بعد ايام، يكمل تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة شهره الخامس، بعدما عجز عن انجاز المهمة سلفه السفير مصطفى اديب خلال شهرين ونيف من المماحكات والشروط التي حملته على الاعتذار، ليتلقف الحريري على الاثر كرة النار التي ما زالت تحرق اصابعه حتى الساعة، وقد ثبت بالوجه الشرعي، ان العهد والتيار الوطني الحر لا يريدانه رئيسا لحكومة الانقاذ منذ اللحظة الاولى وحتى، قبل توقيع مراسيم التشكيل.
الحرب التي تحولت اخيرا من باردة الى بالغة السخونة بين الفريقين، بلغت اوجها في البيانات الدورية، اذ يكاد لا يخلو بيان لتكتل لبنان القوي او هيئته السياسية من انتقاد الحريري “لاستهتاره في تشكيل الحكومة وامضاء وقته في السفر غير المجدي عوض الانكباب على تذليل العقبات التي تعترض التأليف في الداخل”، فيما يرد تيار المستقبل محملا العهد وفريقه تبعات العرقلة.
360p geselecteerd als afspeelkwaliteit

ازاء هذا الواقع، وامام انسداد الافق الدستورية لسحب التكليف من الحريري بعدما انكسرت الجرة وفشلت كل المبادرات المطروحة للحل واصلاح ذات البين، قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الخروج من نفق التفرج على البلاد تنهار في ظل استحالة تشكيل الحكومة مع الرئيس الحريري الى حيث يمكن ايجاد نقطة ضوء تساعد في ازالة المتاريس المرفوعة في وجه سحب التكليف. هذه النقطة، تقول اوساط سياسية عليمة مطلعة على اجواء بعبدا لـ”المركزية” ، تتمثل في طرح استنبطه احد مستشاري رئيس الجمهورية بعد جولات استشارية طويلة، ، يقضي بتوجيه رئيس الجمهورية رسالة الى المجلس النيابي لنزع الوكالة من الحريري بسبب فشله في التشكيل، وهو حق يكفله الدستور لرئيس البلاد، بدأ اعدادها في الدائرة المعنية في قصر بعبدا، على ان يصار الى ابلاغ رئيس مجلس النواب بالخطوة.
بيد ان خطوة بعبدا لا تبدو طريقها معبدّة بالورود، وعوض ان توفر الحل قد تتسبب بمزيد من الاشكاليات والخلافات، البلاد في غنى عنها راهنا، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، ذلك انها ستكون على الارجح مشروع ازمة سياسية طائفية بين السنة والموارنة في اخطر المراحل دقة وحراجة في البلاد، حتى انها قد تدفع الامور في اتجاه بلوغ حالة انقلابية في الحياة السياسية، من خلال توافق سني -شيعي في وجه الموارنة واثارة ملف النظام مجددا، للمطالبة باعادة النظر بالطائف والمعادلة التي قام على اساسها في غياب توازن القوى وانشغال الخارج بشؤونه وهموم كورونا وعدم توافر مظلة دولية للبنان، ووضع امني مضطرب معرض للاهتزاز في اية لحظة، خصوصا بعدما ابلغت اجهزة امنية عددا من النواب بوجوب اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر في هذه المرحلة مخافة حصول عمليات اغتيال بهدف زعزعة الاستقرار. وتؤكد مصادر المعلومات لـ”المركزية” ان التحذيرات ترتكز الى معلومات امنية في الداخل تتقاطع مع اخرى من الخارج تصب في الاتجاه نفسه، تؤشر الى ان ضرب الاستقرار يشكل خدمة لمشاريع سياسية وامنية في لبنان والمنطقة في المرحلة الانتقالية.
المركزية