الديار
أميمة شمس الدين
منذ بدء الازمة اللبنانية في اواخر عام ٢٠١٩ بدأت رحلة الدولار التي نقلت اللبنانيين من حياة الى حياة أخرى ملؤها التدهور في القدرة الشرائية وتزايد نسبة الفقر والقضاء على الطبقة الوسطى.
لم يكن اللبنانيون يعلمون منذ بدء ارتفاع سعر صرف الدولار من ١٥٠٠ ليرة الى ٢٠٠٠ في اواخر عام ٢٠١٩ ان هذا الدولار الذي اصبح لعنة على حياتهم اليومية لم يعلموا انه سيصل الى ما وصل اليه اليوم وسيصبح كابوساً يطاردهم في اليقظة والمنام.
ولكن كيف لا يصل سعر صرف الدولار الى ما فوق مئة ألف والدولة اللبنانية (لم تكلف خاطرها ) لاتخاذ اي اجراء للحد من توسع السوق السوداء للدولار الذي ظهر اوائل ايلول ٢٠١٩ بسبب شح السيولة بالعملات الاجنبية من جراء التراجع الحاد لتدفق رؤوس الاموال من الخارج نتيجة ازمة الثقة.
كيف لا وهذه الدولة المهترئة لم تحرك ساكناً بعد ثلاث سنوات من اكبر ازمة اقتصادية وجل ما تفعله هو الاستمرار في المناكفات الساسية التي تزيد الأزمة تفاقماً يختلفون على انتخاب رئيس للجمهورية وعلى تشكيل حكومة وتعطيل دور مجلس النواب ويتفقون على شيء واحد هو افقار الشعب اللبناني و تدمير الاقتصاد و ما تبقى من البلد.
منذ يومين ارتفع سعر صرف الدولار من حوالى ١٢٠ الفا الى ١٤٣ الف ليرة في اقل من ساعة لسبب مجهول معلوم وان كان كل الخبراء يؤكدون ان لا اسباب تقنية وراء هذا الارتفاع فهل سنبقى نشهد مثل هذه القفزات والتقلبات في سعر صرف الدولار؟
في هذا الاطار يقول الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الدكتور انيس ابو دياب في حديث للديار: نعيش في مرحلة مضاربة التي تعتبر استغلالا للفرص من اجل تحقيق ارباح وبالتالي ما يجري هو استغلال للكثير من الفرص الموجودة في البلد كاقفال المصارف واضراب موظفي الفطاع العام وتلبد الغيوم السياسية وعدم انتخاب رئيس للجمهورية وعدم الولوج الى اصلاحات سياسية والاشتباك السياسي كل هذه الامور تزيد من امكان المضاربة نتيجة غياب الثقة وعدم اليقين السياسي.
واذ اشار الى ان المضاربة هي عبارة عن اعادة توزيع للمداخيل وهناك من يربح وهناك من يخسر رأى اننا سنبقى في هذا الاطار ما دام لم يكن هناك اي صدمة ايجابية وهذه الصدمة يجب ان تكون سياسية تبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة بشكل سريع والذهاب الى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يلزمنا بتنفيذ مجموعة من الاصلاحات مؤكداً اننا ملزمون بتنفيذ هذه الاصلاحات ليس فقط من اجل الاتفاق مع صندوق النقد بل من اجل اعادة النمو الاقتصادي عبر اصلاحات فعلية تعيد الحياة الى القطاع الاقتصادي و المصرفي ونظام الدفع.
وعن سبب وصول الدولار الى ١٤٣ الف ليرة اعتبر ابو دياب انه اضافةً الى المضاربة هناك اياد سياسية خلف
هذا الارتفاع الشديد لسعر صرف الدولار حيث ارتفع بلحظات من ١٠٥ الف ليرة الى ١٢٥ ثم الى ١٤٣ الف ليرة ربما بسبب دخول بعض القوى السياسية بغية تحريك الشارع لهدف سياسي ما.
واذ اكد ان عملية ارتفاع الدولار ليست عملية تقنية بقدر ما هي عملية مضاربة ذات خلفية سياسية لفت الى ان تعميم مصرف لبنان الذي سمح باجراء عملية مفتوحة لشراء الاوارق النقدية اللبنانية وبيع الدولار نقداً على سعر صيرفة ٩٠ الف ليرة ادى الى تراجع سعر الصرف.
ووفق ابو دياب في لبنان اليوم كل شيء مدولر اي ليس هناك طلب شديد من قبل الناس على الدولار وهذا يعني ان ارتفاع سعر الصرف سببه المضاربة والمضاربون موضحاً ان التداول يتم بالدولار سيما بعد تسعير السلع في السوبرماركت بالدولار فضلاً عن مطالبة اصحاب محطات المحروقات بالتسعير بالدولار.
ورأى ابو دياب ان الوضع سيبقى على ما هو عليه والتذبذب سيستمر وربما يرتفع اكثر ووتيرة ارتفاع سعر صرف الدولار ستكون اسرع وسنشهد ما شهدناه منذ يومين ولاكثر من مرة وبارتفاعات اعلى وبسرعة اكثر لانه لا يوجد اي مخرج والافق مقفل حتى الآن الى حين وجود حل و تتم اعادة اطلاق الاقتصاد اللبناني من جديد وهي ممكنة وهناك امكان لايجاد مخارج امنة من الأزمات ولكن هذا يحتاج الى قرار سياسي.