محمد علوش – الديار
انتهت الجلسة الاولى لانتخاب رئيس الجمهورية بالشكل الذي كان متوقعاً، دورة أولى يتم فيها تأمين النصاب، تُرمى فيها بعض الأسماء التي لا ينال أحد منها أكثرية الثلثين، وفقدان النصاب في الجلسة الثانية، حيث كان لافتاً خروج نواب كتلة «التنمية والتحرير» من الجلسة، وهم الذين حرصوا على حضور كل جلسات الانتخاب التي سبقت وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة.
رسائل عدة حملتها الجلسة الاولى، أبرزها قد يكون استمرار تعاطي بعض النواب بخفّة مع عملهم النيابي في هذه الظروف الحساسة، كأن يقترع احدهم بإسم مهسا أميني الإيرانية التي خلقت جدلاً واسعاً مؤخراً، كذلك كان لغياب النائبة ستريدا جعجع دون عذر رسالة سياسية الى التحالف الذي يضم «القوات»، كما قرأتها مصادر نيابية، تماماً كما قرأت تصويت الحزب «الإشتراكي» الى ميشال معوض، حيث يمكن القول أن وليد جنبلاط سلّف السفير السعودي موقفاً بهذا التبني، وسيظل معوض مرشح «الاشتراكي، لعلمه أنه لن يصل الى بعبدا، وأنه سيحين وقت التسوية بعد حين، وسيتم انتقاء إسم وسطي، وبهذا لا يكون جنبلاط قد اتخذ موقفاً معارضاً للمملكة، ولا ساهم بوصول شخصية من فريق 14 آذار، وهو الذي يطالب بالخروج من الاصطفافات الحادة.
صوّت عدد من النواب السنّة للبنان لإظهارهم ككتلة وازنة، إنما المرشح الأبرز في جلسة أمس كان الورقة البيضاء، ففي الوقت الذي سارعت فيه الكتل النيابية المعارضة إلى البحث عن الآلية التي تسمح لها بالتوافق على مرشح واحد تخوض باسمه الجلسة الأولى من الاستحقاق الرئاسي، وجدت قوى الثامن من آذار و»التيار الوطني الحر» ضالتها في الورقة البيضاء، التي تمنعها أولاً من الإنقسام على نفسها في هذه اللحظة الحساسة، والتي تؤكد ثانياً أنها لم تصل إلى التوافق على أي اسم فيما بينها حتى الساعة، وتُظهر جديتها في دعم سليمان فرنجية ثالثاً.
من حيث المبدأ، خيار الورقة البيضاء كان بمثابة ضربة معلم، وهذا الخيار يؤكد مجموعة من الأمور الهامة، أبرزها قد يكون أن لا إمكانية لإنتخاب رئيس جديد من دون توافق، حتى لو توافق أبناء الفريق السياسي الواحد، وتأمين انتخاب الرئيس من المفترض أن يبدأ من ضمان النصاب. وفي السياسة فإن تبني خيار الورقة البيضاء، تحديداً للثنائي الشيعي والمتحالفين معهم من النواب، يعني من الناحية العملية عدم الرغبة في إحراق أحد أبرز الأسماء المرشحة، أي رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، خصوصاً أن المرشح المنافس هو رئيس «حركة الإستقلال» النائب ميشال معوض.
وبالتالي، يمكن القول ان قوى الثامن من آذار أو الجهات التي تتبنى ترشيح فرنجية داخل هذا الفريق، لا تريد أن تبدأ بعملية إحراق الأوراق منذ الآن، فالجلسة الأولى بمثابة محرقة، بل تسعى إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه، على أن يكون هذا الإسم أي فرنجية، خصوصاً إذا نجح في الحصول على تأييد «التيار الوطني الحر»، هو أول الأوراق الجدية التي تطرح على بساط البحث مع القوى الأخرى محلياً وخارجياً، على قاعدة أن الأمور لا تزال تحتاج إلى المزيد من الوقت كي تنضج، ربطاً بالتطورات الإقليمية والدولية.