تبلّغ رئيس مجلس النواب نبيه بري من الرئيس ميشال عون أنّ الاتجاه هو لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة في نهاية الأسبوع الحالي او مطلع الأسىبوع المقبل. لكنّ المشكلة التي تواجه هذه الاستشارات تَكمن، وفق أوساط سياسية مواكبة لهذا الملف، في عدم وجود أيّ اسم متوافَق عليه حتى الآن أو مشروع اسم قيد النقاش ويمكن ان يحظى بأكثرية أصوات النواب. وبالتالي، ليس معروفاً ما اذا كان التفاهم على اسم محدد هو أمر ممكن خلال الأيام الفاصلة عن موعد الاستشارات المفترضة، واستطراداً ليس معروفاً ما اذا كان عون سيحدد أصلاً موعد الاستشارات اذا لم يتم استباقها بحدّ أدنى من التفاهم على شخصية الرئيس المكلف، أم انه سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم ويُخرج الكرة من ملعبه، لإسكات الأصوات التي تتّهمه بالتقصير في تأدية واجبه الدستوري. والأكيد حتى الآن هو انّ فريق الأكثرية النيابية (خصوصاً «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» وحركة «أمل») يرفض كليّاً خيار حكومة اللون الواحد او طرح إعادة تعويم الحكومة المستقيلة. وفيما تعتبر مصادر سياسية انّ خيوط الملف الحكومي أصبحت مربوطة بالخارج، تشير أوساط مطّلعة الى انّ الأفضلية تبقى من حيث المبدأ لِمَن يسمّيه الرئيس سعد الحريري، فإذا امتنع عن التسمية يصبح البحث وارداً في احتمالات أخرى، تحظى بالتغطية السنية.
وعلمت «الجمهورية» انّ عون كان ينوي الدعوة الى الاستشارات غداً، لكن طُلب منه التريّث وإعطاء المجال قليلاً، فأجّلَ هذه الدعوة الى الاثنين المقبل، علماً أن لا اتفاق حصل ولن يحصل قبل الاثنين، ما يعني انه سيُطلب منه مجدداً تأجيل هذه الدعوة.
وأكدت مصادر سياسية معنية بالاتصالات ان لا أحد بعد لديه أيّ تصوّر لا لمرشّح لرئاسة الحكومة ولا للحكومة برمّتها، وانّ الجميع يَتهيّبون الوقوع في التجارب الفاشلة السابقة. وقالت لـ»الجمهورية»: «سننتظر ماذا سيفعل الحريري ومن سيرشّح، لأنّ ترشيحه هو شخصياً لن يحصل حالياً لأنّ الظروف ليست سانحة لهذا الامر، فلا الجانب السعودي يشجّع هذا الترشيح ولا الأميركي، ما يعني أنّ الحريري يجب أن يسمّي أحداً لكي تتبنّاه الكتل النيابية، وخصوصاً الثنائي الشيعي. كذلك فإنّ الوقائع لم تتبدّل، ومحاولة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تغييرها باءت بالفشل باتصاله مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان».
وأضافت المصادر: «إنّ طَرح الرئيس نجيب ميقاتي لم يُناقَش مع أحد، واذا لم يرشّحه الحريري لرئاسة الحكومة فلن يتبنّاه أحد. أمّا الرئيس تمام سلام فمعروف موقفه المُنسجم مع نفسه بأنه لن يكون رئيساً للحكومة إطلاقاً في عهد الرئيس ميشال عون. وبالتالي، تقول المصادر، نحن امام خيارين لا ثالث لهما: إمّا الاتفاق مع الحريري على نفسه وهذا حاليّاً غير وارد أو على اسم يسمّيه ولكن ليس بطريقة العمل السابقة تحت ضغط المبادرة الفرنسية، فالمحافظة على المبادرة الفرنسية ستبقى كمشروعٍ إصلاحي أمّا «الحَرتقات» الداخلية فيجب ان تعالَج في الداخل. والخيار الثاني هو حكومة أكثرية، لكن لن يسير به أحد، وخصوصاً الثنائي الشيعي».
وعن الاسماء التي جرى طرحها سابقاً لتولّي رئاسة الحكومة، قالت المصادر: «إنّ اسم محمد الحوت لن يقبل به رئيس الجمهورية، واسم القاضي غسان عويدات كان مجرّد طرح لأنه هو نفسه لن يقبل بهذا المنصب فوَضعه أفضل بكثير ممّا يمكن ان يكون عليه، أمّا طَرح اسم محمد بعاصيري فلا أساس له ولا ثقل لترشيحه». وعن تعويم الحكومة، قالت المصادر: «لا شيء اسمه تعويم لحكومة حسان دياب التي انتهت، وهي ستقوم فقط بتصريف أعمال لا اكثر ولا اقل».
تساؤلات كثيرة
وفي سياق متصل سألت أوساط سياسية أخرى، عبر «الجمهورية»، هل تكون دعوة عون هذه الى الاستشارات نِتاج التشاور الجوي بينه وبين بري في طريق ذهابهما وإيابهما من الكويت حيث عزّيا بأميرها الراحل الشيخ صباح الاحمد الصباح؟ وما الذي تبدّل لدعوةٍ من هذا النوع؟ وهل من معطيات غير معلومة؟ وهل من تَشاور مع نادي رؤساء الحكومات السابقين؟ وهل الدعوة هذه المرة ستختلف عن سابقتها بمعنى اختيار اسم من رزمة أسماء تولّاها ذلك النادي؟ وهل تشكّل هذه الاستشارات في حال إتمامها استكمالاً للمبادرة الفرنسية؟ وهل تأتي ترجمة لهذه المبادرة؟ ومن ستختار الكتل طالما ان لا مشاورات حكومية بعد أفضَت إلى تفاهمٍ حول الشخص المكلّف وطبيعة الحكومة العتيدة؟ وهل من اتجاه الى حكومة من لون واحد بما انّ خطوط التواصل بين بعبدا و»بيت الوسط» مقطوعة؟ وألا تُعتبر حكومة من هذا النوع تحدّياً للإرادة الفرنسية ومخالفة لجوهرها وروحيتها؟
ولاحظت الاوساط السياسية انّ المُستغرب في هذه الدعوة انها تتناقض مع الوقائع على الأرض التي تؤشّر إلى فراغ طويل تنتهي معه هذه السنة من دون حكومة، خصوصاً انّ البعض يرى ان لا مصلحة للأكثرية النيابية في تأليف حكومة فقط من أجل التأليف طالما انّ هذه الحكومة لن تتمكن من القيام بالمهمة المطلوبة منها، وهي الإصلاحات لكي تَستَجرّ المساعدات، وهذه المساعدات لن تأتي لحكومة من لون واحد ومن خارج المسعى الفرنسي. وبالتالي، على رغم تهويل هذا الفريق بحكومة أكثرية لفتح باب الحوار مع الفريق الآخر، إلّا انه لن يذهب أبعد من ذلك.
الجمهورية