إثر تمدّده وانتشاره على نطاق واسع في عشرات دول العالم، بات فيروس “كورونا”، مثل كلّ مرض أو حدث جديد، محاطًا بالعديد من الإشاعات والخرافات التي حولته إلى “فيروس خارق” خلافًا للحقائق العلميّة.
في هذا الإطار، سلّط تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانيّة الضوء على أبرز الاعتقادات الخاطئة أو المزاعم المتعلقة بفيروس كورونا، المعروف أيضًا باسم “كوفيد 19″، والذي أودى بحياة 3383 أشخاص حول العالم.
الخرافة الأولى: فيروس كورونا الجديد يتحوّل إلى سلالة أكثر فتكًا
بمرور الوقت، تراكم جميع الفيروسات الطفرات، وفيروس كورونا الجديد لا يختلف عنها، غير أنّ مدى انتشار سلالات مختلفة من الفيروس يعتمد على الانتقاء الطبيعيّ، فالسلالات التي يمكن أن تنتشر بشكل أسرع وتكرارها بشكل فعّال في الجسم، ستكون الأكثر نجاحًا.
ولا يعني هذا بالضرورة الأكثر خطورة على الناس، لأن الفيروسات التي تقتل الناس بسرعة أو تجعلهم مرضى بشكل كبير قد تقل احتمالية انتقالها.
على أي حال، فالتحليل الوراثي للفيروس، الذي أجراه العلماء الصينيون على 103 عينات من الفيروس، مأخوذة من مرضى في ووهان ومدن أخرى، لم يكشف كثيرًا باستثناء أنه ظهرت سلالتان رئيسيتان من الفيروس، واحد أكثر انتشارًا وعدوانيّة، والثانية سبق أن عثر عليها في السلالات السابقة من فيروس كورونا (ميرس وسارس(.
ومع ذلك، فهذه النظرية متضاربة في هذه المرحلة، إذ لا توجد حتى الآن مقارنات مباشرة لمعرفة ما إذا كان الأشخاص الذين يصابون بنسخة واحدة من الفيروس أكثر عرضة للإصابة به أو يعانون من أعراض أكثر حدّة.
الخرافة الثانية: ليس أكثر خطورة من إنفلونزا الشتاء
ظهرت العديد من التقارير التي تقول إنّ فيروس كورونا الجديد ليس أسوأ من الإنفلونزا العاديّة، غير أنّه إذا ألقينا نظرة عامة على الفيروس، بما في ذلك معدل الوفيات، فإنه سيتضح أنّ “كوفيد 19” أكثر خطورة.
ففي بداية تفشّي المرض، ربما كان معدل الوفيات الظاهر مبالغًا فيه إذا تمّ تفويت الكثير من الحالات الخفيفة، ولكن في هذا الأسبوع، قال خبير من منظمة الصحة العالمية قاد بعثة دوليّة إلى الصين للتعرف على الفيروس، إنّ هذا لم يكن هو الحال مع كوفيد 19.
كما أشار الخبير بروس إيلوارد إلى أنّ الأدلة لا توحي بأننا رأينا قمة الجبل الجليدي، فإذا تمّ إثبات ذلك بإجراء مزيد من الاختبارات، فقد يعني ذلك أن التقديرات الحالية لمعدل الوفيات بنسبة 1 في المئة تقريبًا دقيقة.
هذا من شأنه أن يجعل فيروس كورونا الجديد أكثر فتكًا من الإنفلونزا الموسميّة بنحو 10 أضعاف، إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ الإنفلونزا تقتل في العالم، ما بين 290 و650 ألف شخص سنويًا.
الخرافة الثالثة: يقتل كبار السن فقط
معظم الأشخاص الذين ليسوا من كبار السن ولا يعانون أمراضًا مزمنة لن يصابوا بأعراض خطيرة من كوفيد 19، لكن لا يزال لدى المرض فرصة أكبر للتسبب بأعراض خطيرة في الجهاز التنفسيّ مقارنة بالإنفلونزا الموسميّة.
كما أن هناك مجموعات أخرى معرضة للخطر، مثل مجموعة العاملين في القطاع الصحيّ، فهي أكثر عرضة للخطر لكونهم معرضين بدرجة أكبر للفيروس من خلال التعامل مع المصابين به، علمًا أن الإجراءات التي يتخذها الشباب، الأصحّاء، بما في ذلك الإبلاغ عن الأعراض واتباع تعليمات الحجر الصحيّ، سيكون لها دور مهم في حماية الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع.
الخرافة الرابعة: الكمامات غير مفيدة
من المؤكد أنّ ارتداء كمامات الوجه ليس ضمانًا بعدم الإصابة بالفيروس، الذي يمكنه أن ينتقل أيضًا من خلال العينين.
كما يمكن لجزيئات الفيروس الصغيرة، المعروفة باسم “الهباء الجوي”، اختراق الكمامات، التي يمكن أن تكون فعالة في التقاط القطرات (الأكبر حجمًا) التي تشكل أحد طرق الانتقال الرئيسيّة لفيروس كورونا، علمًا أن بعض الدراسات قدرت أنّ الكمامات توفر حماية تزيد بنحو 5 أضعاف مقارنة بمن لا يستخدمونها.
وإذا كان من المحتمل أن تكون على اتصال وثيق بشخص مصاب بالفيروس، فإنّ الكمامات تقلل من فرص انتقال المرض، وإذا ظهرت عليك أعراض الفيروس، أو تمّ تشخيصك، فإنّ ارتداء كمامات يحمي الآخرين أيضًا.
ومن هذا المنطلق فإنّ الكمامات ضرورية للعاملين في مجال الرعاية الصحيّة والاجتماعيّة الذين يعتنون بالمرضى، كما يوصى بها لأفراد الأسرة الذين يحتاجون إلى رعاية شخص مريض، غير أنّ ارتداء الكمامات لن يحدث فرقًا كبيرًا على الأرجح إذا كان المرء يتجوّل في أنحاء المدينة أو يستقل حافلة.
الخرافة الخامسة: يجب أن تكون مع شخص مصاب لمدة 10 دقائق
بالنسبة للإنفلونزا، تحدد بعض إرشادات المستشفيات إمكانيّة التعرض للإصابة بالاقتراب من المريض، الذي يعطس أو يسعل، مسافة 3 أمتار والبقاء معه لمدة 10 دقائق أو أكثر.
ومع ذلك، فمن الممكن أن يصاب المرء بالبقاء مع مريض مصاب لفترة أقل من 10 دقائق، أو حتى عن طريق التقاط الفيروس من الأسطح الملوثة، على الرغم من أنها وسيلة الانتقال الأقل شيوعًا.
الخرافة السادسة: قد يكون اللقاح جاهزا خلال بضعة أشهر
مع بداية ظهور فيروس كورونا الجديد، كان العلماء يحثّون الخطى لتطوير لقاح للفيروس الجديد بأسرع وقت ممكن، وساعد في ذلك الإصدار المبكر للتسلسل الجينيّ من قبل الباحثين الصينيين.
وفي الأثناء، يعكف العلماء على تطوير لقاح قابل للتطبيق، حيث تقوم فرق عدة الآن باختبار المرشحين في التجارب السريريّة.
ومع ذلك، فإنّ التجارب الإضافيّة المطلوبة قبل طرح اللقاح بشكل تجاري لا تزال مهمة طويلة الأمد، وهي مهمة ضروريّة لضمان اكتشاف الآثار الجانبيّة النادرة للقاح، ومن هنا فإنه لن يكون متاحًا تجاريًا قبل أقل من عام.
الخرافة السابعة: إذا أعلن وباء، فلا يمكننا وقف انتشار المرض
يُعرَّف الوباء بأنّه انتشار مرض جديد في جميع أنحاء العالم، لكنّ “العتبة الدقيقة” لإعلان المرض تظلّ غامضة للغاية.
ورغم ذلك، فإنّه في الممارسة العمليّة، لن تتغير الإجراءات المتخذة سواء تم إعلان وباء أم لا، ذلك أنّ تدابير احتواء المرض أو الفيروس لا تعني القضاء على المرض تمامًا.
ويعدّ تأخير ظهور الفاشية أو الوباء أو تقليل الذروة أمرًا بالغ الأهمية في السماح للأنظمة الصحيّة بالتعامل مع التدفق المفاجئ للمرضى.