أُرجِئت الإستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المُكلّف تشكيل الحكومة لأسبوع كامِل، بعدما كانَ من المُقرر إجراؤها اليوم، وسطَ حظوظ بدَت شبه محسومة لصالح سعد الحريري. وجاءت «الأسباب الموجبة» للتأجيل إلى الخميس المُقبل، في بيان مقتضب صدر عن القصر الجمهوري مساء أمس قال انه حصل «بناء على طلب بعض الكتل النيابية ولبروز صعوبات تستوجب العمل على حلها». وبحسب المعلومات، فإن التأجيل أتى بسبب إصرار الحريري على الفوز بورقة تكليفه رئيساً للحكومة، وعدم تقديم أي ضمانات للكتل التي تريد تسميته، مكرراً في ذلك تجربة السفير مصطفى أديب.
وفيما أشيع امس ان فرصة الأسبوع التي وفّرها التأجيل سببها تصميم النائب جبران باسيل على أن يسبق التكليف لقاء أو اتصال بينه وبين الحريري للتفاوض حول تشكيل الحكومة، أكّد باسيل أن التأجيل لن يغيّر موقف تكتله، ما يعني التمسك برفض تسمية الحريري.
وبدا عشية الإستشارات أن معظم الكتل النيابية، باستثناء حزب «القوات» و«التيار الوطني الحر»، أبدَت ميلاً لتسمية الحريري الذي كفلَ في جيبه معاودة تكليفه بما لا يقلّ عن ستين صوتاً نيابياً. فإلى جانب كتلة «المستقبل»، أعلن رئيس حزب «المردة» سليمان فرنجية تأييد الحريري، كما كانت أصوات حركة أمل والطاشناق وكتلة «الوسط المستقل» ستصبّ لصالحه، وسطَ معلومات تحدّثت عن اتجاه «اللقاء التشاوري» الى تسميته أيضاً، فيما بقي موقف حزب الله غير معلن.
ولم يُخفِ رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، استياءه من التأجيل، إذ نقلت عنه قناة «ان بي ان» بأنه «ضد التأجيل ولو ليوم واحد». فيما لفتت مصادر في فريق 8 آذار الى أن حزب الله لا يمانع التاجيل، وربما يطلبه، لجهة عدم رضاه عن اداء الحريري الذي يكرر التجربة نفسها التي خاضها بالسفير مصطفى أديب، إذ لا يزال يرفض تقديم أي وعود او ضمانات بشأن تأليف الحكومة، مستنداً إلى زخم دولي، وخاصة فرنسي يدعمه. وتبيّن ان الوفد النيابي الذي أرسله الحريري للقاء الكتل النيابية، برئاسة عمته النائبة بهية الحريري، لم يخض جدياً في أي مشاورات، بل اكتفى بسؤال الكتل التي يلتقيها عما إذا كانت لا تزال تؤيد المبادرة الفرنسية.
وقبيل صدور بيان إرجاء الإستشارات سُجّلت إتصالات مكثفة، قامَ بجزء منها بحسب المعلومات الرئيس بري لتأكيد إجراء الإستشارات، فيما أعلنت مفوضية الإعلام في الحزب الإشتراكي، في بيان، أن رئيس الحزب وليد جنبلاط تلقى اتصالاً من الحريري. وبحسب المعلومات كانَ «اتصالاً إيجابياً» أفضى الى قرار جنبلاط بتعديل موقفه نحو تسمية الحريري. كما تلقى جنبلاط، بحسب البيان، اتصالاً من «مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باتريك دوريل، بهدف إنجاح المبادرة الفرنسية وتنفيذ الإصلاحات التي تضمنتها».
يكرّر الحريري التجربة التي خاضها بأديب، رافضاً تقديم أي ضمانات بشأن تأليف الحكومة
من جهة أخرى، واصلت كتلة «المستقبل» برئاسة النائبة بهية الحريري جولتها على الكتل النيابية، وزارت مقر تكتل «لبنان القوي»، حيث التقت أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان، فيما تغيّب باسيل عن اللقاء. ثم زار الوفد «اللقاء التشاوري»، كما التقى وفداً من كتلة «الوفاء للمقاومة». أما تكتل «الجمهورية القوية» فعقد اجتماعاً مطولاً تحدث بعده رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، معلناً: «إننا لن نسمي لا الحريري ولا سواه، في استشارات الغد، لأن المواصفات لتشكيل حكومة إنقاذ فعلية غير موجودة في أي شخصية».
من جهة أخرى، التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر ترافقه السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا. وخلال اللقاء، عبّر شينكر عن «اهتمام خاص بطرح البطريرك الراعي حول حياد لبنان الناشط» واستمع منه إلى عرض مفصّل حوله. كما تطرّق إلى موضوع الحكومة الجديدة، مشدّداً على أنّ «ما يهمّ الولايات المتحدة هو تشكيل حكومة فاعلة شفّافة، تقدّم الخدمات الأساسية للشعب اللبناني، بغضّ النظر عن اسم رئيسها».
الأخبار