على مدى خمس ساعات تقريباً، اجتمع مجلس القضاء الأعلى للتباحث بشأن “تمرُّد القاضية غادة عون” قبل أن يخرج المجتمعون بلا شيء. الخلاصة كانت: “سننتظر القاضية عون لنعرف ماذا ستقول”. وجد أعضاء مجلس القضاء الأعلى أنفسهم مفلسين يترقبون جلسة الغد للاستماع إلى عون ليبدأ التداول: “هل سترضخ عون أم أنها ستُصعّد؟ هل ستأتي إن دعوناها أم أنّها لن تأتي؟”. أكثروا من طرح الأسئلة، إلى أن وصلهم الخبر بأنّها قررت الحضور حاملة 3 شكاوى ضد المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات. واحدة ستُسلّمها إلى وزيرة العدل، وأُخرى ستُسلّمها إلى مجلس القضاء الأعلى وثالثة ستُسلّمها إلى رئيس هيئة التفتيش القضائي.
إزاء ذلك، انتقل المجتمعون إلى الفرضيات المتاحة من دون أن يكون هناك مخرجٌ لائق أمام مجلس القضاء الأعلى لحفظ ماء وجهه، ولا سيما أنّ المجتمعين لا يزالون يرون أنّ القاضية عون “مسنودة” من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تستمد قوتها منه، كما من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يدعمها في خطوتها الأخيرة التي شدّت عصب الجمهور في مختلف الأحزاب.
هذه المداولات كانت تحصل على وقع أصوات المتظاهرين الذين انقسموا أمام قصر العدل بين مؤيدٍ لعون، ومؤيدٍ لقرارات مجلس القضاء الأعلى ضدها. ليس لدى مجلس القضاء أي خيارات. تطبيق المادة 95 من قانون القضاء العدلي المتعلقة بطرح أهلية القاضي غير ممكن. يبقى مخرجٌ وحيد مرتبط بهيئة التفتيش القضائي الذي له إن اكتشف ارتكابها لمخالفات أن يقترح على وزيرة العدل ماري كلود نجم كفَّ يدها، إلا أنّ أعضاء مجلس القضاء الأعلى يعلمون أنّ وزيرة العدل لن توافق على قرار من هيئة التفتيش بكفّ يد القاضية. وبالتالي، بات مجلس القضاء الأعلى مكبّلاً في مواجهة النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان.
وهنا يزداد المشهد قتامةً. إذ إنّ عدم التوصّل إلى حلّ يعني مزيداً من التعقيد بشكل يُنبئ بأنّ الأجهزة الأمنية ستنقسم. وسيكون هناك أجهزة لن تنفّذ إشارات القاضية عون كقوى الأمن الداخلي، في مقابل أجهزة ستنفّذ إشاراتها كجهاز أمن الدولة المحسوب على العهد. وبالتالي، لن تكون هناك إمكانية للحل سوى “بالسياسة”، لتدخل القضية بازار البيع والشراء بعدما عجز أهل القضاء عن حل مشكلتهم بأنفسهم.
وذكرت مصادر مطّلعة على الملف أن هناك سعياً للتوصل إلى تسوية لوقف الصدام على قاعدة لا غالب ولا مغلوب بين عويدات وعون. لكن، سيكون القضاء الحلقة الأضعف مجدداً.
Vdlnews