قبل أن تغادر الحياة منتحرة، خطت بيدها المصرية سارة حجازي رسالة لعائلتها، وأصدقائها، والعالم، قالت فيها: “إلى أخوتي، حاولت النجاة وفشلت سامحوني.. إلى أصدقائي، التجربة قاسية وأنا أضعف من أن أقاومها، سامحوني.. إلى العالم، كنت قاسيا إلى حد عظيم ولكني أسامح”.
سارة (30 عاماً)، ناشطة، عاشت معظم حياتها في مصر، لكنها عانت من الاغتراب داخل بلدها، حيث تعرضت للاستهداف لنشاطها في الدفاع عن مثليتها وحقوق المثليين. انتحرت سارة الأحد في كندا حيث كانت تقيم هناك للعلاج من الضغوط النفسية التي تعرضت لها في بلدها بسبب مثليتها.
لكن سارة لم تستطع احتمال الاغتراب عن عائلتها وبلدها، ووصلت إلى طريق مسدود للتفكير في عيش حياتها هناك، خاصة إذا ما أبقت على ميولها بالمثلية. وقالت في آخر منشور لها عبر حسابها في إنستغرام السبت “السما احلى من الارض! وأنا عاوزه السما مش الأرض”.
السلطات المصرية اعتقلت سارة لـ 3 شهور في 2018 بعدما رفعت علم المثلية في حفل غنائي لفرقة ليلى اللبنانية المعروفة بأغانيها ومواقفها الداعمة للمثلية.
واتهمت سارة الانضمام إلى “جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقانون، والترويج لأفكار ومعتقدات تلك الجماعة بالقول والكتابة، والتحريض على الفسق والفجور في مكان عام”.
المحامي علي الحلواني، قال عبر حسابه في فيسبوك سارة حجازي “سابت لينا العالم المزيف اللي رفض حريتها، ورفض التنوع والتعدد ورفض أبسط حقوقها في الحياة، العالم اللي غربها عن وطنها وأهلها وناسها ورحلت لعالم ثاني أكثر قبول وتعددية”.
بداية الإعلان عن مثليتها
سارة كانت الأخت الكبرى بين 4 بنات أخريات في عائلتها، والتي تعد عائلة محافظة من الطبقة المتوسطة، وفق وسائل إعلام محلية. بعد وفاة والدها، ساعدت سارة والدتها على رعاية شقيقاتها، وكانت متخصصة بتكنولوجيا المعلومات.
منذ 2016 أعلنت سارة مثليتها، وأصبحت عضوة مؤسسة لحزب العيش والحرية. وفي 2017 دعت لفعالية على شبكات التواصل الاجتماعي بعنوان “ادعم الحب” بهدف دعم تقبل المثلية أكثر، ولكن المفاجأة بأن أول من هاجمها رجل ناشط مثلي الجنس، والذي كان يعتبر أن الدفاع عن المثلية في البلاد حكر عليه، وفق صفحة “برة السور” لدعم المثليين على فيسبوك.
وبعدها خضعت سارة لدورة تتعلق بالأمان الرقمي من أجل حمايتها وتقديم الدعم اللوجستي لها عبر الإنترنت، كما شاركت في دروس خاصة تتعلق بتحليل خطابات الكراهية خاصة تلك التي تطلق عبر المنصات الإعلامية.
واستمرت سارة بالدفاع عن حقها كامرأة مثلية الجنس، وطالبت بالمساواة والعدالة الاجتماعية، وما عرضها للاستهداف الأمني، والتي كان أبرزها قضية “علم الرينبو” حيث عانت على إثر حبسها 3 شهور من تعذيب نفسي وأقدمت على محاولة الانتحار.
بعد نجاتها من محاولة انتحار سابقة، سافرت سارة إلى كندا للابتعاد عن التهديدات الأمنية والاجتماعية، وهو ما شكل لها حالة نفسية بالشعور بالنفي والترحيل القسري، والذي انتهى بالانتحار.