يعول رئيس مجلس النواب نبيه برّي على حصيلة الجلسة التشريعية الخميس المقبل نظراً الى أهمية المواضيع التي تتناولها على صعيد اكثر من ملف مالي واقتصادي فضلاً عن قانون العفو. وسيلتقي النواب للمرة الثانية في قصر اليونيسكو بعدما تمكن فيروس كورونا من تهجير معشر النواب الى هذا المسرح لتتحول خشبته منصات سياسية في مقاربة أكثر من قضية تشغل الرأي العام، لا سيما التي يتناولها القضاء من ملف الصرافين الى فضائح الفيول المغشوش. واذا درج بري على عدم التعليق على مجريات عمل الاجهزة القضائية واحترام قرارتها وتحقيقاتها، الا انه يوجه في مجالسه رسالة واضحة المعالم ولا لبس فيها وتقول بأنه مع ملاحقة اي مشارك في أعمال الغش او سارق او أي من المرتشين في صفقات الفيول ولتأخذ التحقيقات مجراها الى “أوسع مدى”.
ويحوي جدول أعمال الجلسة 8 قوانين و29 اقتراحا معجلاً مكرراً حيث تسابق اكثر من نائب الى تقديمها من دون المرور في اللجان النيابية المعنية واللجان المشتركة. ومن أبرز هذه الاقتراحات التي سلكت خطاً عسكرياً الذي يرمي الى وضع ضوابط استثنائية وموقتة الذي تم طبخه بواسطة كتلتي “لبنان القوي” والتنمية والتحرير”. وكان النائب جبران باسيل قدم حمل لواء هذا المشروع وناقشه وبري في جلستهما الاخيرة التي جمعتهما في عيين التينة واضاف سيدها افكاراً وملاحظات عليه وهو محصور بالتحويلات المالية الى الخارج. ولن تكون رحلة هذا الاقتراح معبدة في الجلسة التشريعية حتى لو نال قبول أكبر كتلتين في البرلمان.
وفي المناسبة، فإن خطوط الاتصالات مفتوحة بين رئيس المجلس ووزير الخارجية السابق ونوابهما. وقدمه النواب ياسين جابر وسيمن ابي رميا والان عون. وسيجاهد نواب التيار الوطني الحرّ لتمرير اقتراح استرداد الأموال النقدية والمحافظ المالية المحولة الى الخارج بعد تاريخ 17 تشرين الاول الفائت.
ولا يتوقع أحد ان تعثر الاقتراحات المقدمة بسهولة وتصل الى حدود اقرارها والمصادقة عيها وعند تعثر النقاشات سيتم ارجاعها الى اللجان طلبا للمزيد من عملية الاخذ والرد بين النواب. ومن المتوقع ان تتصدى الكتل المعارضة لأكثر من اقتراح لا يصب في مصالحها او بالأحرى اذا لم يعبر عن اقتناعاتها.
ومن القوانين التي لا تزال محل انقسام بين الكتل هو اقتراح القانون المتعلق بالعفو العام اذ لم يتم الرسو بعد على طبعة اخراجه النهائية، ولا سيما بعدما دخلت عليه حسابات مذهبية ومناطقية انفجرت شظاياها في اللجان المشتركة وتطايرت الاتهامات بين عدد من النواب .ولم تتمكن مطرقة نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي من تهدئتها وضبط الوضع في ساحة النجمة على الرغم من كل محاولاته.
وتلقى بري باستغراب ورفض شديدين بعض الحوارات التي دارت في هذا الشأن ولا سيما بين النائبين ميشال معوض وجهاد الصمد. وصور الفرزلي بحنكته هذه النقاشات بأنها طبيعية وتدخل اساس اللعبة البرلمانية ” حتى لو وصل صوتهما الى برج حمود”. ومن الاقتراحات المهمة ايضا المتعلق بالسرية المصرفية لأن ثمة مجموعة كبيرة من النواب ومن مشارب مختلفة تستبسل في الدفاع عن هذه السرية التي كان عماد التشريع لها نواب كبار رحلوا في مقدمهم ريمون أدة عندما ولد هذا القانون في أيلول 1956.
في غضون ذلك يعود بري الى اطلالته الاخيرة امام اللبنانيين حيث لاقى خطابه موجة من ردود الفعل الايجابية المحلية والعربية ولا سيما عند الفلسطينيين في مقاربته للقدس وقضيتهم ويأمل ان تعمل الكتل النيابية الخميس بالروحية التي قدمها ” لا نتاج جلسة تشريعية وضرورية وتتسم بوطنية عالية”، على اساس ضرورة ان يتعاطى النواب بروح المسؤولية المطلوبة انطلاقا من مسألة ان ما يعيشه البلد في ظل جملة من الاخطار والازمات في اكثر من قطاع يستدعي توفر الوحدة الوطنية حيال اكثر من تهديد. ويريد من السعي الى اقرار قانون العفو المطروح ان يساهم في تمتين وحدة المكونات اللبنانية.
ويسعى رئيس المجلس هنا الى مناقشة كل الاقتراحات والقوانين والمشاريع الموجودة على جدول الاعمال وثمة تغطية توفرت للحكومة هنا للمشروع الذي قدمته في موضوع حصولها على 1200 مليار ليرة الذي عمل على تمريره في الحلسة التشريعية الاخيرة ولم توفق. وانتهت ببعض ” الندوب” في العلاقة بين الرئيسين بري وحسان دياب الى ان تمت تسويتها وتوضيح حقيقة ما حصل بين الرجلين. ولم يكن هناك من اساس لكل السيناريوهات التي تم الحديث عنها حيال موقف رئيس المجلس من الحكومة وان لم يكن راضياً على جملة من مقارباتها حيال اكثر من ملف.
وفي حال لم يستكمل جدول اعمال الجلسة الخميس سيدعو بري الى استكمالها في اليوم التالي اي الجمعة وعندها سيتم تأجيل موعد جلسة مجلس الوزراء الذي ينتظره “رشق” من التعيينات وخصوصاً المالية منها اي نواب حاكم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف والاسواق المالية ومفوض الحكومة لدى البنك المركزي.
وفي معلومات لـ”النهار” ان تم قطع تسعين في المئة من التعيينات المالية ويتم العودة الى عدد لا بأس به من الاسماء التي طرحت قبل اسابيع بعد اقدام دياب على “فرملتها والحجز عليها”. وسيتم تعيين المدير العام لوزارة الاقتصاد الذي سيحل مكان السيدة عليا عباس بعد بلوغها سن التقاعد والتي كانت محل تأييد ومقبولية عند مختلف الاطراف نظراً الى كفاءتها ومعموديتها الطويلة في الادارة وعلوم المال والمحاسبة. وتمكنت ان تحظى على سبيل المثال باحترام الرئيس فؤاد السنيورة و”الثنائي الشيعي في الوقت نفسه. ولذلك يتم البحث عن اسم شيعي من قماشة عباس ليكون مطابقاً لمواصفاتها. وتحذر جهات هنا من الإتيان بوجه لا يكون على قدر المسؤولية في هذه الوزارة الحساسة التي تتابع ملفات تهم سائر اللبنانيين وخصوصا في ظل ارتفاع الاسعار والتهامها لما تبقى من القيمة الشرائية لليرة المسكينة التي “اغتصبها” الدولار الأميركي!
النهار