: لا تزال مبادرة الرئيس سعد الحريريّ لحل عقدة وزارة المالية تخضع للمعاينة والفصح في عين التينة. إذ لا قرار نهائياً حتى الآن بالتقيد حرفياً بما ورد في بيان المكتب الإعلامي للحريري ولا في الآلية المعروضة على ثنائي أمل وح زب الله لاختيار الاسم، بحسب ما علمت «البناء» لا سيما أن المقترح ليس جديداً، فسبق وأن أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري استعداده لأن يطرح على الرئيس المكلف مصطفى أديب أسماء عدّة من الطائفة الشيعيّة من ذوي الاختصاص والكفاءة والنزاهة وغير الحزبيين ليختار أديب من بينهم.
وأشارت أجواء عين التينة لـ»البناء» إلى أن «اقتراح الرئيس الحريري خطوة إيجابية باتجاه التوصل إلى الحل، لكنها ليست الحل ولا تؤشر إلى أن الحل سيظهر سريعاً وأن الحكومة ستولد غداً»، مشددة على أن «المبادرة تحتاج إلى نقاش لبعض الوقت».
وسجلت المصادر نقاط عدة على مبادرة الحريري:
أولاً إقرار الحريري بإسناد المالية إلى الطائفة الشيعية بعدما أصرّ على مدى الأسبوعين الماضيين على رفض مبدأ حصرية أي حقيبة لطائفة معينة وعلى اعتماد مبدأ المداورة. وهذا لا ينظر إليه الثنائي على أنه تنازل من الحريري بل هو يتنازل من كيس الثنائي وليس من كيسه.
ثانياً: لا زالت آلية اختيار الاسم محل خلاف ويشوبها الغموض. فالحريري في مبادرته يشير إلى أن الرئيس المكلف يسمّي الوزير الشيعي بالاتفاق مع الحريري. وهذا مرفوض من الثنائي الذي يتمسك بأن يطرح هو الأسماء والرئيس المكلف يختار من بينها.
ثالثاً والأهم أن الحريري ضمّن مبادرته نقطة خلافية بإعلانه إسناد المالية للشيعة للمرة الأخيرة، وهذا محل الخلاف وأصله. فالثنائي لن يقبل باستغلال حاجة البلد إلى حل وتأليف الحكومة والمبادرة الفرنسية لانتزاع حق للطائفة الشيعية بوزارة تشكل الشراكة الوطنية بالحكم ويمكن تأجيل هذا الموضوع الخلافي إلى وقت لاحق وبتّه في حوار سياسي دستوري ميثاقي وطني يشمل كل الملفات الخلافية في البلد لا سيما استكمال تطبيق الدستور والمادة 22 و95 منه.
وإذ تعبر المصادر عن تفاؤلها بحل العقدة المالية، تبدي خشيتها من جهة أخرى من ظهور عقد أخرى ويجري تصوير المالية على أنها العقدة كشمّاعة لإخفاء العقد الأخرى.
ونقل بعض من التقى الرئيس نبيه برّي أمس، عنه تفاؤله في موضوع الحكومة، فيما أفادت مصادر إعلامية بأن برّي رحّب ببيان الحريري وقال إنه يُبنى عليه إيجاباً، مشيرة الى أن «برّي قال إنّ تحركاً سيحصل خلال الساعات المقبلة وهو ردّ على أحد النواب بالقول: «مش مطوّلة لأن ما بقا فينا نحمل». وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن موقف برّي بشأن الحكومة: «لم يعد التشاؤم سيّد الموقف حكومياً وهناك إمكانيات واعدة يمكن البناء عليها، ولكن علينا الانتظار قليل».
لكن مصادر في كتلة التنمية والتحرير أوضحت لـ»البناء» ما قصده بري «بأنها مش مطولة وما بقى فينا نحمل»، بأن ذلك لا يعني التنازل عن حق الثنائي في التسمية، وموقف رئيس المجلس حال كل القوى السياسية والبلد الذي لا يحتمل المزيد من المناورات والكيديات».
ونفت المصادر طرح بري أسماء لتولي وزارة المال، مشيرة إلى أن لا أسماء قبل التوافق على آلية التسمية، مشدّدة على أن تسمية الثنائي لوزرائهم خارج النقاش والتفاوض مع عدم ممانعة من تطبيق مبدأ المداورة في الحقائب».
لكن تردّد مساء أمس أن الرئيس بري اقترح اسماً اقتصادياً مالياً لبنانياً يحمل الجنسية الفرنسية ويعمل في فريق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، يدعى أحمد محمود شمس الدين، وزيراً للمالية من بلدة زوطر الشرقية قضاء النبطية.
وبحسب ما تقول مصادر نيابية مطلعة لـ «البناء» فإن عقدة المالية هي واجهة العقد وتخفي خلفها تعقيدات مختلفة منها على سبيل المثال ملاحظات رئيس الجمهورية على تشكيلة أديب عندما يقدمها ومدى مراعاتها للتوازنات الطائفية والسياسية والنيابية فضلاً عن حصة رئيس الجمهورية وتمثيل الأحزاب والكتل النيابية، إلى جانب أسماء الوزراء السنة والمسيحيين والدروز لا سيما أن من يختار الوزراء هما الرئيسان السنيورة الذي لا يملك صفة سوى أنه رئيس سابق للحكومة ونائب سابق وليس رئيس كتلة ولا نائب حالي ولا رئيس حزب فمن أعطاه الحق بالتدخل في عملية التأليف وتسمية وزراء؟ هل لأنه عضو في نادي مخترَع؟ أما ميقاتي فكانت حكومته في 2011 من أسوأ الحكومات. وتساءلت: عندما كان هذا الفريق أقليّة نيابية ولم يفرض هذه الشروط، فعلى ماذا يستند من مصادر قوة؟
البناء