لبنان، وطن التعايش والمحبة، والغني بطوائفه وتنوعه، يمرّ اليوم بإحدى أصعب مراحله. دقات قلبه تتسارع مع كل استحقاق دستوري، فالداخل منقسم عموديًا وأفقيًا، والتحالفات التي كانت يومًا متينة تفكّكت وتبدلت، في وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى وحدة الموقف وحماية النظام، وترسيخ بصمات إيجابية في أي ممارسة ديمقراطية تصبّ في مصلحة الوطن.

الاستحقاق الانتخابي المرتقب بات قريبًا، ومعه ترتفع حدة الصراعات والتجاذبات الإعلامية، وتطفو الخلافات حول القانون الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات: هل يُعتمد القانون الحالي النافذ، والذي نراه أكثر توازنًا، أم يُفرض القانون الجديد الذي اقترحه عدد من النواب، وكأن البلد لا يستحق لحظة استقرار أو هدوء؟

في ظل التهديدات اليومية من عدوّ لا يعرف حدودًا في عدائه، والذي بات لاعبًا داخليًا بأبواقه المنتشرة، لا بدّ من الحذر والتعقّل. التجارب السابقة تؤكّد أن التعامل مع هذا العدو لا يولّد إلا الخسائر، فلا صداقة معه، ولا تحالف، بل مصالح تخدم كيانه الغاصب فقط.

من هنا، لا يمكن للبنان أن يحلّق إلا بجناحيه المسلم والمسيحي، وبوحدة مذاهبه وتماسك مكوناته. لا رابح في الصراع الداخلي، وإن علت الأصوات، فالجميع خاسر.

يبقى الدستور هو المرجع والميزان، واحترامه واجب وطني، وإن تعذّر ذلك، فلنجتمع على طاولة حوار ونعيد كتابته بما يضمن بقاء لبنان وطنًا سيدًا، حرًا، للسلام والكرامة، لا ساحة لصراعات الآخرين.

By jaber79

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *