انطوان فرح
الى أين يتجه الوضع المصرفي في المرحلة المقبلة؟ وهل الاقفال الذي ينفذه القطاع سينتهي الى حلول مؤقتة تسمح بالعودة الى فتح الابواب واستئناف العمل، ام انّ الامر قد يطول ويتطوّر في اتجاهات أشد خطورة؟
تتصرّف الدولة منذ بداية الأزمة المالية والاقتصادية على اساس ان الاطراف الثلاثة المعنية بالانهيار تشمل مصرف لبنان والمصارف والمودعين. وكان من غريب الامور، انّ قسماً من هذه السلطة كان ينقضُّ على البنك المركزي ويُحمّله مسوؤلية الكارثة التي وقعت، والقسم الآخر صبّ غضبه على المصارف واعتبرها المسؤول الوحيد عن الانهيار. وهكذا بَدت السلطة مرتاحة لنتائج هذا التصنيف، اذ انّ قسماً من المواطنين قرر أن كسبَ الحرب يتمّ من خلال إسقاط البنك المركزي، وبدأ المواجهة على هذا الاساس، والقسم الآخر اعتبر انّ المصارف هي الخصم الذي ينبغي محاربته والانتصار عليه وتدميره.
هذه المشهدية كانت تُريح ما يُعرف بالمنظومة، وكان أركان هذه المنظومة يقفون على ضفة النهر يراقبون هذا الصراع، وقد يتدخلون من وقت لآخر، لتغذيته والحرص على بقائه في الاتجاه الذي يسلكه.
هذا النهج التدميري للدولة مستمر، وتمّ التعبير عنه من خلال طريقة التعاطي مع حوادث الاقتحامات المسلحة للمصارف، قبل الموجة الأخيرة. وبصرف النظر عن الجانب الانساني في هذا الموضوع، والذي قد يدفع البعض او الغالبية الى التعاطف مع المودع، إلا أنّ ذلك لا يلغي مسؤولية الدولة في تطبيق القوانين المرعية الاجراء. وعندما تقرر الدولة انّ المودع، وما ان تنتهي عملية الاقتحام المسلح، والتهديد بالقتل والحرق، مسموح ان يتحوّل الى «بطل»، وعندما يساهم بعض الاعلام في بَث مثل هذه الاجواء، من البديهي ان نصل الى فوضى شاملة، كالتي وقفنا على أبوابها في 16 ايلول الجاري.
تأخرت الدولة لكي تستدرك ان «الرسالة» التي وجّهتها الى المواطنين، وربما الى المصارف ايضا، «دَبّروا راسكم والشاطر بشطارتو». ولو لم تبادر المصارف الى اغلاق ابوابها لكنّا شهدنا على ما هو أعظم من اقتحامات مسلحة للبنوك. ومن المؤكد اننا كنّا مقبلين على مشهد اسود، يتجاوز مسألة اقتحام مودع لمصرف لأخذ وديعته، الى اقتحامات لمؤسسات والسطو عليها، تحت مسمّى إنساني، او من دون مُسمّى.
هل يعني هذا الكلام ان المطلوب «ذبح» المودع، ومنعه من التعبير عن غضبه، ولو عبر مخالفة القانون، في محاولة لاسترجاع حقوقه؟
الجمهورية