يحسم، غداً، القرار بشأن تمديد إقفال المدارس والجامعات أو العودة إلى الصفوف ابتداءً من الثلاثاء، في ضوء المعطيات الطبية بشأن تطور فيروس «كورونا».
وكانت المدارس الرسمية والخاصة قد عاشت أسبوعاً مربكاً على خلفية توجيهات وزارة التربية بضرورة التواصل الإلكتروني مع التلامذة لاستكمال المناهج الدراسية وإنقاذ العام الدراسي، وخصوصاً إذا كان الوضع مفتوحاً على مزيد من التعطيل بسبب الفيروس.
التوجيهات لم ترافقها خطة طوارئ وطنية على مستوى وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء لمحاكاة مجتمع متنوع وضمان التعلم للجميع من كل الطبقات والمناطق.
غياب الجهوزية التكنولوجية، ولا سيما لجهة عدم توافر موارد رقمية (صوتية وبصرية) جاهزة للمناهج فتح النقاش في الأوساط التربوية أمام إنشاء منصات تعليمية مركزية أو تفعيل «التلفزيون التربوي» الموجود في دار المعلمين في جونية منذ عشرات السنوات من دون أن يقوم بدوره الأساسي، رغم أن يملك معدات وتجهيزات استثنائية يمكن استثمارها.
التجربة خلال هذا الأسبوع لم تكن مشجعة، وأظهرت أن التعليم عن بعد لا يحقق الإنتاجية المطلوبة، وخصوصاً إذا بقي متروكاً للجهود الفردية للأساتذة والتلامذة وقدرتهم على الوصول إلى شبكة الإنترنت، وإمكانية استخدامهم لأحدث التطبيقات التي تساعد على شرح دروس تفاعلية وإنجاز فروض وامتحانات «أونلاين».
التفاوت بدا شاسعاً بين مدرسة وأخرى وبين أستاذ وآخر وبين تلميذ وآخر حتى داخل المدرسة الواحدة، وليس للأمر علاقة بما إذا كانت المدرسة خاصة أو رسمية فحسب. ومع أنّه ليس هناك موارد رقمية للمناهج، استطاعت بعض المدارس الخاصة وضع العملية على السكة وإشراك جميع التلامذة منذ اليوم الأول للإقفال من خلال تطبيقات مثل «google classroom» و«Moodle» و«Doodle» و«TIMS». وقد ألزم بعض المديرين تلامذتهم بأن يتفاعلوا مع هذا الجهد، باعتبار أن الدراسة ستستكمل من حيث انتهت عبر هذه التطبيقات عندما يعودون فيه إلى المدرسة. وهناك مدارس خاصة أرسلت الدروس «دوكما» بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي أو «واتساب» بلا أيّ منهجية، ما لاقى احتجاجاً في صفوف الأهالي.
تشرح معلمة الرياضيات في مدرسة الجالية الأميركية (ACS)، ريما الحلبي، «أننا بدأنا باستخدامgoogle classroom منذ نحو سنتين وجرّبنا الأمر بشكل فعلي خلال أيام التعطيل في الثورة ونستكمل الأمر حالياً. المنصة مجانية وتوفر كل سبل التفاعل الافتراضي بين الأساتذة وتلامذتهم، ولا تحتاج سوى إلى وجود بريد إلكتروني للتلميذ وجهاز كومبيوتر وهاتف ذكي، وتفترض أن يكون الأساتذة حاضرين لمواكبة تلامذتهم في زمن الكورونا وكل حالات الطوارئ». وأوضحت «أننا نسعى في النقابات البديلة وتجمع مهنيات ومهنيين إلى تعميم التجربة على المدرسة الرسمية، فالأمر ليس مكلفاً ويحتاج إلى دعم من الدولة واجتهاد من المعلم بعد تدريبه».
المسؤول التربوي في مدارس المصطفى، محمد سماحة، أشار الى «أننا فعّلنا في وقت سابق بوابة إلكترونية نستطيع من خلالها التواصل مع نحو 80% من الطلاب»، مشيراً إلى أن التفاعل عن بعد في معظم المدارس لم يكن كاملاً وشاملاً، وأظهرت التجربة أن الأمر يحتاج إلى استخدام الاستراتيجيات المختلفة للوصول إلى كل الفئات الشعبية وعبر كل الوسائل، سواء كانت بدائية أو متطورة، ويمكن إعداد ترتيبات مناسبة بالنسبة إلى صفوف الشهادات الرسمية لإعادتهم إلى صفوفهم في أقرب فرصة ممكنة.
إلى ذلك، واجه مديرو المدرسة الرسمية ظروفاً مختلفة؛ من بينها أستاذ غير مهيّأ للتواصل الإلكتروني مع تلامذته، وتلميذ لا يملك هاتفاً أو جهاز كومبيوتر أو حتى إمكانية الوصول إلى الإنترنت أو ليس لديه بريد إلكتروني، أو القدرة المادية للبقاء لوقت طويل على الشبكة وإنجاز التحميلات المطلوبة للفيديوات وغيرها، أو حتى طباعة «أوراق عمل» ترسل إليهم لإنجازها يدوياً.
ورغم أن المدرسة الوطنية تضم الفئات الأكثر تهميشاً مثل الفقراء واللاجئين، فالأمر يتطلب، وفق مصادر تربوية، تدخل المركز التربوي لمأسسة المبادرات الفردية والانطلاق من نقطة مشتركة بهدف الإشراف على استخدام الأدوات المتاحة أو اختيار تطبيق مناسب للمدرسة الرسمية، لكون الأمر لا يحتمل انتظار صفقة الموارد الرقمية المنوي القيام بها في إطار ورشة تطوير المناهج.
المسألة بسيطة، بالنسبة إلى الخبير في التربية والفنون نعمة نعمة، إذ يمكن أن يُطلب من معلمَين أو ثلاثة كفوئين لكل مادة مع مخرج يساعدهم في تحضير الدرس وتقديمه للطلاب وتصويره «فيديو» وعرضه على محطة خاصة على «يوتيوب», ويقوم المعلم في كل مدرسة بمتابعة الحصة وتمارينها مع التلامذة عبر «واتساب»، ويمكن إنتاج عشرات الدروس ولكل المواد والصفوف. يستدرك نعمة أنّ الأمر يتطلب تنسيقاً مع وزارة الاتصالات لتأمين إنترنت مجاني وإشراك البلديات لتوفير الإنترنت لبعض التلامذة غير القادرين على الوصول إليه، إضافة إلى الاستفادة من إمكانات التلفزيون التربوي، وخصوصاً أن القانون يعطي المركز التربوي حقاً بالاستفادة من ساعات بث مواد تعليمية في مختلف التلفزيونات.
بحسب القيادية في التيار النقابي المستقل بهية بعلبكي، المعلمون في التعليم الرسمي غير مدربين بما يكفي لإنجاز دروس إلكترونية جاهزة. حتى من تابع منهم دورات تدريبية في التدريب المستمر وغيره بهذا الخصوص لم تجر متابعتهم في الصفوف لتقييم تقدمهم في هذا المجال، فضلاً عن تقصير التفتيش التربوي في هذا الإطار، إذ لا تنسيق حقيقياً ميدانياً بين التفتيش والمركز التربوي، بل تضارب مصالح.
بعلبكي دعت إلى تفعيل التلفزيون التربوي لجهة الاستفادة من الدروس النموذجية التي أنجزها في مرحلة من المراحل والبناء عليها لإنجاز دروس موحّدة وبثّها عبر تلفزيون لبنان، وإنشاء منصات تعليمية فاعلة.
لا إفادات ولا إلغاء للبريفيه
حسمت لجنة الطوارئ التربوية في وزارة التربية في اجتماعها، أول من أمس، إجراء الامتحانات الرسمية هذا العام، مستبعدة أي اقتراح يتعلق بإلغاء البريفيه أو إعطاء إفادات لطلاب الشهادات. وما دون ذلك، ناقشت اللجنة ثلاثة خيارات ستكون مطروحة، فيما لو مدّد الإقفال لأيام إضافية بعد الإثنين المقبل (عطلة عيد المعلم). ومن هذه الخيارات تمديد العام الدراسي وتأجيل موعد الاستحقاق، وهو ما قد يصطدم بمواعيد مباريات دخول الجامعات في لبنان والخارج، والخيار الثاني تعليق العمل ببعض الدروس، ودون هذا الطرح عقبات لجهة أن الأساتذة ليسوا ملزمين باتباع ترتيب المحاور في المنهج، وبالتالي إمكانية أن تكون المحاور المنوي تعليقها قد أعطيت في الصفوف. أما الخيار الثالث فيتمثل بإعطاء أسئلة اختيارية مثل الطلب من التلميذ أن يختار ثلاثة أسئلة من أربعة ويكون بالتأكيد قد درس ثلاثة في مدرسته.
فاتن الحاج – الأخبار