وفاء بيضون – اللواء
حركة سياسية غير اعتيادية يشهدها مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، تتوزع بين وفود أجنبية تمثل بلادها ومبعوثين من جهة، وحج نيابي لكتل تسعى لتلمّس ما يخبئه رئيس مجلس النواب نبيه بري في جعبته من مسارات حلول.
ينقل زوار بري عنه ان المرحلة التي تمرّ بها المنطقة على وقع الحرب الإسرائيلية على غزة وانسحابها على جبهة المساندة في جنوب لبنان، بدأت ترسم ملامح تشكيل جوهري لتوزيع مكامن القوة في المنطقة والإقليم.
وإذ يربط البعض الحلول العسكرية والسياسية بنتائج الانتخابات الأميركية المرتقبة، فإن الرئيس بري يذهب الى أبعد من ذلك، ويعيد كرة الحل الى الحوار الذي لا مناص منه، لضبط ساعة الاستحقاقات على عقارب التوقيت الذي تجسّده المقاومة، كل المقاومة؛ بما تمثل من انعكاس لرؤية الثنائي الوطني وفق خريطة طريق بعيدة عن التوظيف العسكري في مصلحة ما يمكن أن يجنى سياسيا.
ويقول المقرّبون من زوار الرئيس بري ان الأخير ما زال متمسّكاً بحوار شفاف يتقبّل فيه كل طرف رؤية الطرف الآخر، دون فرض أجندات تدفع بها دول القرار الخارجي، من خلال تشغيل محركات بعض القوى الداخلية، التي بات واضحا انها تعمل وفق توقيت وتعليمات العم سام من جهة، وإرث نابليون الفرنسي من جهة أخرى. غير انها ما زالت تصطدم بطاولة بري رغم براعته بتدوير زواياها، وضبط إيقاع اللعبة السياسية بين الأقطاب اللبنانيين.
مصادر مقرّبة تنقل ان الرئيس بري أسمع القاصي والداني من زواره، ان توقيت فتح كوة في جدار الجمود الرئاسي مرتبط بنتائج المعركة المصيرية في غزة، وما ينسحب عليها من تطورات على لبنان، بعد التهديدات الإسرائيلية الأخيرة بتوسيع رقعة المواجهة من قواعد اشتباك مضبوطة حتى الآن، الى تفلّت غير مضبوط في المستقبل القريب، وربما ما يقوم به العدو الإسرائيلي من اعتداءات لا سيما الاغتيالات، وضرب ما يزعم انها أهداف لحزب الله خارج إطار القواعد في القرى البعيدة عن الحدود مع فلسطين المحتلة.
وأكثر من ذلك، يقول بري للسائلين عن مواقفه مما يجري في جنوب لبنان؛ ان حركة أمل هي جزء من المواجهة وما قدمته من شهداء يؤكد انخراطها في جبهة الدفاع عن لبنان الى جانب حزب الله، في مشروع واحد وهو حماية الأرض والسيادة ضمن أطر الاستراتيجية الدفاعية التي لم تولد بعد. وربما، يقول بري، ان السلوك العسكري الذي تشهده جبهة الجنوب هو تجسيد لهذه الاستراتيجية التي لطالما كان السبّاق في دعم ولادتها. ولكن، والكلام لبري، فرامل بعض القوى تحاول شدّ العربة الى الوراء، وهي من يعرقل الحل حول الاستراتيجية الدفاعية وغيرها من الملفات العالقة.
من هنا يتضح للجميع ان العزف على سطر موسيقي واحد، قد يكون من الصعب تحقيقه وسط الانقسام العامودي والأفقي بين القوى المحلية، بعد ما طفا على سطح المواقف معزوفة التقسيم، أو ما يحلو للبعض تسميته بالفدرالية، في مسعى من مؤيّدي ومروّجي هذه الفكرة لإضعاف لبنان وجعله لقمة سائغة بفم المتربصين به شرا.
مصادر مطّلعة تقول: «ان رؤية بري يتبنّاها عدد ليس بقليل من الدول الخارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية بدليل الانسجام المسحوب بين نائب رئيس المجلس إلياس بو صعب والمبعوث الأميركي اموس هوكشتاين، وترجمتها في لقاءات الأخير مع الرئيس بري».
وبالتالي، يصل الباحثون عن معرفة مزايا الحل وطريقة عبور نفق الجمود الى استنتاج، يدعم موقف ورؤية نبيه بري بان لا حل داخلياً قبل أن يتبلور الحل الخارجي بين أقطاب اللعبة الدولية (إيران، أميركا، فرنسا، السعودية)، ولكن قبل هذا وذاك، تقول المصادر بما استشفّت من رئيس المجلس تصريحا أو تلميحا؛ ان انتظروا نتيجة الحرب وجبهة الإسناد واضبطوا ساعاتكم على توقيت المقاومة.