ميشال نصر
في غياب التطورات الداخلية المهمة واقتصارها على حركة الرئيس المكلف الخجولة بدفع من حزب الله، وفيما العين على بغداد ومنطقتها الخضراء، هي التي ارتبط مسارها ومصيرها تاريخيا ببيروت، تزداد شراسة المعركة الرئاسية في بيروت مع دخول البلاد مهلة الستين يوما، ليغيب الحديث عن اسماء المرشحين، وتصبح المسألة هل يبقى «جنرال بعبدا» في قصره؟ ام يسلم مقاليد السلطة لحكومة «منقوصة» او الفراغ لا فرق؟
فكبير مستشاري الرئاسة الذي ينسب اليه تحضير «ديباجات وسيناريوهات» مطالعات العهد الدستورية، اعلنها بالفم الملآن ان رئيس الجمهورية لن يبقى بعد 31 تشرين الاول دقيقة واحدة في بعبدا، مبشرا بان من سيستلم السلطة، حكومة غير مؤهلة لم تنجح حتى في اداء اضيق مهام تصريف الاعمال، حاسما كل ما قيل ويقال عن «افلام» بعد البيان الاخير الصادر عن بعبدا، والتسريبات عن «قرصة دينة» فيما خص الجدل المفتوح.
باختصار، هي «جمهورية العصفورية»، حيث لا وجود للدولة وقوانينها وانظمتها، كل من اطرافها «فاتح عا حسابو» ويغني على ليلاه، في وقت يتواصل الجهد والاتصالات من اجل تشكيل حكومة جديدة في مرحلة «عض الاصابع « وانتظار من سيصرخ «الآخ» اولا، وسط المعلومات عن مسعى توافقي يقوده الثنائي الشيعي على محور بعبدا – السراي للتقريب بين وجهات النظر، وفقا لمصادر مواكبة، اذ ان حارة حريك تنطلق من ثلاث نقاط اساسية ابرزها:
- محاولتها تقطع طريق على اي اشكال دستوري قد يؤدي الى توترات وفلتان في الشارع، خصوصا ان الضمانات التي كانت سبق وحصلت عليها من الجهات الفرنسية لم تعد قائمة بالنسب ذاتها في هذا الخصوص.
- اقرار حزب الله بان لا إمكانية لأي جهة مهما كانت لديها الامكانات والقوة أن تعالج المشكلات في لبنان، اذ تبين له بعد كل التجارب السابقة والحالية، والنقاشات والبحث المعمق عن الحلول، الذي قام به على مستوى هيئاته القيادية وناقشه مع الآخرين، ان لا حلول الا من خلال انتظام عمل المؤسسات، من هنا رفضه «المبدئي» لاي فراغ في أي مرفق من مرافق الدولة، وبالتالي سعيه لتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات.
- يقين الجميع بان كل السيناريوهات المطروحة والتي يجري «كبها» في سوق التداول غير قابلة للتنفيذ عمليا، وابرزها مسألة «الحكومة الانتقالية» بالمفهوم التقليدي سواء عسكرية او غيرها برئاسة مسيحي، اذ ان المسوقين لتلك الطروحات، مستندين الى تجربة الرئيس امين الجميل، ويتناسون عن قصد او جهلا ان الدستور عدل في عام 1990 مع سقوط الجمهورية الاولى، وباتت آلية التكليف والتشكيل مختلفة تماما، فضلا عن ان ثمة رئيسا مكلفا حاليا يستحيل اسقاط تكليفه، وبالتالي ما لم تشكل حكومة جديدة بالاتفاق بين الرئيسين، فان الحكومة الميقاتية المكلفة تسيير الاعمال هي الجهة الوحيدة المخولة استلام السلطة في حال فراغ سدة الرئاسة الاولى، واي بحث خارج هذا السياق هو انقلاب على الدستور واتفاق الطائف، وبالتالي هو مشروع حرب اهلية وانقسام للسلطة.فهل المطلوب وجود حكومتين في البلد؟
ورأت المصادر ان اخطر ما سيولده الفراغ في بعبدا، حتى في حال استلام اي حكومة للسلطة، هو توقف العمل التشريعي مع تحول المجلس النيابي الى هيئة ناخبة، ما سيعني عمليا توقف ورشة اقرار القوانين اللازمة للسير بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ما سيؤدي حتما الى تاجيل المساعدات، وبالتالي مزيد من الانهيار، رغم محاولات «ابو مصطفى» العالم بكواليس الفراغ ومدته سحب ارانبه ،لتسريع بدعة اجتماع المجلس بهدف التشريع خلال تلك المدة. وهو مشروع «مشكل جديد الله وحدو بيعرف لوين بيوصل»…..
المصدر: الديار