قد يذهب الرئيس نجيب ميقاتي الى تأليف حكومة في الاسابيع المقبلة قبل موعد الشغور الرئاسي وبمباركة من فريق العهد عبر وساطة قادها حزب الله والرئيس نبيه بري. ولكن ثمّة أسئلة تبحث عن أجوبة وتتعلق حصرا بالثمن الذي سيدفعه ميقاتي لقاء تنازل العهد عن شروطه وتحديدا في الشق المتعلق بتطعيم التشكيلة بـ “ست حقائب” سياسية تُضاف الى الحقائب الـ 24.
تشير المعطيات الى أن المقايضة على هذا التنازل تقتضي التزام ميقاتي بتمرير ملف التعيينات الذي يريده التيار الوطني الحر ويتعلق ببعض المراكز الشاغرة في الادارة العامة لاسيما من الفئة الاولى والثانية وتستوجب توافقا عليها قبل طرحها على الحكومة الجديدة. واللافت أن الاطراف كافة تريد حصتها من هذه التعيينات التي قد تُهمش بعض الاحزاب كالمستقبل والقوات اللبنانية والاطراف المعارضة الأُخرى. ويُراهن التيار الوطني الحر على عامل الوقت للعب ورقة التأليف في مقابل تنازل ميقاتي ومعه الاطراف التي تضغط للإسراع بالتشكيلة الحكومية على بعض المراكز الشاغرة من الحصة المسيحية لصالح التيار وخلفه باسيل الذي قد يستغل أيضا حملة رئيس تيار المرده سليمان فرنجية الرئاسية لضم بعض المراكز الشاغرة التي كانت من حصة فرنجية، كون الاخير لا يريد فتح جبهة مع أحد في هذا التوقيت ويُفضل الحياد وهو في الاساس بغنى عن تلك الجبهات في ظل منافسة رئاسية تمنعه من تقديم فرص مجانية لخصومه.
لمس ميقاتي في اللقاء الاخير مع الرئيس عون واقعا جديدا أكثر مرونة بشأن التأليف، لاسيما وأن الرجل شغل محركاته باتجاه الرئيس نبيه بري وحزب الله للضغط أكثر على فريق العهد للتفاوض من اجل الاسراع في التأليف، وقد وضع أمام الرئيس عون جملة معطيات تؤكد أن الامور ذاهبة الى الفوضى قبل موعد انتهاء العهد في الحادي والثلاثين من تشرين الاول، وأنه في حال لم يتم تأليف الحكومة في الاسبوعين المقبلين فإن الاتجاه هو نحو انفلات مالي كبير يعقبه انفجار في الشارع قد يؤدي الى زعزعة الاستقرار الأمني يدفع كل الاطراف ثمنه، أما الذهاب نحو حكومة جديدة تتسلم زمام الامور في مرحلة الفراغ الرئاسي الى حين التوافق على اسم رئيس جديد للبلاد، فذلك قد يُفرمل الى حد كبير الفوضى التي يتجه اليها لبنان ويُسهل أيضا الاستحقاقات الداهمة وعلى رأسها ملف الترسيم والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي
وضع ميقاتي الكرة في ملعب العهد آملا بأن يعود من بريطانيا وأمامه فرصة جدية من قبل فريق العهد لضمان تأليف الحكومة مع تغيير بسيط جدا قد يطال وزير المهجرين على أن تكون تسميته مشتركة بين النائبين السابقين وليد جنبلاط وطلال ارسلان، على أن تنصرف الحكومة من بعدها الى اعداد المراسيم المتصلة بتلك الاستحقاقات في حال كان مسار التفاوض سهلا ووصل الى خواتيمه السعيدة.
يعمل ميقاتي على تمرير التشكيلة مستفيدا من عامل الوقت ومن رغبة الرئيس عون الجدية بتأليف حكومة قادرة على مواجهة تحديات الفراغ الرئاسي في حال وصلنا اليه، في المقابل يسعى العهد وخلفه التيار الوطني الحر الى الحصول على بعض المكتسبات المرتبطة بالتعيينات في مختلف المرافق اضافة الى حل مسألة الموقوفين في ملف انفجار المرفأ والمحسوبين على التيار.