اقتصاديا وماليا، وفيما الحكومة منكبّة على اشاعة اجواء ايجابية تتعلق بتحضيرات جدية ماضية على قدم وساق لبدء التفاوض مع صندوق النقد، فاجأ سوق الصرف المواطنين بالاتجاه الصعودي الذي سلكه الدولار الذي لامس امس عتبة الـ19 الف ليرة، وكأنه قضى على كل المكاسب المعنوية التي سجلتها ولادة الحكومة قبل نحو شهر.
ومن البديهي ان هذا الارتفاع سيتسبّب بأزمة اضافية للحكومة، التي كانت تنام على امجاد تراجع الدولار الى ما دون الـ14 الف ليرة في الفترة الاولى، قبل ان يبدأ السوق مسيرة التصحيح. لكن لماذا يسجل الدولار هذا الارتفاع في هذه الفترة؟
في الواقع، وبحسب القراءة الاقتصادية لهذا الوضع، هناك مجموعة عوامل تجمعت وتساهم في انهيار اضافي في الليرة، من أهمها:
اولا- إنحسار مفعول الدولارات التي دخلت الى السوق في موسم الصيف نتيجة قدوم السياح واللبنانيين من الخارج، والتي قُدرت بنحو ملياري دولار.
ثانيا- انحسار تأثير التهافت على بيع الدولار الذي ساد مع ولادة الحكومة.
ثالثا- بدء تطبيق التعميم 158 بما يعني سحب اضافي لليرة من المصارف وتحويل قسم من هذه الاموال الى الدولار.
رابعا- قرار مصرف لبنان المركزي السماح لشركات التحويل شراء الدولارات من الزبون الراغب وفق سعر صرف السوق، بما يعني ان المركزي بات يأخذ الدولارات من أحد مصادرها وبالتالي بات السوق يحتاج الى دولارات بما يزيد الطلب على العملة الخضراء.
خامسا- تسعير المازوت بالدولار بعد رفع الدعم بما يدفع التجار الى السوق الحرة لشراء الدولار لتأمين المازوت.
وهذه العوامل مجتمعة أوصلت الدولار الى عتبة الـ19 الف ليرة، وزادت الضغوط على المواطن، وعلى الحكومة التي باتت مترددة اكثر في الانتقال الى الخطة الأخيرة في مسيرة تحرير سعر البنزين. كما ان الحملة التي بدأتها الحكومة لخفض اسعار السلع بالتماهي مع انخفاض الدولار في الايام الاولى التي تلت الولادة، تلاشت مفاعيلها تماما، وعادت الى نقطة الصفر.
الجمهورية