طريق مفاوضات ترسيم الحدود البحريّة والبريّة بين لبنان وكيان العدو الاسرائيلي، فجّرت حركة “أمل” و”حزب الله”، فيها لغماً ليليًّا، اعتراضاً على اللون السياسي الذي أُضيف على تشكيلة الوفد اللبناني المفاوض، الذي يشدّدان على أن يكون عسكريًّا لا غير، دون أيّ إضافات سياسية.واذا كانت المفاوضات، قد شهدت بالأمس، أول اجتماعاتها في خيمة نُصبت في محاذاة مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة، إلاّ أنّ ذلك لم يحجب الدخان السياسي الاسود الذي عبق في الأجواء الداخلية، ربطاً بهذا الملف، ووضع العلاقة بين عين التينة و”حزب الله” والقصر الجمهوري من جهة ثانية، على خط التوتر.وفيما تردّد انّ اتصالات اميركية جرت في الايام الاخيرة مع شخصيات لبنانية سياسية، شدّدت على ابداء مرونة في التواصل مع الوفد الاسرائيلي للمساعدة في انهاء الترسيم سريعاً، علمت “الجمهورية” انّ الساعات السابقة لصدور بيان أمل و”حزب الله” الاعتراضي على تشكيلة الوفد المفاوض الذي شكّله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، شهدت حركة اتصالات مكثفة بين عين التينة و”حزب الله”، وكذلك بين الحزب والقصر الجمهوري.وفي المعلومات، فإنّ الثنائي توجّسا من لحظة الاعلان الرسمي عن اسماء اعضاء الوفد المفاوض، وبحسب مصادر قريبة منهما فإنّهما رسما علامات استفهام حول مغزى اشراك “مدنيين” ضمن اعضاء الوفد، في الوقت الذي توجب مفاوضات من هذا النوع حصره بالجانب العسكري، اي بضباط من الجيش اللبناني.وبحسب المصادر نفسها، فإنّ “الثنائي” يعتبران أنّ امراً دقيقاً وحساساً كمفاوضات الترسيم، يتطلب ان يقارَب بروحية تدعِّم موقف لبنان وتحصّن المفاوض اللبناني، وليس بأي خطوة متسرّعة او غير مدروسة، قد تؤسس الى شطب جهد عشر سنوات من المفاوضات الشاقة حول هذا الملف بشحطة قلم.ومن هنا، تقول المصادر، يأتي اصرار الثنائي على حصر الوفد المفاوض بالجيش اللبناني فقط، وعدم تطعيمه بمدنيين، سواء أكان لهم صلة بالموضوع او لم تكن (على غرار ما حصل في تشكيل الوفد الذي ضُمّ اليه مدنيّان ليسا على صلة بهذا الامر)، وذلك انطلاقا من الخشية لديهما من استغلال العدو الاسرائيلي هذه المسألة، ليحاول أن يحرف مسار المفاوضات في الاتجاه الذي يريده، بما ينسف كلّ الجهد الذي بُذل طيلة تلك السنوات للوصول الى الاتفاق على اطار المفاوضات.وبحسب المعلومات، فإنّ اعتراض امل و”حزب الله” أُبلغ الى رئاسة الجمهورية، إلاّ انّهما أبلغا قبيل منتصف ليل الثلاثاء بإصرار رئيس الجمهورية على تشكيلة الوفد كما وضعها ورفضه تعديلها. الامر الذي حدا بهما الى اصدار بيان مشترك عن قيادتي “امل” و”حزب الله”، اعتبرتا فيه “تشكيل الوفد اللبناني بالصيغة التي وردت وضمنه شخصيات مدنية، مخالفاً لاتفاق الاطار ولمضمون تفاهم نيسان”، واذ طالبت القيادتان بإعادة تشكيل الوفد بما ينسجم مع اتفاق الاطار، اعلنتا “رفضهما الانجرار الى ما يريده العدو الاسرائيلي من خلال تشكيلته لوفده المفاوض، والذي يضمّ بأغلبه شخصيات ذات طابع سياسي واقتصادي، ويعلنان رفضهما الصريح لما حصل، واعتباره يخرج عن اطار قاعدة التفاهم الذي قام عليه الاتفاق، وهو ما يضرّ بموقف لبنان ومصلحته العليا، ويشكّل تجاوزاً لكل عناصر القوة لبلدنا وضربة قويه لدوره ولمقاومته وموقعه العربي، ويمثل تسليماً بالمنطق الاسرائيلي الذي يريد اي شكل اي شكل من اشكال التطبيع”.الى ذلك، قالت مصادر مطلعة على الموقف الرئاسي “إنّ اي كلام عن تعديل الوفد اللبناني المفاوض هو في غير محلّه، وايّ تعديل قد يطرأ على تركيبة الوفد يفرضه مسار المفاوضات”.