علاء الخوري
يسير الاستحقاق البلدي والاختياري بتوقيتين مختلفين. الاول داخلي وفق ساعة الاطراف حيث تعمل غالبية القوى الحزبية على تطيير الاستحقاق والدفع باتجاه عقد جلسة تشريعية لاقرار قانون التمديد الثاني للمجالس الحالية. والتوقيت الثاني خارجي يقوده الاوروبيون ويدفع باتجاه انجاز هذا الاستحقاق ومنع حصول أي فراغ داخل المجالس البلدية لاسيما وأن الامور في لبنان ذاهبة نحو التصعيد واعادة صياغة تسوية سياسية جديدة بين القوى والاحزاب يكون للمجالس البلدية الدور الابرز فيها انطلاقا من مبدأ تعزيز اللامركزية الادارية.
في التوقيت الداخلي، ترى الاحزاب ان وضعها مأزوم بعد الازمة الاقتصادية وهي غير قادرة على دعم أي مرشح بل جُلَّ ما تعمل عليه البحث عن رجال أعمال قادرة على تسيير المرفق البلدي في السنوات المقبلة في حال شهدنا مزيدا من التدهور الاقتصادي والمالي في البلاد. ويخشى الثنائي حزب الله حركة أمل أيضا من خسارة بعض البلديات في الجنوب والبقاع، لاسيما وأن أرقام الماكينات أظهرت تراجعا ملحوظا لنسبة التأييد الشعبي لمرشحي الحزب، وقد ساهم التقصير الكبير للمجالس البلدية في تلك القرى في السنوات الماضية بارتفاع الصوت الناقم على البلديات التي فشلت كسلطة محلية بإدارة الازمة، فشهدنا اشكالات داخل البيئة الحزبية على خلفية المولدات الكهربائية أو بسبب سوء ادارة أزمة النفايات والمياه وغيرها من الامور الحياتية، حيث طغى نفوذ المسؤول الحزبي على المجلس البلدي، وكان أثر سوء التنسيق بشكل مباشر على المواطنين في قرى النبطية وصور كذلك البقاع.
حال الاحزاب الأُخرى ليس أفضل فالشارع السُني ممزق ويبحث عن مرجعيته وتيار المستقبل الغائب الاكبر لم يعد لديه القُدرة على وضع شروطه في مجلس بلدية العاصمة، فانتخابات اتحاد جمعيات العائلات البيروتية خير دليل على تفكك هذا الشارع الذي يحتاج الى مرجعية تُزيل ألغام الانقسام الذي يبدأ بالعاصمة ويتفرع نحو المناطق والمدن ذات الثقل السُني. ونشهد في هذا الشارع “طحشة” لعدد من رجال الاعمال عبر جمعيات تنتشر في الاحياء والقرى الفقيرة لاسيما في الشمال والبقاع، ويسعى هؤلاء الى دعم مرشحين في المجالس البلدية الصغيرة أو الترشح في البلديات الكبيرة، مستغلين غياب الثقل السياسي ومستفيدين من حالة الفقر.
في الشارع المسيحي تسعى الاحزاب الى استقطاب رجال الاعمال ودعمهم للترشح في الانتخابات البلدية، ويعمل حزب القوات اللبنانية وكأن الاستحقاق حاصل اليوم قبل الغد وقد جهز ماكينته الانتخابية في معراب وبدأت الاجتماعات مع المراكز في المناطق لتحديث البرنامج الانتخابي عبر الاجهزة تمهيدا لفتح ورشة تدريب المندوبين، في حين يرى التيار الوطني الحر أن الانتخابات البلدية لن تحصل وأن هناك اتفاقا ضمنيا بين مختلف الكتل على التمديد للمجالس البلدية والاختيارية الحالية سنة وربما أكثر، افساحا في المجال أمام المساعي الجارية لانتخاب رئيس للبلاد.
وعلى المقلب الخارجي يضغط الاتحاد الاوروبي على الحكومة لاجراء الاستحقاق في موعده، متعهدا بتأمين المبلغ المطلوب وهذا ما تبلغه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في حين تشير المعلومات الى أن الاتحاد رصد حوالى الـ 13 مليون دولار لاجراء الاستحقاق موزعة على الامور اللوجستية من صناديق وحبر وأوراق، كذلك بدل أتعاب الموظفين والعسكريين والقضاة. ويدعم الاتحاد الاوروبي والدول الغربية ورشات عمل لجمعيات من المجتمع المدني محورها الاستحقاق البلدي والاختياري مع التشديد على تفعيل دور المرأة في المجالس الجديدة ومساعدتها عبر دعم مشاريع مستقبلية قد تُقدم عليها ضمن العمل البلدي.
أيام قليلة تفصلنا عن دعوة وزير الداخلية بسام المولوي الهيئات الناخبة تحضيرا لاستحقاق ايار الانتخابي، ولكن هذه الخطوة ليست دليلا قاطعا على حصول الانتخابات البلدية، فالمجلس النيابي قادر على التأجيل قبل يوم من الموعد، وبالتالي فإن دفة التمديد مرجحة ما لم يكن هناك من مفاجآت تُثبت موعد أيار البلدي.