أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان التدقيق المالي الجنائي هو معركة أصعب من تحرير الأرض لأنها ضد الفاسد و”الحرامي” اللذين هما اخطر من المحتل والعميل، فـ”من يسرق أموال الناس يسرق وطناً.”
وشدد الرئيس عون على ان التدقيق المالي الجنائي ليس مطلبا شخصيا لرئيس الجمهورية، بل هو قبل كل شيء مطلب اللبنانيين جميعا، لافتاً الى أن سقوطه يعني ضرب المبادرة الفرنسية لأن من دونه لا مساعدات دولية ولا مؤتمر سيدر ولا دعم عربي وخليجي ولا صندوق دولي، فهو المدخل لمعرفة من تسبب بوقوع جريمة الانهيار المالي.
“ع نات شادي”: الرئيس بري والقمة الاقتصادية

وأكد رئيس الجمهورية في رسالة وجهها الى اللبنانيين مساء اليوم عبر الاعلام المرئي والمسموع، ان اسقاط التدقيق المالي الجنائي هو ضرب لقرار الحكومة، داعياً إيّاها لعقد جلسة استثنائية لاتخاذ القرار المناسب لحماية ودائع الناس، وكشف أسباب الانهيار وتحديد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق.
وإذ رأى الرئيس عون مماطلة مؤكدة في المفاوضات التي تتم بين وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان وشركة “الفاريز ومارسال”، فإنه اشار الى أن ذلك يدل على عدم وجود إرادة بإجراء التدقيق المالي الجنائي، والبرهان على ذلك هو ان مجلس الوزراء اخذ القرار بالتدقيق في 26 آذار 2020 ولغاية اليوم أي بعد سنة وبضعة أيام لم يتم تنفيذ القرار. وفي دليل إضافي على عدم وجود إرادة بالتنفيذ هو انهم استبدلوا المفاوضات بمراسلات عن بعد وبخفض مستوى المتفاوضين.
ودعا رئيس الجمهورية في المقابل الى مفاوضات مباشرة ووجهًا لوجه حول الطاولة بين المسؤولين الفعليين وليس بين ممثلين عنهم، كما حصل امس، وقال:” الشعب اللبناني ينتظر معرفة مصير أمواله ويخشى من سرقة الوقت بعدما سرق منه جنى العمر.”
وكشف الرئيس عون ان الشكوك كانت تتأكد يوماً بعد يوم بأن حسابات المصرف المركزي غير شفافة ولم يكن يعرف حجم النقص في الاحتياط بالعملات الأجنبية وهو نقص كانت تتم تغطيته من أموال المودعين خلافا للقانون، وإن الحجج الواهية منعت مجلس الوزراء من تكليف شركة “kroll” العالمية بإجراء التدقيق الجنائي، وبعد جهود كثيفة وافق مجلس الوزراء على تكليف شركة “الفاريز ومرسال” التي وجّهت بواسطة وزير المال 133 سؤالا لمصرف لبنان الذي أجاب عن 60 منها ورفض الإجابة على البقية اما بحجة انها مخالفة لقانون النقد والتسليف او لأن لا جواب لديه.
واشار رئيس الجمهورية الى ان التدقيق المالي الجنائي واجه عراقيل عدة “كنا نفككها تباعا” واستمرت العرقلة الى ان اعترف وزير المال من بضعة أيام ان المصرف المركزي يمتنع عن الإجابة على عدد كبير من أسئلة شركة الفاريز ومارسال. وقال الرئيس عون :” لقد صار واضحا ان هدف المماطلة هو دفع الشركة الى اليأس لتغادر لبنان وتوقف بالتالي التدقيق الجنائي ويفلت المجرمون من العقاب. “
ودعا الرئيس عون اللبنانيين الى وضع خلافاتهم السياسية جانباً وقال:” اتقدمكم في معركة كشف اكبر عملية نهب بتاريخ لبنان فكونوا معي. وثقوا باننا لن ندعهم يسرقون الشعب ويقهرون أمّاً ويذلّون أباً ويهينون مريضاً.”
وتوجه الى القيادات السياسية وغير السياسية، داعياً اياها الى تحمل مسؤوليتها امام الله والشعب والقانون فـ:”ما كان ليحصل ما حصل لو لم توفّروا انتم بالحد الأدنى الغطاء للمصرف المركزي والمصارف الخاصة ووزارة المال.”
وحمّل رئيس الجمهورية المصرف المركزي “المسؤولية الأساسية لأنك خالفت قانون النقد والتسليف، وكان لزاما عليك ان تنظم العمل المصرفي وتأخذ التدابير لحماية أموال الناس في المصارف وتفرض معايير الملاءة والسيولة”، مشيراً في الوقت نفسه الى مسؤولية المصارف “الواضحة” في التصرف بعدم مسؤولية بودائع واموال الناس طمعا بالربح السريع ومن دون ” توزيع مخاطر” على ما تقتضيه أصول المهنة، مركّزا ايضاً على مسؤولية جميع الحكومات والإدارات والوزارات والمجالس والهيئات عن كل قرش أُهدِر عبر السنوات، وجميعها يجب ان يشملها التدقيق الجنائي.
وطالب الرئيس عون الدول التي “تدعي التضامن مع الشعب اللبناني” بالمساعدة على كشف عمليات تحويل أموالٍ أَخذت بعد 17 تشرين الأول 2019 طابع التهريب المالي.
نص الكلمة