علمت «الجمهورية» انّ عملية شرح لخطة الحكومة عبر «السكايب»، جَرت في الساعات الاخيرة، وتولّاها بعض مستشاري رئيس الحكومة، امام اللجنة المصغرة المنبثقة عن لجنة المال والموازنة، والتي تضم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس النائب ياسين جابر ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان. وتبيّن من هذا الشرح انّ التوجّه جدي ليس فقط الى الـ«هيركات»، بل الى إقران ذلك بسلّة ضرائب جديدة. وبرز في الاجابات التي أبديت حيال هذا الشرح، ما يلي:
أولاً، انّ الخطوة الاولى التي بدأت مع تعميم مصرف لبنان حيال اصحاب الحسابات من 5 ملايين ليرة و3 الاف دولار فما دون، صحيح انها يمكن ان تريح هؤلاء الى حد ما، لكنّ المستهدفين في خطة الحكومة يعدّون بما يزيد عن 100 ألف حساب، ومن بينهم مجموعة ممّن يشكلون الاقتصاد في لبنان، فهم أصحاب رؤوس الاموال التي تنشىء مصانع وشركات في شتى المجالات وتفتح المجال لتوظيفات، فإذا ما تمّ ضَرب هؤلاء، فكأنه ضرب مباشر وقاتل للاقتصاد اللبناني، فضلاً عن انّ غالبية المستهدفين هم من المغتربين، الذين كانوا يشكّلون العصب المالي للاقتصاد اللبناني، وهم المضخّة الدائمة والوحيدة للعملة الصعبة الى لبنان. فإن استهدف هؤلاء، وصودِرت أموالهم، فمن جهة ستقضي على جنى عمرهم وتعبهم، ومن جهة ثانية سينكفئون ولن يلتفتوا الى لبنان على الاطلاق.
ثانياً، الثغرة الكبرى في خطة الحكومة انّها تشخص الازمة وتحدّد حجم المبالغ «الطايرة»، بما يفوق الـ86 مليار دولار. ففي دولة تحترم نفسها، هناك الكثير ممّن هم شركاء في بَلع هذه الاموال يجب ان يكونوا في السجون.
ثالثاً، تلحظ الخطة سلة كبيرة من الضرائب؛ زيادة الضرائب على الارباح من 17 الى 20 %، زيادة الرسوم على فوائد الودائع التي تزيد عن مليون دولار من 10 الى 20 %، رفع الضرائب على الدخل بالنسبة الى الرواتب المرتفعة من 25 الى 30 %، زيادة الضرائب على أرباح الرساميل من 10 الى 15 %، رفع الـTVA على السلع الفاخرة من 11 الى 15 %، زيادة سعر صفيحة البنزين الى 25 الف ليرة وتثبيتها على هذا السعر، وضع رسم 1000 ليرة على صفيحة المازوت. تضاف الى ذلك بنود تتعلق بموظفي القطاع العام، وأخرى تركّز على نظام التعويضات والتقديمات للأسلاك العسكرية، وهو أمر يُنذر بمواجهات حامية تنتظر خطة يُفترض انها إنقاذية.
إنّ تقييم الخبراء الاقتصاديين لهذه الضرائب هو شديد السلبية، «فغالبية الشركات والمؤسسات الخاصة في لبنان في تراجع رهيب منذ تشرين الاول الماضي، ولقد انحدرت الى مستويات دون الصفر جرّاء فيروس كورنا، اي انّ معظمها قد أفلس وأقفل، والباقي منها «مَخروب بَيتو»، فإذا زيدت الضرائب عليها، فمن أين ستدفع؟ وكيف ستدفع في هذا الوضع المهترىء؟ خلاصة ذلك انّ الضرائب الجديدة ستدفع هذه الشركات الى التوقف والاقفال. كما تلحظ الخطة رفع الضريبة على الفوائدة من 10 % الى20 % فهذا أمر يمكن ان يحقق فائضاً فيما لو كانت معدلات الفائدة مرتفعة كما كانت من قبل (10 % و11 % و12 %)، ولكن أيّ فائض سيتحقق من وضع ضريبة على الفوائد اذا كانت نسبة الفائدة اليوم بحدود 2 %؟».
خامساً، كل ما هو ملحوظ في الخطة لا يطبّق بقرارات من مجلس الوزراء بل يتطلّب قوانين من مجلس النواب، ومن الآن ينبغي التأكيد انّ مرورها في مجلس النواب مستحيل. من هنا، فإنّ كل مندرجات الخطة لا قيمة لها، لأنّ المطلوب قبل هذه الخطة أمران:
الاول، توفر قرار سياسي يؤكد انّ النهج السابق قد تغيّر، وهذا ما لا تعكسه الخطة.
الثاني، أن تقدّم الحكومة للناس خطوة إصلاحية واحدة لكي تثق بها، وتصدّق انّ نيّاتها سليمة وتسعى الى الانقاذ الجدي، فعلى الاقل ان تقدّم خطوات اصلاحية، وهو امر لم تقم به الحكومة أصلاً، ما يعني انّ كل كلام عن اصلاح وإنقاذ ما هو سوى كلام بكلام.