بعد بدء تنفيذ خطط الإنقاذ.
بعدما كان مصرف لبنان قد عاود السماح باستلام التحويلات المالية الواردة من الخارج عبر شركات تحويل الاموال، بالدولار الاميركي نقداً، عدّل البنك المركزي قراره امس، حيث صدر عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قرار وسيط يحمل رقم 13220 تاريخ 16/4/2020، الى المصارف والمؤسسات المالية والمؤسسات التي تتعاطى العمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية، يقضي بتعديل القرار الاساسي رقم 7548 تاريخ 30/3/2000 (العمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية) المرفق بالتعميم الاساسي رقم 69.
وألغى نص «المادة 7 مكرّر» من القرار الاساسي رقم 7548 تاريخ 30/3/2000 واستبدله بالنص التالي: «على المؤسسات غير المصرفية كافة، التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الالكترونية، أن تسدّد قيمة أي تحويل نقدي الكتروني بالعملات الاجنبية وارداً اليها من الخارج بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق، وأن تبيع من الوحدة الخاصة المنشأة في مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان العملات النقدية الاجنبية الناتجة من العمليات المشار اليها اعلاه. ويُعمل بهذا القرار فور صدوره».
يهدف مصرف لبنان من خلال إلزام شركات تحويل الاموال، بيعه الدولارات الناتجة من عمليات التحويل التي تقوم بها، الى الاستحصال على كافة الدولارات الواردة من الخارج عبر شركات تحويل الاموال، والمقدَّرة بحوالى 1.5 مليار دولار سنوياً، حيث تبلغ التدفقات المالية الشهرية عبر شركة OMT فقط 120 مليون دولار وفقاً لما أكّده رئيس مجلس ادارة شركة OMT توفيق معوّض لـ»الجمهورية» سابقاً.
كما يهدف البنك المركزي من خلال تعميمه، الى التشجيع على تحويل الاموال الى لبنان عبر القطاع المصرفي وليس عبر شركات تحويل الاموال، بعد ان استبدل معظم المغتربين وحتى الشركات الاجنبية العاملة في لبنان، المصارف بتلك الشركات، خوفاً من احتجاز البنوك للتحويلات المالية وعدم تسديدها للاشخاص المعنيّين بالدولار الاميركي.
وقد قام البنك المركزي أخيراً بإصدار التعميم الرقم 150، الذي نصّ على اعفاء المصارف العاملة في لبنان من ايداع الاحتياطي الالزامي و/ أو إجراء توظيف إلزامي لدى مصرف لبنان مقابل الاموال المحوّلة من الخارج بالعملات الاجنبية، شرط ان تمنح المصارف حرّية استعمال هذه «الأموال» لصاحبها، والاستفادة من الخدمات المصرفية كافة المقدّمة من المصرف، بما في ذلك التحويلات الى الخارج والسحوبات النقدية وخدمات البطاقات المصرفية في لبنان والخارج.
في هذا الإطار، قال الوزير السابق والمصرفي مروان خير الدين لـ«الجمهورية»، انّ هناك أزمة كبيرة في ما يتعلَّق بالنقص الحاد بالاوراق النقدية من الدولارات، معتبراً انّ عدم وجودها بالكميات المطلوبة في السوق، أدّى الى تراجع سعر صرف الليرة بشكل جنوني حالياً، ودفع الناس الى التهافت على شراء الدولار بسعر صرف عند 3000 ليرة وتخزينه في المنازل، تخوّفاً من ارتفاعه الى 4 آلاف او اكثر في الفترة المقبلة.
وأمل ان يسهم سعر الصرف المحدّد من قِبل جمعية المصارف عند 2600 ليرة، في ضبط السوق، لأنّ حجم السوق السوداء صغير، آملاً ان يقوم مصرف لبنان من خلال المنصة الاكترونية، التي سيبدأ العمل بها، وبالتعاون مع المصارف والصرافين، بضخ السيولة في السوق، من خلال السماح لهم باستقدام الدولارات من الخارج، من اجل الحفاظ على سعر صرف يتراوح بين 2500 و3000 ليرة.
وحول تسديد المصارف التحويلات الواردة من الخارج بالعملة الاجنبية (Fresh Money) نقداً، لعملائها ومن دون احتجاز أي نسبة منها، قال خير الدين، ان «لا سياسة موحدّة بين المصارف في هذا الاطار، وكلّ مصرف يعتمد سياسة خاصة به. إلّا انّ فقدان الدولارات يدفعنا الى تسديد المبالغ الصغيرة الواردة من الخارج، والتي تقع ضمن امكانياتنا، وليس كافة المبلغ المُرسل».
واشار الى أنّ مستوردي الدولارات الى لبنان، رفعوا الاسعار، وبالتالي اصبحت كلفة شراء الدولارات منهم مرتفعة على المصارف، ولا يمكن ان يتحمَّلها الزبائن.
رلى سعرتي – الجمهورية