على رغم أنّ «حزب الله» لم يعلن حتى الآن مرشّحه الى رئاسة الجمهورية أو تبنّى ترشيح أي شخصية، إلّا أنّه يحاول عبر اتّصالات سياسية غير معلنة، تسويق اسم حليفه رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية كمرشح «توافقي» للرئاسة، إنطلاقاً من أنّ فرنجية يحظى حتى الآن بتأييد نحو 50 نائباً يتوزّعون بين كتلتي «الوفاء للمقاومة» و»التنمية والتحرير» وبعض النواب المسيحيين المستقلين والسنة القريبين من رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري. وبدأت حوارات «خافتة» لتأمين غالبية نيابية لفرنجية ولو كانت الغالبية البسيطة أو الأكثرية العادية أي 65 نائباً. ولتأمين هذه الغالبية يحتاج «حزب الله» الى تأييد أفرقاء سياسيين آخرين لفرنجية، مثل رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. وانطلق هذا الحوار مع الجهتين، بحيث هناك نقاش قائم على هذا المستوى، بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وجنبلاط من جهة، وبين «الحزب» وباسيل من جهةٍ ثانية، على أن ينسحب هذا الحوار على باقي شرائح المجتمع السياسي اللبناني، في حال اقتنع جنبلاط وباسيل بذلك. ويبدو أنّ «حزب الله» يعوّل على أنّ هناك إمكانية للنجاح في مهمة «الإقناع» هذه.
وكان الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله تناول موضوع الرئاسة في إطلالته الأخيرة، السبت الفائت، وأعلن تأييده لـ»الدعوات الى الاتفاق حول الرئيس، وأن يكون هناك لقاءات للحوار بعيداً من التحدي والفيتوات التي تُطلق مسبقاً». كذلك اعتبر نصرالله أنه «يجب العمل لأن يأتي رئيس يحظى بأوسع قاعدة ممكنة سياسية ونيابية وشعبية…». كلام نصرالله هذا أراد أن يوصل من خلاله رسالة مفادها أنّه يجب على الرئيس المقبل أن يتمتّع بحيثية وليس أن يكون «مجهولاً أو نكرة لا نعرفه، وأن يكون لديه برنامج سياسي واضح، فالبلد يمرّ في أزمة على كلّ الأصعدة»، وفق ما تشرح مصادر مؤيدة لـ»الحزب». أمّا دعوته الى رئيس توافقي فتنطلق من التعددية في مجلس النواب الحالي، إذ لا بد من تأمين نصاب الثلثين أي 86 نائباً لعقد الجلسة الانتخابية الأولى، كذلك لا بدّ من تأمين غالبية ولو بسيطة أي 65 نائباً لأي مرشح، وبالتالي لا بدّ من تفاهم سياسي على الرئيس المقبل.
وإذ تفيد معلومات أنّ بري قد يدعو أواخر أيلول الجاري أو مطلع تشرين الأول المقبل الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، ستكون هذه الدعوة رسالة الى الأفرقاء السياسيين للاستعجال بتحديد الموقف من تأمين النصاب ومن دعم مرشح رئاسي. وعند الدعوة الى انتخاب رئيس من المفترض أن تصبح الاتصالات السياسية على هذا المستوى، والتي تجري الآن تحت الأضواء، علنية وبوتيرة أسرع.
وفي حين قرأ البعض في كلام نصرالله رسالتين، الأولى موجهة الى باسيل وفرنجية بأنه يبحث عن رئيس توافقي وأنّهما لا ينتميان الى المساحة التوافقية، والثانية الى نواب التغيير الـ13 وغيرهم من الكتل النيابية بأنّه يريد رئيساً توافقياً ويمدّ اليد الى الحوار، ترى جهات معارضة أنّ موقف نصرالله هذا عام ولا يُمكن التوقف عنده، لأنّ «حزب الله» لم يحسم لغاية اللحظة موقفه رئاسياً. إذ في العمق يُمكن أن يعتبر «حزب الله» في أي لحظة أنّ فرنجية أو باسيل رئيس توافقي، فهو يعتبر أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توافقي. وبالتالي لا يُمكن الركون الى ما يطلقه نصرالله من مواقف على هذا المستوى، فالأساس أنه ليس لديه مرشح لغاية هذه اللحظة لأنّه مربك على المستوى الرئاسي، فهو لا يستطيع الذهاب الى أي خيار بلا موافقة عون وباسيل، لذلك لم يتبنَّ أي ترشيح، لأنّه إذا فعل ذلك خلافاً للاتفاق مع عون وباسيل سيضع نفسه في مواجهتهما، وهو ليس في هذا الوارد، إذ لا يخسر بهذا الفعل غطاءً مسيحياً فقط بل كتلة نيابية كبرى يستطيع من خلالها التعطيل. لذلك فإنّ «حزب الله» مكبّل بسبب موقف فريق العهد، فهو لغاية اللحظة لم يتفق معه على الانتخابات الرئاسية، فلا اتفاق مع عون على ترشيح باسيل ولا اتفاق مع باسيل على مرشح يتبنّاه.
وفي حين تكمن العقبة الأساس أمام «حزب الله» لتبني ترشيح فرنجية في إقناع باسيل، سيذهب في حال نجح في ذلك، الى تأمين النصاب، لكن لا إمكانية لذلك، بحسب جهات معارضة، إذ إنّ المعارضة النيابية بمكوناتها المختلفة لن تشارك في هذه الجلسة، وبالتالي حتى لو نجح فريق الممانعة في إقناع باسيل وجنبلاط فلن يتمكّن من تأمين النصاب اللازم لجلسة الانتخاب. وإذ ترى جهات سياسية أنّ أي مرشح ينتمي الى خط «حزب الله» لا يُمكن أن يمرّ لاعتبارات محلية وخليجية وخارجية، وأنّ «الحزب» يعرف سلفاً أنّ هذا الخيار معدوم الفرص الآن، إلّا أنّ «ملامح» الرئيس المقبل لم تكتمل بعد، وهي مرهونة بلحظة الانتخاب المرتبطة بدورها باللحظة الإقليمية – الدولية، وإذا كانت التوجُهات الأميركية – الإيرانية – السعودية تنحو الى التوافق أو المواجهة.
راكيل عتيّق – نداء الوطن