علاء الخوري
مع تحديد الرئيس نبيه بري الخميس المقبل موعدا للجلسة الاولى لانتخاب رئيس للبلاد في مرحلة الفراغ الرئاسي، تسعى الكتل النيابية الى سلوك طريق يوصلها الى التوافق على سيناريو جديد يكتمل معه اخراج المشهد الانتخابي للنواب، بعد أن تكررت صورة الورقة البيضاء في الدورة الاولى لتعقبها الانسحابات بهدف تطيير نصاب الدورة الثانية.
المعسكرات النيابية الموجودة داخل قاعة ساحة النجمة، تؤكد أن الجميع متخبط. فلا حزب الله قادر مع حلفائه على ايجاد مرشح توافقي يجمع حركة أمل والتيار الوطني الحر، ولا الكتل الأُخرى قادرة على احداث تغيير في الستاتيكو القائم، بل إن الاخيرة تحولت الى مجموعة من الاختلافات والانقسامات. فمعسكر التغييريين جبهات عدة، وكل جبهة تُوجه بندقيتها نحو الجهة الأُخرى اما معسكر المعارضة أو المستقلين فلديه تحفظات على سلوك بعض النواب السُّنة المحسوبين على السعودية ودار الفتوى، اما نواب المعارضة فيحملون مشاريع كثيرة وكل طرف لديه مرشحه. كل هذا الاختلاف أدى حتى اللحظة الى منع التوافق وقَطَع الطريق أمام طاولة الرئيس نبيه بري الحوارية ودفنها بمهدها ولم يعد أمام الاطراف الا مد اليد الى الخارج والمساعدة على ايجاد المرشح التوافقي السحري ليُخرج جلسة الانتخاب من رتابتها.
في جيب حزب الله ورقة سليمان فرنجية وهو حريص على عدم حرق الاسم، وعندما فاتح الامين العام السيد حسن نصرالله رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالاسم وشدد أمامه على ضرورة ايجاد مخرج لترشيحه من باب علاقته مع مختلف الشرائح الوطنية وأن بامكانه الفوز بالاكثرية المطلوبة من الاصوات، ذكر السيد باسيل بما فعله فرنجية مع الرئيس ميشال عون عندما وقف الى جانب المحور ورفض تأمين النصاب لانتخابه كي لا يصيب الحلف بمقتل، وعليه فإن المطلوب من التيار اليوم رد الجميل ولو بالحد الأدنى لحليف فضَّل التخلي عن طموحاته الرئاسية من أجل بقاء الحلف متماسكا وراء الرئيس ميشال عون عام 2016.
لم يتأخر التيار بتسريب بعض ما ورد من لقاء نصرالله فرنجية لاسيما كل ما يتعلق برئيس المرده وتبنيه من قبل أطراف يقول التيار إنها من صلب المنظومة الفاسدة وعنى بها الرئيس نبيه بري ورئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والحريرية السياسية. باسيل الذي وجد اصرارا من قبل حزب الله على السير بفرنجية او بما يُعادله بالنسبة للمقاومة، رأى أن اللجوء الى بكركي والاتفاق مع الراعي حول اسم بديل عن فرنجية يحظى أيضا بمباركة القوات يمكن أن يسحب البساط المسيحي عن فرنجية ويحشر الثنائي حزب الله وأمل، ويُخرج ورقة الرئاسة من حارة حريك ويعيدها “شكلا” الى عباءة الصرح البطريركي.
“مصيبة” فرنجية التي جمعت القوات بالتيار في العام 2016 تتكرر اليوم حيث يسعى الثنائي المسيحي الى غطاء الكنيسة لتأمين استبعاد رئيس المرده أو أي مرشح يحمل مشروعا يمكن أن يُشكل خطرا على طموحات باسيل-جعجع، وعندها يمكن أن تطرح بكركي مرشحا يكون صلة وصل بين الاطراف المسيحية ولا يكون استفزازيا للثنائي حزب الله حركة أمل ويُجمع عليه الخارج.
أدرك باسيل أنه انضم الى جعجع في السباق الرئاسي، فرئيس القوات يردد أن حظوظه الرئاسية في ظل الخلاف الجوهري بين السعودية وايران تُضاف اليه الخصوصية الداخلية حولته من مرشح طبيعي الى شريك في اختيار الرئيس، كذلك باسيل الذي أدرك ان النقمة الكبيرة عليه من طرف أساسي في البلاد والرفض الخارجي له من قبل الدول المؤثرة على المشهد الداخلي وضعته في الخانة نفسها مع جعجع، فتحول رئيسا أكبر كتلتين مسيحيتين من مرشحين طبيعيين لرئاسة الجمهورية الى باحثين عن مرشح يمكنهما “المونة” عليه.