ولد نبيه بري عام في 4 أيار عام 1938 في مدينة فريتاون عاصمة سيراليون والده الحاج مصطفى بري أحد وجهاء بلدة تبنين الجنوبية تلقى علومه الابتدائية والتوسطة والثانوية متنقلا بين مدارس بلدته تبنين وبنت جبيل والكلية الجعفرية في صور والمقاصد والحكمة فـي بيـروت وبعد نيله شهادة البكالوريا انتسب إلى كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية ونال إجازة في الحقوق بتفوق عام 1963 ثم اكمل دراسات عليا في الحقوق في جامعة السوربون في باريـس؛ منذ شبابه عرف عنه حبه للمطالعة وحماسته للقضايا الوطنية والعروبية فقاد العديد من النشاطات والتـظاهرات الطـلابية حيث كان رئيسا للاتحاد الوطني للطلبة اللبنانيين وهـذا ما اكسبه تجربة عملية والاطلاع والاحتكاك جيدا بكافة الشـؤون الـسياسية والاجـتماعية والـتربوية من خـلال المؤتمرات والندوات الطلابية والسياسية كما لمع اسمه خلال ممارسته مهنة المحاماة بعد أن تدرج في مكتب المحامي المعروف عبدالله لحود وهكذا بدأ نبيه بري شق حياته المهنية حتى لمع وبرع في مجال المحاماة .
أواسط الستينات تعرف المحامي نبيه إلى الإمام السيد موسى الصدر وسرعان ما نشأت بينهما علاقة ود واحترام حتى بات بري أحد الأشخاص المقربين جدا من الإمام واحد ابرز مساعديه في مجالات عدة خاصة في المجال السياسي وعاون الإمام في تحركه ومطالبته بإنشاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ثم انتسب لحركة المحرومين التي أسسها الصدر وبدأ مشواره مع الإمام السيد موسى الصدر .
الأخ المجاهد نبيه بري رئيساً للحركة
بين عامي 1978 و 1980 كان وقع الصدمة لإخفاء الإمام القائد السيد موسى الصدر ما يزال قويا على الحركيين اللذين شعروا بفراغ كبير وثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
.
واجهت الحركة بقيادة الأستاذ نبيه بري ابتداء من العام 1980وضعاً داخلياً صعباً ومعقدا جداً وكانت المهمة ثقيلة فالبلاد غارقة في الفتنة وفوضى الحرب تتهدد لبنان ووجوده فراحت الحركة تعمل بكثير من الجهد والقليل من الضجيج والكلام فبدأت عملية تنظيم الشباب وتثقيفهم فكريا وسياسيا وفي 22 آذار من العام 1981 عقدت الحركة مؤتمرها العام الثالث في برج البراجنة فاقر استحداث هيئة جديدة أطلق عليها اسم الهيئة التقريرية وضمت إلى جانب رئيس الحركة ونائبه ممثل عن عائلة الإمام الصدر ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين والشيخ عبد الأمير قبلان وأنيطت بالهيئة الجديدة صلاحيات تقريرية واسعة ورسم سياسة الحركة والبت بجميع الأمور الشرعية وانتخب في هذا المؤتمر السيد حسين الموسوي نائبا لرئيس الحركة .
استطاع نبيه بري تعزيز وضع الحركة ودفعها إلى الأمام فاعتنى جيداً بإعادة تنظيمها وتأهيل عناصرها وتعبئتهم ثقافيا وسياسياً وحتى عسكريا ونجح في ضخ دم جديد في الجسم الحركي ورفدها بكوادر جديدة فنشطت الخلايا والشعب والمناطق والأقاليم في تنظيم الاجتماعات والمحاضرات في الجنوب والبقاع وبيروت وفي نيسان العام 1982 عقد المؤتمر الرابع للحركة وتم التجديد للهيئات القيادية
إعلان انتفاضة السادس من شباط المباركة
مع تأزم الوضع الداخلي نتيجة تمسك الرئيس أمين الجميل باتفاق 17 أيار بدا أن الاصطدام مع الحكم أمر لا مفر منه وفي ضؤ ذلك ونتيجة الاتصالات واللقاءات تحالف نبيه بري مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وقوى حزبية أخري وصعدوا معارضتهم ضد اتفاق 17 أيار وفيما كانت حرب الجبل بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي في اوجها كانت الاحتكاكات تشتد يوما بعد يوم بين عناصر الحركة والجيش اللبناني في أحياء الضاحية الجنوبية وهكذا بدأت تتسع رقعة المعارضة ضد حكم الجميل .
قرر أمين الجميل سحق كل من يقف في وجه اتفاق 17 أيار فأقدمت وحدات من الجيش اللبناني على تطويق جامع بئر العبد في الضاحية الجنوبية بعد أن حاول المصلين الاعتصام احتجاج على الاتفاق الموقع مع الإسرائيليين فحصل صدام بين الجيش والمعتصمين أدى إلى استشهاد الشاب محمد نجده فتوتر الوضع كثيرا على الأرض ولاقت الحادثة استنكارا واسع جدا .
سيطرت حال من الغليان على الشارع وبدأت الاحتكاكات تتصاعد يوما بعد يوم بين الأهالي والجيش اللبناني فبعد أيام من المواجهة التي حصلت بين الجيش اللبناني وأهالي طريق المطار بعد محاولة جرف مساكنهم غير الشرعية وقعت المواجهة الثانية الأخطر في منطقة وادي أبو جميل بين عدد من المتظاهرين ومعظمهم من مهجري المنطقة وبين قوة من الجيش سقط بنتيجتها عدد من القتلى والجرحى وهكذا بدا إن الأمور تتجه نحو الاسواء بعد أن حمل رئيس الحركة نبيه بري مسؤولية تلك الأحداث لحكم الرئيس أمين الجميل 00 وبدا إعداد العدة للانتفاضة على الحكم .
في هذا الوقت انفجرت الضاحية غضبا وثارت بوجه الجيش واستطاع عناصر الحركة من السيطرة على عدد من مواقع الجيش والياته وأسلحته بعد سلسلة من المواجهات العنيفة وخلال اقل من ثلاثة أيام كانت الضاحية تحت سيطرة الحركة بالكامل ما أثار حفيظة الرئيس أمين الجميل وجيشه فوجهت فوهات المدافع باتجاه الضاحية وقصفت أحيائها بشكل جنوني.
مع اتساع دائرة التأييد الشعبي لحركة أمل شعر أمين الجميل بخطر حقيقي بعد فقدانه السيطرة على الضاحية ومناطق الجبل فدعم وحدات الجيش اللبناني في المناطق الغربية من بيروت وفرض حظر التجول ليلا وكثف الجيش عمليات المداهمة وملاحقة الأشخاص المشتبه بعلاقتهم بالحركة وبأحزاب أخرى ، وكان لذلك مفاعيله السلبية عند الناس .
نتيجة الممارسات التي وصلت إلى حد لا يطاق اندفعت مجموعة من عناصر الحركة إلى مواجهة الجيش الفئوي المدججة بالسلاح واستطاعوا بالرغم من عددهم القليل وسلاحهم البسيط من شل حركته داخل المناطق الغربية من بيروت بعد المواجهات الضارية التي وقت عند مدخل بيروت من جهة المتحف والبربير فتدخلت الوساطات لوقف إطلاق النار وسحب المسلحين من الشارع لكن النار بقيت تحت الرماد .
استغل الجيش الفئوي الموقف بعد انسحاب مقاتلي الحركة من الشارع فدعم وحداته وقام بعملية انتشار ودهم واسعة للأحياء السكنية في المناطق الغربية بحثا عن عناصر الحركة الذين تفاجئوا بالعملية والخطير الذي جرى يومها هو دخول عناصر تابعة لميليشيا الكتائب والقوات اللبنانية والأحرار مع الجيش اللبناني حيث قامت باعتقال العشرات من العناصر التابعة للحركة والأحزاب الأخرى ومارست شتى أنواع الاستفزازات داخل الأحياء السكنية وحول المركز الحزبية في الشطر الغربي لبيروت 00كما تعرض منزل ئيس الحركة في بربور للتطويق والدهم من قبل عناصر الجيش .
أخضعت المنطقة الغربية لتدابير عسكرية صارمة ومشددة ولم تفلح كل الدعوات التي وجهت للرئيس أمين الجميل في التخفيف من الإجراءات التي تصاعدت بشكل لا يطاق ولم يعد من خيار سوى المواجهة مهما كلف الأمر.
اندفع شباب الحركة والحزب التقدمي الاشتراكي وباقي الأحزاب إلى الشارع بعضهم يحمل قطعة سلاح وبعضهم الأخر يبحث عن قطعة أخرى لحملها لعدم توفر السلاح والذخيرة آنذاك فلجأت الحركة إلى تهريب الأسلحة ونقلها من الضاحية إلى بيروت لمد المقاتلين الذين نجحوا شيئا فشيئا في السيطرة على الجيش اللبناني التي رفضت الاستسلام كما جرى السيطرة على مبنيي وزارة الإعلام في الصنائع حيث الإذاعة الرسمية وتلفزيون لبنان في تلة الخياط واذيع بيان الانتفاضة الشهير الموقع باسم رئيس الحركة نبيه بري 0الذي شكل منعطفا وحدثا كبيرا في تاريخ لبنان .
أعطى نداء الانتفاضة مفعوله سريعا على الأرض فلبت الوحدات العسكرية التابعة للواء السادس في الجيش اللبناني النداء والتزمت به وعملت على سحب الجنود الى الثكنات وعدم الانجرار في القتال الداخلي ورفض الأوامر الصادرة عن القيادة العسكرية في وزارة الدفاع في اليرزة وهكذا اكمل مقاتلوا الحركة سيطرتهم على الأرض وكانت انتفاضة السادس من شباط عام 1984 التي هزت لبنان كله .
حققت الانتفاضة أوسع تأييد شعبي وتحول نبيه بري إلى رمز كبير بالنسبة للكثيرين وباتت حركة أمل في صلب المعادلتين السياسية والعسكرية بعد أن قررت خوض الصراع المفتوح ضد الاحتلال الإسرائيلي والسلطة اللبنانية المتمثلة بالرئيس أمين الجميل فدعا رئيس الحركة الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية في اللحظة التاريخية .
في مطلق الأحوال تحملت حركة أمل وزر تلك المرحلة بكل إيجابياتها وسلبياتها واكملت مسيرتها بقيادة نبيه بري الذي تحول إلى نجم وقائد ليس للشيعة فقط بل قائدا وطنيا على مساحة الوطن ومنذ تلك اللحظة بدأ تاريخ جديد في الصراع اللبناني اللبناني والصراع اللبناني الإسرائيلي فانتصار الانتفاضة لم يكن سوى مقدمة بالنسبة للحركة التي راحت تحشد منذ تلك اللحظة كل طاقاتها وإمكاناتها للمعركة الكبرى أي معركة تحرير الأرض من الإسرائيليين فهذا كان هم الحركة الأساسي والهدف الأول والأخير لرئيسها نبيه بري فهل نجحت في ذلك .وسع تأييد شعبي وتحول نبيه بري إلى رمز كبير بالنسبة للكثيرين وباتت حركة أمل في صلب المعادلتين السياسية والعسكرية بعد أن قررت خوض الصراع المفتوح ضد الاحتلال الإسرائيلي والسلطة اللبنانية المتمثلة بالرئيس أمين الجميل فدعا رئيس الحركة الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية في اللحظة التاريخية .
في مطلق الأحوال تحملت حركة أمل وزر تلك المرحلة بكل إيجابياتها وسلبياتها واكملت مسيرتها بقيادة نبيه بري الذي تحول إلى نجم وقائد ليس للشيعة فقط بل قائدا وطنيا على مساحة الوطن ومنذ تلك اللحظة بدأ تاريخ جديد في الصراع اللبناني اللبناني والصراع اللبناني الإسرائيلي فانتصار الانتفاضة لم يكن سوى مقدمة بالنسبة للحركة التي راحت تحشد منذ تلك اللحظة كل طاقاتها وإمكاناتها للمعركة الكبرى أي معركة تحرير الأرض من الإسرائيليين فهذا كان هم الحركة الأساسي والهدف الأول والأخير لرئيسها نبيه بري فهل نجحت في ذلك .
إعلان المقاومة اللبنانية
مع تمدد وتوسع انتشار الحركة بشكل كبير في المناطق اللبنانية اصطدم عناصر الحركة ببعض الأطراف والاحزاب الفلسطينية واللبنانية وخصوصا مع حزب البعث العراقي الذي حاول التضييق على تحركات الحركيين وتطور الأمر إلى وقوع اشتباكات عنيفة في الجنوب وضواحي بيروت كما حصل حول جريدة بيروت التابعة للبعث العراقي والكائنة في منطقة الشياح حيث استطاع مقاتلو الحركة السيطرة عليها بالكامل وبالتالي نجحت الحركة في حماية مناطق تواجدها .
وفيما كانت الحركة في طور إعداد نفسها حدث أن انقلبت الأوضاع رأساً على عقب إثر الغزو الإسرائيلي الواسع للبنان عام 1982 فاستنفرت الحركة مقاتليها في الجنوب وبيروت والبقاع وخاض مجاهدوها أشرس المعارك ضد قوات الاحتلال لا سيما في منطقة خلده عند مدخل العاصمة بيروت واستبسلوا في المقاومة بعد أن حاولت وحدات من النخبة في الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية إنزال بحرية على شاطئ خلده فتصدوا لتلك المحاولة واستطاعوا من قتل وجرح عدد من ضباط جنود العدو بينهم نائب رئيس الاركان الاسرائيلي قائد الهجوم والاستيلاء على عدد من الاليات والقطع العسكرية تركها الجيش الإسرائيلي في ارض المعركة وفقد الإسرائيليون صوابهم .
شكلت مواجهات خلدة نقطة تحول أساسية في تاريخ الحركة ومقاومتها وكان لمشهد استيلاء مجاهدوا الحركة على الغنائم العسكرية الإسرائيلية أن هز الرأي العام اللبناني والعربي كونه مشهد فريد من نوعه وغير مسبوق في كل المواجهات والحروب العربية والإسرائيلية.
وكانت هذه النقطة الفاصلة في مصير لبنان حيث أطلق يومها الأخ الرئيس المقاومة اللبنانية ضد اسرائيل والتي خاضت عدة معارك ومواجهات وعمليات وقدمت الألاف من الشهداء الذين سقطوا في عمليات نوعية ومواجهات مباشرة ومجازر ارتكبها جيش العدو واغتيالات على أيدي العملاء .
وكان الأخ الرئيس قد أطلق هذا المشروع الإستشهادي في وقت كان لبنان يتخبط داخلياً في معارك أهلية والتي كانت الحركة وعلى راسها الأخ الرئيس يسعون لتهدأتها كي يتسنى التفرغ لمقاومة هذا الإحتلال .
مع دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى بيروت وخروج منظمة التحرير الفلسطينية منها وما رافق ذلك من أجواء متوترة ومشحونة في البلاد اثر تشتت أحزاب الحركة الوطنية وحال الضياع التي سيطرت على الجميع عقب انتخاب أمين الجميل رئيساً للجمهورية اللبنانية، راح نبيه بري يعمل في كل الاتجاهات في محاولة لإعادة استنهاض الحركة والقوى الحزبية وظل على اتصال دائم بعدد واسع من الشخصيات في مقدمهم رشيد كرامي وسليم الحص ووليد جنبلاط وغيرهم من قادة الأحزاب كما كثف اتصالاته مع القيادة السورية وعلى رأسها الرئيس حافظ الأسد وتوثقت علاقته به إلى حد بعيد.
راقبت الحركة بكثير من الحذر بدايات عهد الرئيس أمين الجميل وسياساته ولم يوفر رئيس الحركة فرصة إلا وكان يطلق فيها موقف أو تصريح ينتقد فيه الممارسات والقرارات الحكومية ؛ لكن مع شروع الرئيس أمين الجميل في مفاوضات مع الإسرائيليين عام 1983 أعلنت الحركة معارضتها الشديدة لهذه المفاوضات وبدأت بالتحرك على الأرض لكن الحكم اللبناني لم يأبه لكل الاعتراضات وواصل مفاوضاته التي نتج عنها اتفاق 17 أيار وهنا ثارت الحركة وقررت إسقاط الاتفاق بكل الوسائل .
لم يكتفي نبيه بري بإطلاق المواقف الصارخة ضد إسرائيل واتفاق 17 ايار بل راح يخطط ويفكر مع مسؤولي الحركة الميدانيين في الجنوب في كيفية تنظيم مجموعات مدربة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي والتأسيس لحالة مواجهة دائمة مع العدو من خلال التعبئة وحث الناس والجماهير على المقاومة والصمود .
في منتصف العام 1983 عقدت الحركة مؤتمرها العام الخامس وفاز نبيه بري بالتزكية وإجماع أعضاء المؤتمر رئيساً لحركة أمل بعد أن جرى إقرار صيغة تنظيمية جديدة لهيكلية الحركة وانتخب العقيد المتقاعد عاكف حيدر نائبا للرئيس ورئيساً للمكتب السياسي وحسن هاشم رئيساً للهيئة التنفيذية.
انطلق مجاهدوا الحركة في خوض عمليات واسعة ضد جنود الاحتلال أينما كان في قرى الجنوب التي تحولت إلى قرى مواجهة حتى أصبح في كل قرية حكاية مع بطولات المقاومة ضد الإسرائيليين فالتفت الناس كل الناس حول الحركة أطفال وشيوخ ونساء راحوا يدافعون ويقدمون أغلى ما لديهم فداء للحركة التي سطر مجاهدوها أروع البطولات ضد الاحتلال.
دخل لبنان تاريخ وعصر جديد بعد انتفاضة السادس من شباط عام 1984 التي غيرت مجرى الأحداث وقلبت موازين القوى رأسا فزلزال الانتفاضة شكل صدمة كبيرة وعنيفة لحكم الرئيس أمين الجميل الذي كان قد بدأ بالتصدع والتفكك نتيجة المقاطعة السياسية والشعبية له خصوصا من الاطراف والقوى الوطنية والاسلامية تحديدا فدخلت البلاد في أخطر المراحل بعد الانقسام السياسي والعسكري فتسارعت الوساطات والاتصالات الداخلية والخارجية لإنقاذ الموقف ومنع انهيار البلاد/ ونجحت المساعي بالتالي في حمل الأطراف المتصارعة للذهاب إلى مؤتمر لوزان الذي شارك فيه أقطاب السياسية والحرب في لبنان وحضره عصبا الانتفاضة نبيه بري ووليد جنبلاط بعد أن استطاعا إسقاط اتفاق 17 أيار وارغام الرئيس أمين الجميل التراجع عنه وشكل مؤتمر لوزان نقطة تحول هامة وبداية علاقة بين المعارضة والحكم برئاسة أمين الجميل أدت فيما بعد وتحديدا في نيسان من العام 1984 إلى مشاركة رئيس الحركة نبيه بري كوزير في حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها الرئيس رشيد كرامي وكانت المرة الأولى التي يتولى فيها نبيه بري منصب رسمي رفيع في الدولة اللبنانية.
وفرت انتفاضة 6 شباط ارضية وقاعدة خلفية صلبة وقوية لدعم المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي فعملت حركة امل ليل نهار على توفير المستلزمات العسكرية الضرورية لمقاوميها في الجنوب الذي كان يشهد غليانا وتصاعداً واسعاً للعمليات والمواجهات ضد الجنود الإسرائيليين وتحولت الحركة إلى راس حربة للمقاومة وقدمت الشهيد تلو الشهيد بعدما اربكت حركة الإسرائيليين وكبدتهم خسائر فادحة وأمام كل هذا لجاءت قوات الاحتلال إلى استخدام أسلوب المجازر والاغتيالات وتصفية مسئولي المقاومة وعناصرها البارزة كما حصل مع المقاوم الحركي مرشد نحاس الذي اغتالته وحدة من المخابرات الإسرائيلية في بلدته بدياس عام 1984 ونتيجة للعمليات الوحشية الإسرائيلية اندفع الجنوبيون للمواجهة بصدورهم العارية لكسر القبضة الحديدية التي فرضتها إسرائيل على بعض القرى والبلدات الجنوبية فاقدم المجاهد الحركي الشاب بلال فحص على تفجير نفسه بدورية عسكرية إسرائيلية في منطقة الزهراني في 16 حزيران من العام 1984 ليكون أول استشهادي لبناني يشق الدرب أمام استشهاديين آخرين ويصبح رمزاً لكل المقاومين الأبطال.
لم يهدأ مجاهدوا الحركة فبعد عملية الشهيد بلال فحص انتفض الجنوب كله وكانت العملية الإستشهادية الثانية للمجاهد الحركي حسن قصير الذي اقتحم بسيارته قافلة عسكرية اسرائيلية على طريق البرج الشمالي في صور بالقرب من مؤسسة جبل عامل المهنية فسقط عشرات القتلى والجرحى من الإسرائيليين اللذين ذهلوا من الضربات المتتالية التي شكلت منعطفاً أساسيا في المواجهة ضد الإسرائيليين.
تزلزلت الأرض تحت أقدام الإسرائيليين نتيجة ضربات المقاومة الشديدة وكان المقاومان محمد سعد وخليل جرادي أثناءها المحركان الميدانيان لجميع عمليات الحركة والمطاردان من قبل قوات الاحتلال التي شنت أوسع عمليات دهم للقرى والبلدات في محاولة للبحث عنهما واعتقالهما ولما عجز جنود العدو عن ذلك أوكل الأمر إلى المخابرات الإسرائيلية التي جندت كل طاقاتها وامكانياتها للقضاء عليهما فاستطاعت بمعاونة عدد من عملائها في الجنوب من تدبير عملية تفجير ضخمة لحسينية بلدة معركة في 4 اذار من العام 1985 وكان محمد سعد وخليل جرادي بداخلها فوقعت مجزرة كبيرة استشهدا فيها قائدا المقاومة والعديد من أبناء البلدة فثار الجنوب كله لإغتيال البطلان محمد سعد وخليل جرادي.
هبّ الجنوب كله في وجه الإسرائيليين واستطاع مقاوموا الحركة من تنفيذ سلسلة من العمليات الجريئة والبطولية كما حصل في بلدة دير قانون حين اقتحمت مجموعة من المقاومين على راسهم القيادي الحركي البارز داوود داوود موقعا عسكريا اسرائيليا ضخما وحررته لساعات عدة ورفعت أعلام الحركة فوقه ونتيجة تلك الضربات والخسائر الجسيمة التي تكبدتها اضطرت قوات الاحتلال عام 1985 على الانسحاب من قرى صيدا وصور والنبطية بشكل تدريجي فحققت الحركة نصراً كبيراً فالتفت الجماهير حولها وتحول رئيسها نبيه بري إلى رمز وقائد للمقاومة فامتلك شعبية هائلة قل نظيرها في لبنان حتى ذاع صيته خارج لبنان وبات محط الأنظار وراحت وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والعالمية تتسابق لنقل أخباره وأخبار الحركة.
إنتخاب الأخ الرئيس رئيساً للمجلس النيابي
مع بدء تطبيق بنود اتفاق الطائف المتعلقة منها بالتعيينات النيابية في الأماكن الشاغرة في المجلس النيابي جرى تعيين رئيس الحركة نبيه بري نائباً في البرلمان للمرة الأولى عام 1992 كما عين القياديان الحركيان محمد عبد الحميد بيضون ومحمود أبو حمدان نوابا أيضاً لكن المحطة الأهم كانت في استحقاق الانتخابات النيابية في السادس من أيلول عام 1992 حيث حققت الحركة انتصارا ساحقاً ومذهلاً اثر فوز اللائحة التي شكلها رئيس الحركة نبيه بري في الجنوب بكامل أعضائها وعددهم 22 نائبا بعد تحالف الحركة مع حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث وقوى وعائلات لها موقعها وحضورها على الساحة الجنوبية ، وهكذا بات للحركة موقع وصوت قوي في البرلمان وفي ضؤ تلك النتائج ترشح رئيس الحركة نبيه بري لرئاسة المجلس النيابي وفاز باغلبية ساحقة من الاصوات ليصبح رئيسً الحركة رئيسا لمجلس النواب اللبناني خلفاً للرئيس حسين الحسيني وصاحب الكرسي الثاني في الجمهورية اللبنانية.
بالرغم من كل العواصف التي هبت في وجه الحركة إلا أن حضورها كان يزداد قوة بين الجماهير وهذا ما كانت تعكسه المهرجانات الضخمة التي كانت الحركة تقيمها سنوياً في ذكرى إخفاء سماحة الإمام موسى الصدر ورفيقه والتي كان يحضرها مئات الآلاف من الحركيين والأنصار والجمهور وكان رئيس الحركة نبيه بري يحرص دائماً على إبقاء قضية الصدر القضية المركزية الأساس باعتباره مؤسس وملهم الحركة وجماهيرها .
في تلك الفترة عقدت الحركة مؤتمرها العام الثامن الذي عاد وجدد ثقته الكبيرة برئاسة نبيه بري للحركة وجرى يومها عملية تقييم للنجاحات والاخفاقات لمسيرة الحركة برمتها وفي هذا المؤتمر جرى انتخاب أيوب حميّد نائباً لرئيس الحركة خلفاً للعقيد عاكف حيدر الذي استقال من منصبه ومنذ ذلك المؤتمر انصب عمل قيادة الحركة ورئيسها على استنهاض الحالة التنظيمية وتطويرها لمواكبة مرحلة السلم الأهلي وتمهيد الطريق للمشاركة وللانخراط في مشروع الدولة وعمل المؤسسات بكافة قطاعاتها .
في استحقاق الانتخابات النيابية عام 1996 حافظت الحركة على موقعها القوي في تمثيلها النيابي بعد فوز كامل اللائحة التي شكلها الرئيس نبيه بري مع حلفائه ولم تستطع أي من القوى الأخرى اختراقها ولو بمقعد واحد وهكذا كرست حركة أمل ورئيسها حضورهم الجماهيري القوي وفي ضوء النتيجة أعيد انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي لولاية ثانية .وايضا هذا ما حدث أعوام 2000 و 2005 و 2009 و 2013 و 2017
الإنماء والتحرير
شهد الجنوب في هذه الفترة ورشة إنماء كبيرة لم يسبق لها مثيل لرفع الغبن والحرمان التي رزحت به المدن والبلدات لسنوات طويلة وبالرغم من انشغالاته ومهماته الرسمية المثقلة ظل رئيس الحركة يواظب على حضور الاجتماعات التنظيمية الداخلية ويتابع عن كثب أمور الحركة وأنشطتها .
في كل مراحل العدوان الإسرائيلي على الجنوب سواء في عدوان تموز العام 1993 أو خلال العدوان الواسع عام 1996 كان مقاتلو الحركة ومقاوموها يواجهون ويكثفون من عملياتهم ضد قوات الاحتلال كما كانت فرق الدفاع المدني التابعة لكشافة الرسالة الإسلامية تعمل ليل نهار لمساعدة الأهالي ومدهم بالاحتياجات الأزمة والضرورية للصمود كما حصل بعد المجازر الإسرائيلية في النبطية والمنصوري وقانا .
طيلة تلك الفترة بقيت الحركة مستنفرة لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي ففي 5 /9/من العام 1997 استطاعت الحركة من التصدي لعملية الإنزال العسكري الضخمة التي قامت بها وحدة من نخبة الجيش الإسرائيلي في بلدة أنصارية في الجنوب وخاض مقاوموها مع مقاومي حزب الله معركة ضارية ضد الإسرائيليين أدت إلى فشل عملية الكومندوس والاستيلاء على أشلاء الجنود الإسرائيليين في ارض المعركة .
اعتنت قيادة الحركة جيدا بتطوير هيئاتها وقطاعاتها الأساسية وتنظيمها بشكل دقيق وخصوصا القطاع الكشفي والتنظيم النسائي اللذان يشكلان عصب التنظيم كما اهتمت ايضا بإنشاء مؤسسات تعنى بعوائل شهداء الحركة وجرحاها هذا فضلا عن المؤسسات الصحية والاجتماعية التي تهتم بمساعدة المعوقين والايتام والجرحى .
أما الإنجاز الهام الذي استطاعت الحركة من تحقيقه كان في المجال التربوي حيث اعتنت القيادة جيدا بانشأ عددا من المؤسسات التربوية الخاصة التابعة لها في بيروت والجنوب والبقاع حملت اسم مؤسسات أمل التربوية والتي استطاعت من تحقيق إنجازات لافتة خلال السنوات الأخيرة .
لم تتخلى الحركة أبدا عن سلاحها المقاوم واستمرت بتنفيذ العمليات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي ونجح مقاموها من تنفيذ عمليات نوعية ضد الإسرائيليين ففي 19 أيار من العام 1997 قام المجاهد الحركي هشام فحص بعملية استشهادية هي الأولى من نوعها بمهاجمته بقارب صيد طراد عسكري إسرائيلي في عرض البحر مقابل الناقورة ما أدى وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف الإسرائيليين الذين تفاجئوا بالتخطيط المتقن للعملية.
في 18 و19 أيلول من العام 1998 انعقد المؤتمر العام التاسع للحركة بعد أرجائه مرات عدة لاستحالة انعقاده في ظروف العدوان والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وفي هذا المؤتمر جرى استحداث هيئات قيادية جديدة وفوضى رئيس الحركة باختيار هيئة رئاسة من ثمانية أعضاء بما فيهم الرئيس ونائبه وأنيطت بتلك الهيئة صلاحيات تقريرية واسعة فعملت تلك الهيئة الجديدة على ايلاء موضوع المقاومة أهمية قصوى وتوفير كل المستلزمات الضرورية رغم عدم توفر الامكانيات المادية ما انعكس ذلك نشاطا مكثفا لعمليات الحركة في تلك الفترة .
لم تهدا الحركة ومجاهدوها في تتبع وملاحقة جنود العدو وعملائه رغم إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهودا باراك استعداده للانسحاب من لبنان واعلن رئيس الحركة مرات عدة رفض لبنان تقديم أي تنازلات أو حتى إعطاء أي ضمانات أمنية لإسرائيل بعد انسحابها من الجنوب ترتيب ولما يأس باراك من الصمود اللبناني اقدم على سحب جنوده من لبنان وتحقق التحرير والنصر التاريخي.
مع الانتهاء من ترسيم الخط الأزرق اتخذت الحركة موقف واضح من مسالة بقاء مزارع شبعا اللبنانية تحت الاحتلال الإسرائيلي وأعلنت عزمها الاستمرار في المقاومة حتى تحرير كامل تراب الوطن .
عادت جماهير الجنوب وجددت ثقتها بالرئيس نبيه بري في استحقاق الانتخابات النيابية عام 2000 بفوز لائحة المقاومة والتنمية بكاملها كما أعيد التجديد للرئيس بري في رئاسة المجلس للمرة الثالثة على التوالي ؛وها هي الحركة تواصل مسيرتها .
نجحت الحركة في تعزيز علاقاتها مع مختلف الشخصيات والقوى السياسية اللبنانية وانخرطت بقوة في مختلف مجالات واوجه المجتمع الأهلي اللبناني وقطاعاته ومؤسساته الاجتماعية والنقابية والتربوية والثقافية والبلدية وبات لها ممثلين وحضور فاعل فيها كما حققت خلال السنوات القليلة الماضية حضورا هاما في الإدارات الرسمية من خلال تعيين عدد من مسئوليها في مراكز الفئة الأولى لكن ذلك لم يرق لبعض الأطراف السياسية التي تحاول من وقت لاخر توجيه السهام الى الحركة وتتهمها بأنها تصادر وتحتكر ملف التعيينات والوظائف في الدولة .
أفسحت الظروف أمام الحركة إعادة إجراء عملية تقييم لعملها وادائها التنظيمي واتخذت القيادة قرارا شجاعا قضى باطلاق ورشة انتخابات داخلية شاملة من القاعدة وحتى القيادة وكان لتلك المحاولة صدى إيجابيا تجاوزت أوساط الحركيين إلى أوساط الحركة الحزبية عموما في لبنان .
وفي 26 تموز 2002 عقدت الحركة مؤتمرها العام العاشر تتويجا للانتخابات التي شملت مختلف هيئاتها فكان ان جرى عملية تقييم شاملة ونجحت الحركة بالتالي في امتحانها الداخلي الاول من نوعه ما انعكس ارتياحا عند القاعدة الحركية التي رات في المؤتمر الاخير مؤتمرا تاسيسيا ثانيا نظرا لاهمية مقرراته وما نتج عنه من انتخابات وتوصيات سياسية وتنظيمية .
وفي العام ال 2018 جددت الحركة في مؤتمرها الولاية ل نبيه بري ك رئيسا للحركة و أعادت بناء هيكليتها وضخت وجوه شاب أعطت دفعا” كبيرا” للقطاعات الحركية كافة .
اليوم وبعد كل هذا التاريخ الذي خطه مؤسس الحركة وقائدها الإمام المغيب السيد موسى الصدر واكمله نبيه بري رغم كل الصعاب تبدو الحركة اكثر تصميما واندفاعا على متابعة مسيرة قائدها وملهمها ربما تكون كل المراحل والتحديات الصعبة التي تجاوزتها الحركة بعناد كفيلة بتحصينها من الداخل والخارج لكن يبقى أمام الحركيين مهمة الحفاظ على ما تحقق واكمال المسيرة فهذا هو الامتحان الأصعب والاهم وهو امتحان الأمانة المقدسة التي يحملها نبيه بري وكل حركي احب الإمام الصدر وتعلق به وسار بنهجه فهذا يبقى جزء بسيط وبسيط جدا من الوفاء للإمام الكبير لما قدمه وضحى من اجله ليس للحركة فحسب بل للبنان ولفلسطين والعالم كله .