في خضم الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتزاحمة في لبنان، مترافقة مع تطورات على صعيد المنطقة والعالم، وكالة شفقنا كان لها لقاء خاص مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب، للوقوف على أبرز هذه الأحداث.
دور المؤسسات الدينية في الحل السياسي:
ففي حين يسأل البعض عن دور المؤسسات الدينية كافّة في لبنان في التدخل لمعالجة الأوضاع المعقدة التي يعيشها البلد، وعن أن حضورها قد تراجع، يؤكد الشيخ الخطيب أن المؤسسات الدينية لم يخفت صوتها، ففي بعض الأحيان هناك شكوى من بعض المؤسسات الدينية التي تتدخل في قضايا لا يجب أن تتدخل فيها، مع التشديد على ضرورة أن يكون هذا الصوت عاليًا في تعزيز الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وتعزيز المؤسسات الدستورية ودعم المؤسسات لتكون الدولة قوية وقادرة على الدفاع عن نفسها وحدودها وأرضها وشعبها.
ويضيف سماحة الشيخ: المؤسسات الدينية يجب أن تتوحّد ويبقى صوتها يصدح للحفاظ على القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تحمي المجتمع والعائلة والبلد القضايا الأساسية.
هل حقق المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أهدافه:
عند تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على يد الإمام السيد موسى الصدر في أوائل سبعينيات القرن الماضي، شهد ذلك الوقت العصر الذهبي للمجلس، ووضع الإمام الصدر نصب عينيه عشرات الأهداف التربوية والسياسية والوطنية، بعضها تحقق وبعضها لم يتحقق بسبب جريمة إخفائه في ليبيا عام 1978. وتابع المجلس عمله على خطى الإمام ساعيا لتحقيق أحلامه وأهدافه، وهنا يشير سماحة الشيخ الخطيب إلى أن المجلس لم يأخذ دوره الكامل كمؤسسة للوصول إلى الأهداف التي رسمها وخصوصا في قضايا التوجيه الأخلاقي والديني، وموضوع الأوقاف والكثير من القضايا، بسبب الظروف غير المساعدة التي عصفت بلبنان وأولها الحرب الحرب الأهلية عام 1975، والحروب الإسرائيلية التي خيضت ضد لبنان، فكل هذه القضايا دفعت المجلس الاسلامي الشيعي باتجاه آخر، للوقوف إلى جانب الناس ومعاناتهم، ولم تحصل الفرصة المناسبة لإعطاء المجلس فرصه لأن يأخذ دوره في سائر المجالات وأن يحقق الأهداف كاملة التي أريدت له.
ألا يوجد ضرورة لتعديل الأنظمة والقوانين لتنظيم المجلس؟
العديد من القوانين والأنظمة التي وُضعت للمجلس وقت تأسيسه كانت في ظل واقع يختلف كثيرا عما نحن عليه اليوم، فهل هناك حاجة اليوم إلى تعديل هذه القوانين بما يتلاءم مع الواقع الحالي؟
يجيب الشيخ الخطيب بالإيجاب، ويؤكّد أن أي نظام من الأنظمة أو أي مؤسّسه من المؤسسات بحاجه دائما لتجدد قوانينها وتطوّرها بما يتلاءم مع الأوضاع الجديدة، ويضيف: هناك تطور كبير جدا منذ تأسيس المجلس لليوم، هناك أولا نسبة كبيرة جدًّا من الخريجين والمتعلمين والاختصاصيين من جميع المجالات لم تكن بهذه الأعداد في زمن التأسيس، وهذا الأمر يحتاج إلى التعديل، وقد شكّلنا لجنة لاقتراح قانون معدّل جديد ولكن لم نصل إلى الخواتيم بهذا الملف بسبب الظروف التي يعيشها البلد.
هل يعود المجلس إلى مقرّه الرئيسي في الحازميّة؟
المقر الرسمي للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى هو في منطقة الحازمية في جبل لبنان، إلا أنه نتيجة الحرب انتقل إلى مقرّه المؤقّت في منطقة حارة حريك، فلماذا اختار الإمام الصدر منطقة الحازمية؟ وهل ممكن أن يعود إليها؟
يجيب نائب رئيس المجلس بأن نظرة الإمام الصدر المتقدمة والبعيدة، وعمله على اندماج الشعب اللبناني في رؤية واحدة، والخروج من الحالة الطائفية إلى الحالة الوطنية، هي التي دعته إلى أن يكون مبنى المجلس في الحازمية، ويقول: البعض من الذين يهمهم أن يسعّروا الوضع الطائفي في البلد عارضوا الإمام الصدر، وشنوا حملة عليه، وحاولوا أن يوسموا خطوته بسمات غير وطنيّة، كالتمدد الشيعي أو ما شابه ذلك، وهذا غير صحيح لأن الإمام الصدر سيرته ورؤيته وتعاطيه مع سائر مكونات المجتمع اللبناني لا توحي بهذا على الإطلاق، بل على العكس كل خطواته كانت تؤكّد على انفتاحه على كافّة الطوائف، وذهابه إلى كنيسة الكبوشيّة ومحاضرته فيها خير دليل، فلم يعهد أحد من علماء المسلمين أن قام بهكذا خطوة، بل ربما البعض رأى أنها خطوة غير صحيحة وشن حملة على الإمام.
ويضيف الشيخ الخطيب في حديثه عن الإمام الصدر ويقول: الامام الصدر ونظرته الوطنيّة والإنسانيّة والأخلاقيّة، وفهمه للديانات وفهمه للطوائف على أنها نعمة كما عبّر في أكثر من مرّة وكما نرى نحن أيضا، هو الذي دعا أن يكون المجلس في الحازميّة وأن يكون مكانًا للتلاقي والتقارب بين جميع الطوائف اللبنانية، ونتيجة الظروف التي مررنا بها خلال الحرب، مع الإشراة إلى أن الإمام لم يترك الحازمية حتى في فتره بدايات الحرب، وأصرّ على وحدة البلد وعلى رفض الحرب التي سميت زورا بالحرب الإسلامية المسيحية وهذا لم يكن صحيحا على الاطلاق،