باستعراضاته المعهودة بدا الرئيس الفرنسي زيارته الى بيروت، التي بدأها من منزل سفيرة لبنان الى النجوم، التي اعتاد اللبنانيون منذ زمن رؤيتها في “عز الضهر”. “بهلونيات” لا تختلف كثيرا عن عرض طائراته العشر فوق جاج وبعبدا، راسمة العلم اللبناني بدخان ملون لم يصمد اكثر من دقائق في الجو، بعدما رسم لنا رئيسها حكومة لن تصمد لاكثر من شهر، في احسن الاحوال.
فرغم انكار السيد رئيس الجمهورية الفرنسية لدوره في تسمية الرئيس اديب، على غرار غسل بيلاطس البنطي ليديه من دم المسيح، قد يكون في محاولة منه لاحترام ما تبقى من سيادة وكرامة وطنية، من جهة، وقرفاً من تشبيهه برستم غزالي، من جهة ثانية (رغم ان الايليزيه ضربت رقماً قياسياً في انكار الحقائق عل غرار لقاء ماكرون – رعد)، تصر الاطراف السياسية اللبنانية على الباسه التهمة دون حياء، شاكرة الله على وجود الام الحنون، التي اورثت الشعب اللبناني منذ قيام الدولة سلطة فاسدة ونظاما افسد.
في كل الاحوال ماذا تكشف المعلومات المتوافرة؟ بحسب شخصية مقربة من دوائر القرار الاميركي ان واشنطن لم تبلغ باسم الرئيس اديب، مشيرة الى انها ابلغت الرياض بأن مرشحها هو مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، اذ سبق ان عقدت سلسلة اتصالات بين الطرفين الاميركي والسعودي افضت الى تحديد هوية رئيس الحكومة واسماء بعض الوزراء الرئيسيين، تكلفت الرياض بابلاغها للطرف المعني في لبنان، لذلك كان المطلوب من الرؤوساء السابقين للحكومة رفع اسمين غير مستفزين للطرف الشيعي، فكان الخيار غسان عويدات ومحمد الحوت، بعد سقوط اسم شخصية مصرفية، غير ان جهة ما دخلت على الخط لتضيف الاسم الثالث، بعد تواصل مع الثنائي الشيعي كان بدا منذ الخميس الماضي.
وتتابع الشخصية بأن امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وخلال اطلالته العشورائية يوم الاحد ظهرا كان يملك اسم الرئيس العتيد للحكومة، الذي وصل في الوقت نفسه الى العاصمة السورية، التي سارعت الى الاعتراض، لاهداف ستتوضح مع الايام القادمة. تزامنا مع تلك الاحداث وبعيد الاعلان في بيروت عن هوية مرشح “التوافق السني – الشيعي” سارعت السفيرة الاميركية في بيروت الى اعلان موقف سريع بالتنسيق مع ادارتها خلاصته “غير معنيون بالمبادرة الفرنسية”، فخريطة طريقنا مختلف عن الفرنسية.
اذا ماذا يعني هذا الكلام؟ واضح ان التقرير المسرب لصحيفة الفيغارو لجهة فرض عقوبات اوروبية – اميركية على شخصيات لبنانية هو صحيح ودقيق، ورغم خروج فرنسا منه بعد اعتبار الرئيس ماكرون انه حقق انجازا حكوميا لبنانيا، فإن واشنطن مدعومة ببريطانيا مستمرة في خطواتها التصعيدية، سواء شكلت حكومة ام لم تشكل، وان الرسائل التي سيحملها مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى دايفيد شنكر ستكون متشددة، تدور في فلكها المواقف السورية، المصرية، السعودية، الاماراتية، وبالتالي ستصطدم حكومة اديب كما دياب بجدار الاعتراض الشعبي، الذي اطلت بشائره من زيارته الى شارع الجميزة واضطراره الى قطع زيارته والمغادرة،وهو ما يكفي واشنطن لخوض معركتها، مع التذكير بترديد المسؤولين الاميركيين بانه ليس من المهم حجم وعدد المعترضين في الشارع.
عليه كما انتهت حكومة دياب ستنتهي حكومة اديب، مع فارق ان كورونا التي شفعت للاول لن تشفع للثاني، لتطيل من عمر حكومته القصير “خلقة” ، والتي لن تعطى فرصة، بعدما باتت تركيبتها وتوازناتها معروفة من الجميع.
فمن اراد مصطفى اديب رجل المرحلة؟ ومن اوقع الشيخ سعد في الفخ؟ وهل تكفي الجنسية الفرنسية للوصول الى السراي؟ ولماذا لم يلتزم البعض بالتسوية؟
انه رئيس الوقت الضائع بكل تأكيد…
“ليبانون ديبايت” – وليد خوري