الحادي عشر من تشرين الثاني
خريفٌ من العمر وربيعٌ من الشهادة.
ما بين أحمد قصير، ذاك الفتى الذي حمل الجنوب في قلبه ومضى ليفجّر فجر الوطن،
وعلي داوود الذي مشى على خطى الضوء، مؤمنًا بأن الدرب إلى الله يُفرش باليقين لا بالخطوات.

في هذا اليوم، لا نحتفي بالموت، بل بالحياة التي تنبت من رحم التضحية.
هو عيد الأرض حين تعانق أبناءها وتهمس لهم: ما غبتم، إنما تبدّل حضوركم.

تتفتح الذاكرة كزهرة ياسمين على جدارٍ قديم،
تحمل عبق البيوت التي ظلّت تنتظر،
وملح الدمع الذي صار صلاةً في عيون الأمهات.
هنا، حيث يلتقي الخريف بربيعه، تنكسر فكرة الفناء،
ويتحوّل الغياب إلى حضورٍ أبديّ.

أحمد قصير لم يفجّر مبنى فحسب، بل فجّر فينا المعنى.
علّمنا أن الجسد حين يختار الله،
تصبح حدود الوطن أوسع من الطين،
وأن الدم حين يُسقط في سبيل الكرامة، يصير طريقًا لا يضيع.

وعلي داوود، ذاك الذي أكمل الحكاية،
أثبت أن المسيرة لا تموت بموت رجالها،
بل تشتدّ كلما عبر شهيدٌ جديد نحو سماءٍ جديدة.
فالشهادة ليست نهاية، بل بدايةٌ أخرى للحياة في ذاكرة الأحرار.

الحادي عشر من تشرين، ليس مجرّد تاريخٍ على رزنامة،
بل لحظة انبعاثٍ تتكرّر كل عام،
كلّما وقف شابٌّ على عتبة العزّ وقال: “ها أنا ذا”.
هو اليوم الذي يذكّرنا أن الجنوب لا يشيخ،
لأن أبناءه يولدون من جديد في كلّ شهيد.

يومٌ يذوب فيه الحزن في حبر الكبرياء،
وتغدو الدموع مجدًا على وجنات الوطن.

سلامٌ على الذين علّمونا أن الشهادة ليست موتًا، بل خلودًا في ذاكرة الله،
وأن الأرض التي تُروى بالدم لا تعرف الذبول أبدًا.

في هذا اليوم المشهود، سنبقى كما تعلّمنا في مدرسة الإمام القائد السيد موسى الصدر
حُرّاسًا لهذا الوطن في مواجهة كل الأعداء،
بسلاح الوحدة، وبوصلةٍ لا تحيد: فلسطين هي القضية.
11/11/2025
صدر داوود

By jaber79

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *