كتبت “اللواء” تقول: تسابق حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الوقت. فهي تتحرك على مستوى الوزراء وعقد الاجتماعات إلى احداث خرق جدّي في المعالجات لكسب ثقة الشعب، وسط رياح تحولات إقليمية قد تكون مؤاتية لبعض الوقت، لكنها مرشحة لتجاذبات مصالح الدول الكبرى في دول الشرق الأدنى القريب، ومن بينها لبنان.
فبعد الانفتاح الفرنسي القوي على لبنان، وزيارة رئيس وزراء الأردن بشر الخصاونة، إلى بيروت، في إطار ترتيبات مد لبنان بالكهرباء الأردني والغاز المصري، تلقى الرئيس ميقاتي دعوة عبر اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لزيارة تركيا، والبحث في ما يحتاجه البلد في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها.
ولاحظت مصادر معنية ان اتصال الرئيس التركي اتى غداة إعلان الباخرتين التركيتين، اللتين قدمتا خدمات تزويد لبنان بالطاقة الكهربائية، وهما راسيتان قبالة الشاطئ اللبناني في الجيّة، انهما اطفأتا محركاتهما، وانهتا تزويد لبنان بالطاقة، بعد انتهاء العقد من دون ان تتمكنا بعد من الحصول على ما لهما في ذمة الدولة اللبنانية، من ديون، لا تقل عن 200 مليون دولار..
ولاحظت مصادر وزارية ان ارتفاع سعر صرف الدولار في سوق القطع، يُشكّل ثقلاً على الثقة الشعبية بالحكومة.
ودعت إلى تهدئة الأسواق، بانتظار ما ستسفر عنه المحادثات مع صندوق النقد الدولي، فلا حلول، حسب المصادر، قبل ان تجري التفاهمات مع الصندوق.
وكشفت ان صندوق النقد، حسب خبرائه، يطلب تعويم الليرة اللبنانية، وهو غير راضٍ عن تعدد أسعار الصرف، مشيرة إلى ان بعض مسؤولي الصندوق يقولون ان لبنان انهار وتحول إلى صومال.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أنه بدءا من الجلسات المقبلة للحكومة سيصار إلى إدراج الملفات ذات الطابع الاجتماعي على أن إثارة موضوع النقل العام في الجلسة السابقة من دون نقاش تفصيلي قد يفتح المجال امام بحثه في أي وقت.
ولفتت المصادر إلى أن موضوع البطاقة التمويلية قد يناقش أيضا وأكدت أن القضايا التي تتطلب متابعة يومية وتتصل بهموم المواطنين مرشحة لأن تصبح بنودا دائمة من كهرباء ودواء.
ولاحظت المصادر إن الوزراء أبدوا استعدادا للتعاون وطرح أفكار جديدة للسير بها والتخفيف قدر الامكان من الأزمة حتى ان بعضهم لا يكثر في الكلام معولا على العمل.
وكانت الحكومة الجديدة واصلت العمل بجدية على اكثر من ملف داخلي وخارجي، في مسعى منها لإقفال ما يمكن إقفاله او معالجته ولو جزئيا من ملفات الازمات المتراكمة، لاسيما المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والوضع المعيشي للناس، وازمة الكهرباء، التي ستتفاقم اكثر ما لم يتم ايجاد البديل سريعاً، بعدما اعلنت امس شركة “كارباورشيب” وقف إمداد لبنان بالطاقة الكهربائية من باخرتَيها “فاطمة غول سلطان” و”أورهان باي”، الراسيتَين قبالة معملَي الجية والزوق تباعاً، وذلك مع انتهاء العقد صباح امس. و”سوف تُعلم الشركة الشعب اللبناني عبر وسائل الإعلام عن عملية انسحاب باخرتَيها تباعاً في الوقت المناسب”.
وقال متحدث باسم الشركة: اعتباراً من الأول من تشرين الأول، انتهى عقدنا مع شركة كهرباء لبنان، وبالتالي، سنباشر بعملية انسحاب الباخرتين. إننا ندرك تماماً أزمة الطاقة الحادة في البلاد. خلال السنوات الثماني التي زاولنا العمل فيها في لبنان، وعلى الرغم من كل التحديات، بذلنا كل ما في وسعنا لدعم الشعب اللبناني والحكومة للتصدي للتحديات الجوهرية التي يواجهها البلد.
وفي السياق، عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني- السوري نصري خوري عمل الأمانة العامة، لا سيما السبل الايلة الى تفعيل العلاقات مع سوريا في المجالات كافة، كما تطرق البحث الى نتائج الاجتماعات التي عقدت سابقا وضرورة متابعتها.
وأوضح خوري ان “اللجنة الفنية المشتركة اللبنانية – السورية التي كشفت على خط الغاز بين لبنان وسوريا اعدّت تقريراً يشير الى ان الخط بحاجة الى إصلاحات بسيطة ليصبح جاهزاً للعمل”.
وذكرت مصادر وزارية لـ “اللواء” ان العمل جارٍ بسرعة لترميم خط الغاز الى معمل دير عمار، وان البحث جارٍ ايضاً على مستوى ترسيم الحدود البحرية واستئناف المفاوضات غير المباشرة مع الكيان الصهيوني، لجهة الاستعانة بشركة بريطانية لتقوم بالتدقيق في خط الحدود البحرية قبل اتخاذ اي موقف بتعديل أو عدم تعديل المرسوم 6433 بهدف التمكن في اقرب فرصة ممكنة من استغلال الثروة الغازية والنفطية في البحر.
وفي الشق الخارجي ايضاً، يزور لبنان يوم الاثنين السفير الفرنسي المكلف بتنسيق المساعدات الدولية في لبنان بيار دوكان، ويعقد لقاءات مع كبار المسؤولين وعدد من الوزراء المعنيين.
وعلمت “اللواء” ان وزير الخارجية الايرانية امير حسين عبد اللهيان سيزور لبنان الاسبوع المقبل بين 6 و7 من الشهر الحالي، كما يزور لبنان كلٌّ من وزير خارجية قبرص ووزير الشؤون الخارجية الالماني.
ميقاتي في سراي طرابلس
والحدث السياسي، كان في طرابلس التي وصلها إليها أمس رئيس مجلس الوزراء، حيث امت دارته في المدينة شخصيات ووفود، تمنت له التوفيق في مهمته، ولنجاح لحكومته، يتقدمهم مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام ووفد من المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، وكذلك راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران موسى سويف، الذي شدّد على أهمية الانفتاح على الدول العربية والأصدقاء، مطالباً بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
وقال الرئيس ميقاتي، صحيح أننا نمر في المرحلة الأصعب من تاريخ لبنان والتحديات الداهمة كبيرة، والناس تأمل من الحكومة عملا انقاذيا ينتشلها من المآسي المختلفة التي تعانيها، وهو امر ندركه جيدا، وبدأنا القيام بما يجب فعله لوضع الامور على سكة الحل. لكن اي حل يبقى ناقصاً اذا لم تلقَ الحكومة دعماً من الجميع لكي تقوم بالمهمات الاساسية المنوطة بها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتطبيق ما التزمته في بيانها الوزاري وتعهدت بتنفيذه.
وفي ما خصَّ علاقات لبنان العربية، أكّد الرئيس ميقاتي ان الحكومة ستقوم بنفسها بكل الخطوات المطلوبة لاعادة وصل من انقطع في علاقات لبنان مع الاخوة العرب، ونعلم في المقابل حرص الاشقاء العرب على المحافظة على وحدة لبنان وحمايته من أي أخطار قد تحيط به إنطلاقا من تفهمهم الأخوي لخصوصية وتنوع نسيجه السكاني، بخاصة بعد أن أثبتت التجارب التي مر بها في الماضي القريب، أنه، بقدر ما يظل هذا النسيج بمنأى عن تعريضه للضرر، يظل لبنان رسالة، وبقدر تحميله ما لا طاقة له على تحمله يصبح عالة على كاهل شعبه وأشقائه وأصدقائه ومحبيه.
وختم: “أهلي في طرابلس أقول:اينما ذهبنا وحللنا، تبقى طرابلس واهلها البداية والنهاية، وسنسعى بكل قوة لتنال، كما كل المناطق ، حقها من الانماء ومن رعاية الدولة، وندعوكم لمؤازرتنا في عملنا وأن نكون جميعا العين الساهرة على الفيحاء الغالية وحمايتها من الشرور ودرء الاخطار عنها”.
إقتراع المغتربين
على صعيد آخر، وقّع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب قراراً مشتركاً لتعيين لجنة مشتركة لتحديد دقائق تطبيق الفصل العائد لاقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية، بموجب المادة ??? من قانون الانتخابات.
وكان الوزير مولوي قد التقى سفير الإتحاد الاوروبي رالف طراف، وجرى تداول التحضيرات الجارية لإجراء الانتخابات المقبلة. وتطرق ايضا الى ملف الانتخابات مع مديرة مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيلين مويرو، وطريقة مساعدة البرنامج لوزارة الداخلية والبلديات لإنجاز الاستحقاق المرتقب.
العودة إلى المدارس
تربوياً، أسفر الاجتماع التربوي، الذي ترأسه الرئيس ميقاتي في السراي الكبير، عن الاتفاق على التأكيد على بدء العام الدراسي في 11ت1، وضرورة واولوية إنجاح المستلزمات، منها تأمين المحروقات ونقل التلامذة، وبدء عملية التطعيم الشاملة لكل أفراد القطاع التربوي، بما في ذلك تأمين الانترنت.
وكشف وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي انه تمكن بالتعاون مع الجهات المانحة ومنظمات الأمم المتحدة من الحصول على هبة مالية تفوق السبعين مليون دولار لدعم القطاع التربوي شرط مباشرة هذه السنة الدراسية الحضورية”.
وشدّد على: “احقية مطالب الهيئة التعليمية، وتم بحث كلفة هذه المطالب، في ضوء ورقة العمل التي عرضناها للمجتمعين، ونوّه بموقف لجهة تحقيق ما يمكن تحقيقه من مطالب”.
وقال: “انني أدعو في ضوء هذا الاجتماع، المعلمين وادارات المدارس الى المباشرة بتسجيل الطلاب، وسأدعو مطلع الاسبوع المقبل، ممثلي المعلمين والنقابات التعليمية والمتعاقدين الى اجتماع لعرض تفاصيل هذا الدعم الذي لقيه القطاع التربوي هذه السنة من الجهات المانحة والحكومة اللبنانية. وأدعو الجميع الى مباشرة التسجيل في كل مراحل التعليم، وهذا شرط ضروري لورود المنح، لان الجهات المانحة تسأل دوما عن معطيات التسجيل التي لم تتوافر لدينا لغاية الان. كما أدعو ادارات المدارس للتهيئة مع المعلمين لافتتاح السنة الدراسية ودعوة الطلاب في الحادي عشر من الشهر الجاري للالتحاق بمدارسهم”.
ويتوجه وزير الطاقة والمياه وليد فياض قريبا إلى القاهرة لتوقيع اتفاقية الغاز مع مصر، والتي سيستفيد منها لبنان بتولد كهرباء.
وكان فياض استقبل سفيرة الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا في مكتبه بالوزارة، في اجتماع دام لأكثر من ساعة، تناول البحث خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة لدعم لبنان في هذه المرحلة الصعبة، وخصوصا في قطاع الطاقة.
وشرح فياض للسفيرة الاميركية حصيلة التنسيق والعمل والإتصالات التي أجراها مع وزراء مصر والاردن وسوريا، والظروف التي قادت الى زيارته المقررة الى القاهرة وعمان في القريب العاجل.
وشكر شيا على “الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة لمساعدة لبنان في هذا القطاع وتذليل العقبات في ما يخص قانون قيصر، والجهود التي بذلتها السفيرة مع البنك الدولي وخصوصا أن الولايات المتحدة الاميركية هي من أكبر المساهمين في هذه المؤسسة، ما أدى الى فتح الطريق أمام تقدم إتفاقية التمويل للمشروع”.
وفي سياق المساعدات، جددت المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان، السيدة نجاة رشدي، التأكيد على عزم الأمم المتحدة والتزامها بدعم الحكومة الجديدة في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة في لبنان، “والأهم من ذلك وضع الناس في صُلب سياساتها وخططها”.
فإن الخطة وفقا للسيدة رشدي، تشمل الاستجابة لحالات الطوارئ 119 مشروعا بقيمة إجمالية تبلغ 383 مليون دولار تهدف إلى توفير المساعدة الضرورية المنقذة للحياة وخدمات الحماية على مدار الاثني عشر شهرا القادمة.
وتستهدف الخطة 1.1 مليون لبناني ومهاجر من بين الفئات الأكثر ضعفا، وتقدم لهم الدعم في قطاعات التعليم والأمن الغذائي والصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي وحماية الطفل والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وفي إطار الاستجابة لأزمة الطاقة والوقود، تقول المنسقة الإنسانية إن الخطة تتضمن أيضا خطة تشغيلية لوجستية طارئة تركز على إنشاء سلسلة إمدادات بالوقود لضمان استمرارية عمل الجهات الإنسانية من جهة، وتوفير الوقود للمؤسسات الصحية ومؤسسات المياه والصرف الصحي الهامة في جميع أنحاء لبنان من جهة أخرى.
وقالت إنه “لابد من توفير الحماية الاجتماعية الشاملة والمتكاملة للمساعدة في حماية الفئات الأكثر ضعفاً وتجنب إفقار السكان بصورة متزايدة”.
اللواء