العربية
وسط الأسئلة التي تقض مضاجع السلطات الإسرائيلية إثر فشلها في توقع الهجوم الذي شنته الفصائل الفلسطينية يوم السبت الماضي، أوحتى الرد بسرعة عليه، تكشفت تفاصيل حجديدة.
فقد أفادت عدة مصادر فلسطينية وإسرائيلية مطلعة أن حركة حماس طبقت حملة خداع دقيقة أدت إلى مفاجأة إسرائيل بالهجوم، وتمكن عدد من عناصرها الذين استخدموا الجرافات والطائرات الشراعية والدراجات النارية من التغلب على أقوى جيش في الشرق الأوسط، وفق ما نقلت وكالة رويترز اليوم الاثنين.
وقال مصدر مقرب من حماس إنه بينما كانت إسرائيل تعتقد أنها تحتوي الحركة التي أنهكتها الحروب من خلال توفير حوافز اقتصادية للعمال في غزة، كان مقاتلوها يتدربون، وغالبا على مرأى من الجميع.
كما كشف أن “حماس استخدمت تكتيكاً استخباراتياً غير مسبوق لتضليل إسرائيل خلال الأشهر الماضية، من خلال إعطاء انطباع عام بأنها غير مستعدة للدخول في قتال أو مواجهة أثناء التحضير لهذه العملية الضخمة”.
مستوطنة وهمية
ولعل الأهم في تلك الاستعدادات، بحسب المصدر، بناء حماس لمستوطنة إسرائيلية وهمية في غزة، تدربت على اقتحامها وعلى الإنزال العسكري، مضيفًا أنهم قاموا بتصوير مقاطع فيديو للمناورات.
كما أردف قائلا “من المؤكد أن إسرائيل رأتهم، لكنهم كانوا مقتنعين بأن حماس حريصة على عدم الدخول في مواجهة”.
وفي الوقت نفسه، سعت حماس إلى إقناع إسرائيل بأنها مهتمة أكثر بضمان حصول العمال في غزة، التي يسكنها أكثر من مليوني نسمة، على فرص عمل في الداخل الإسرائيلي، وليس لديها مصلحة في بدء حرب جديدة.
أشبه بـ 11 ايلول
بدوره أكد الرائد نير دينار، المتحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية أن عنصر المفاجأة كان حاضرا. وقال “ما حصل أشبه بـ 11ايلول .. لقد تمكنوا منا”.
كما أضاف قائلا: “لقد فاجأونا وجاءوا بسرعة من مواقع عدة سواء من الجو أو الأرض أو البحر”.
وقال متحدث آخر باسم الجيش الإسرائيلي “اعتقدنا أن حقيقة مجيئهم للعمل وجلب الأموال إلى غزة ستخلق مستوى معين من الهدوء ولكننا كنا مخطئين”.
كما اعترف مصدر أمني إسرائيلي آخر بأن حماس خدعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وقال: “لقد جعلونا نعتقد أنهم يريدون المال” مضيفًا “طوال الوقت كانوا يشاركون في التدريبات حتى قاموا بالهجوم”.
وكجزء من حيلتها في العامين الماضيين، امتنعت حماس عن القيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل، حتى عندما شنت حركة الجهاد الإسلامي سلسلة من الهجمات الصاروخية.
مهندس مسيرات حماس
وفي السياق، قال المصدر إن ضبط النفس الذي أبدته حماس أثار انتقادات علنية من بعض المؤيدين حينها، بهدف خلق انطباع بأن لديها مخاوف اقتصادية ولا تنوي الدخول في الحرب.
وبما أن إسرائيل لطالما تفاخرت بقدرتها على اختراق الجماعات الإسلامية ومراقبتها، فإن جزءا حاسما من الخطة كان تجنب التسريبات، حسيب المصدر.
سرية تامة
كما أكد أن العديد من قادة حماس لم يكونوا على علم بالخطط، وأثناء التدريب، لم يكن لدى المقاتلين الألف الذين شاركوا في التدريبات أي فكرة عن الغرض الدقيق منها.
أما عندما جاء اليوم المحدد، فتم تقسيم العملية إلى أربعة أجزاء، كما قال مصدر حماس.
ad
مراحل الهجوم
وأوضح أن الخطوة الأولى تمثلت في إطلاق وابل من ثلاثة آلاف صاروخ من غزة تزامنت مع توغلات قام بها مقاتلون طاروا بطائرات شراعية عبر الحدود.
ثم بمجرد وصول المقاتلين بالطائرات الشراعية إلى الأرض، قاموا بتأمين المكان حتى تتمكن وحدة كوماندوز من النخبة من اقتحام الجدار الإلكتروني والإسمنتي المحصن الذي يفصل غزة عن المستوطنات والذي بنته إسرائيل لمنع التسلل.
اختراق الجدار الإلكتروني
واستخدم المقاتلون المتفجرات لاختراق الحواجز ثم عبروها مسرعين على دراجات نارية ووسعت الجرافات الفجوات ودخل المزيد من المقاتلين بسيارات رباعية الدفع.
وقال المصدر إن وحدة كوماندوز هاجمت مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة وشوشت على اتصالاته ومنعت الأفراد من الاتصال بالقادة أو ببعضهم البعض.
كما كشف أن الجزء الأخير شمل نقل الرهائن إلى غزة، وهو ما تم تحقيقه في الغالب في وقت مبكر من الهجو فجر السبت.
يذكر أن الجنرال المتقاعد ياكوف عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كان أكد للصحفيين يوم الأحد أن الهجوم مثل “فشلا كبيرا لنظام المخابرات والجهاز العسكري في الجنوب”. وقال عميدرور، الذي كان رئيسا لمجلس الأمن القومي من أبريل 2011 إلى نوفمبر 2013 وهو الآن زميل كبير في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إن “بعض حلفاء بلاده اعتقدوا أن حماس بدأت بالتحلي بالمسؤولية، وقد اعتقدنا الأمر عينه بكل غباء”
إلى ذلك أردف “ارتكبنا خطأ، ولكننا لن نقترفه مرة أخرى وسندمر حماس ببطء ولكن بثبات”.
واعتبر الهجوم الذي نفذ يوم السبت، أسوأ اختراق لدفاعات إسرائيل منذ أن شنت الجيوش العربية الحرب عام 1973، وأدى إلى مقتل أكثر من 700 إسرائيلي، واسر أكثر من 100.