سبعة وأربعون عاماً مرّت على تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، ولم يكن هذا الغياب انطفاءً لصوتٍ أو مشروع، بل على العكس ازداد الإمام تألقاً وحضوراً، وتحولت قضيته إلى رمز جامع يتجاوز الطوائف والحدود.
رجل الدين والإنسان
الإمام الصدر لم يعرف فاصلاً بين الدين والإنسان، بل جعل من الدين طريقاً لخدمة الناس ورفع معاناتهم. نزل إلى الساحات، تحدّث بلغة الفقراء، ووقف إلى جانب العمال والمحرومين، مؤكداً أن مقاومة الظلم جزء من الإيمان، وأن العدالة هي أساس الملك.
لبنان الوطن النهائي
في زمن الانقسامات الداخلية، رفع الإمام راية الوحدة الوطنية، فكان الجسر بين الطوائف والمذاهب، والرائد في الدعوة إلى الحوار والعيش المشترك. وأعلن بوضوح أن لبنان هو الوطن النهائي لجميع أبنائه، لا ساحة لتصفية الحسابات ولا محطة عابرة، بل وطن دائم، يقوم على الحرية والكرامة والمساواة.
الدفاع عن لبنان والتمسك بالأرض
حذّر الإمام مبكراً من الأطماع الإسرائيلية، ورأى أن الدفاع عن لبنان واجب مقدّس. داعيا للتمسك بالأرض لأنها عنوان الكرامة والهوية، مؤكدا أن الوطن الذي لا يُدافع عنه يتحول إلى وطن ضائع.
فلسطين القضية المركزية
لم يفصل الإمام بين حماية لبنان ونصرة فلسطين، فاعتبر أن احتلال فلسطين ليس شأناً فلسطينياً فحسب، بل هو جرح في ضمير الأمة والإنسانية جمعاء. وأكد أن أي تهاون في مواجهة العدو الإسرائيلي هو تفريط بلبنان وكل المنطقة.
الإصلاح السياسي… شرط البقاء
إلى جانب قضايا المقاومة والوحدة، شدّد الإمام الصدر على أن لا بقاء للبنان بلا إصلاح سياسي جذري. فقد أدرك أن النظام القائم على الطائفية والمحاصصة ينتج أزمات متلاحقة، وهو ما نعيشه اليوم من:
• شلل دائم في المؤسسات.
• تفشي الفساد والمحسوبية.
• تهميش الكفاءات والشباب.
• تعطيل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
• فقدان ثقة المواطن بدولته.
ولذلك دعا الإمام إلى الانتقال نحو دولة مدنية عادلة، تُنهي الطائفية وتبني المواطنة الحقيقية.
الشباب ركيزة التغيير
كان الإمام يؤمن بأن الشباب هم طاقة التغيير وبناة المستقبل. واليوم، بعد سبعة وأربعين عاماً، تبدو دعوته أكثر إلحاحاً: شباب يتمسكون بأرضهم، يدافعون عن وطنهم، يناصرون فلسطين، ويقودون مشروع الإصلاح السياسي لبناء دولة عادلة.
حضور لا يغيب
لقد أثبتت العقود الماضية أن تغييب الإمام الصدر لم يكن غياباً، بل ولادةً لحضور أكبر. فصوته لا يزال يتردّد، وفكره يزداد إشعاعاً، ومشروعه يتحول إلى بوصلة تهدي الأجيال في كل أزمة.
فالإمام الصدر ليس شخصاً غائباً، بل هو مشروع حاضر، ونداء دائم نحو الإنسان والعدالة، نحو الدفاع عن لبنان، نحو تحرير فلسطين، ونحو لبنان الوطن النهائي لجميع أبنائه، القائم على الإصلاح السياسي والتمسك بالأرض.