هل تتحقق أمنية النّاس بأن يلاقي مجلس القضاء الأعلى تطلعاتهم بأن تأتي التشكيلات القضائية التي أنجزت قبيل منتصف ليل أمس الأوّل بتحرره من التدخلات السياسية ومن كل القيود التقليدية، مؤكداً على احترام المعايير الموضوعية والمهنية، والتي تضمن تعيين القضاء الاكفاء في مناصبهم، ومنع المحاصصة والتسييس لمصلحة هذا الفريق أو ذاك؟
السؤال فرض نفسه، في ضوء تعليق وزيرة العدل ماري كلود نجم حول ما نشر بالنسبة لتغيير موقفها من التشكيلات القضائية، ولا سيما قولها ان «وزير العدل ليس مجرّد ساعي بريد»، ما يدل على انها لا ترضى بأن يقتصر دورها على توقيع مشروع التشكيلات ومن ثم احالتها إلى رئاستي الحكومة والجمهورية لصدورها بمرسوم لكي يصبح قابلاً للتنفيذ، على حدّ ما جاء في البيان الذي وزعه مجلس القضاء ليل أمس الأوّل عن إنجاز مشروع التشكيلات بالإجماع، بعد اجتماعات تواصلت لأكثر من شهرين.
الوزيرة ماري كلود نجم
وكانت وزيرة العدل ماري كلود نجم استغربت عبر «تويتر»، «ما ورد الأمس في صحيفة الأخبار حول تغيير موقفها من التشكيلات القضائية». وقالت: «موقفي ثابت منذ البدء، حرصاً على استقلالية القضاء: لا لأي تدخل يصب في المحاصصة السياسية – الطائفية، واصرار على الشمولية في تطبيق المعايير الموضوعية للكفاءة».
وأضافت، «هذا من واجبي الوطني وضمن صلاحياتي، اذ ان وزير العدل ليس مجرد ساعي بريد، خصوصاً في الظروف الحالية التي تستلزم تغييرا وصرامة».
والتشكيلات التي انجزت هي الأولى أثناء ولاية رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، الذي يحرص على عدم التدخل السياسي فيها، ما يشكّل امتحاناً للحكومة الحاليّة لجهة تشديدها على استقلاليّة القضاء ويرد الاعتبار الى العدالة والقانون، وفتح حقيقي لملفات الفساد. تأتي في ظل إصرار على التحقق من التزام التشكيلات معيارين اثنين رئيسيين: اولهما الشمولية للقضاة جميعاً، وثانيهما المعايير الموضوعية في التشكيل بالاستناد الى الخبرة والسمعة الشخصية والاحتراف ومراعاة الاقدمية.
رئيس مجلس القضاء سهيل عبود
وتم في التشكيلات تقليص عدد القضاة المنفردين في بيروت من 30 الى 24 كما تم تعيين جميع القضاة الصادرة في حقهم قرارات تأديبية أو توجد شكاوى ضدهم لدى هيئة التفتيش القضائي، مستشارين إضافيين لجميع محاكم الاستئناف في بيروت والمحافظات وبعضهم لن يستطيع العودة الى مزاولة عمله القضائي من دون صدور قرار عن وزيرة العدل يرفع عنه حظر الوقف الصادر عن الوزير السابق ألبرت سرحان الأمر الذي يشير الى ان مرسوم التشكيلات يحفظ لهم مكانهم في القضاء.
المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات
إستقالات
واعتراضا على التشكيلات التي طاولت منصب النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان الذي تشغله القاضية غادة عون، والتي سيُعيّن مكانها القاضي سامر ليشع، فيما سيتم تعيين عون مستشارة في محكمة التمييز، كتبت على حسابها على «فايسبوك»: «بعد هذه التشكيلات الانتقامية سأضع استقالتي بتصرف فخامة رئيس الجمهورية وسأعلن ذلك في مؤتمر صحافي أشرح فيه كل شيء».
وليست عون وحدها التي لن تكون راضية عن إعادة تشكيلها اذ ان لوائح التشكيلات ستحمل مفاجآت لبعض القضاة ومنهم القاضي رولا الحسيني التي قدمت اليوم بحسب مصادر لـ«المركزية» كتابا الى مجلس القضاء لإنها خدماتها في القضاء العدلي إعتراضا على التشكيلات التي عينت خلالها رئيسة للغرفة العاشرة لمحكمة الإستئناف في جبل لبنان وهي محكمة الجنايات بعدما كانت رئيس محكمة إستئناف الجنح في بيروت.
وعلق نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد المراد على مشروع التشكيلات قائلا: «منذ الزيارة الاولى لنقابة المحامين في طرابلس الى مجلس القضاء الاعلى، وبعد عرض الواقع المأزوم لسير عمل القضاء في الشمال بسبب الزيادة المرتفعة للانتدابات، والتي انعكست بشكل سلبي على واقع العدالة، وعدنا رئيس المجلس سهيل عبود بأنه سيصار الى اعتماد معايير وقواعد في التشكيلات القضائية وان الشمال سينصف».
وتابع: «وبعد شهرين من الاجتماعات واللقاءات والمناقشات، والتي إستمرت حتى في أيام السبت والآحاد، أنجز مجلس القضاء الاعلى تشكيلاته القضائية، وقد كنت أقصد بيروت على مدى الشهرين، بشكل اسبوعي لهذه الغاية، لانني أعيش هاجس هذه المسألة واشعر بمسؤولية حيال ذلك».
وختم: «نأمل في ان يقر مشروع التشكيلات القضائية الذي وقعه مجلس القضاء الاعلى بالإجماع بأسرع وقت ممكن، لما فيه خير العدالة وحقوق الناس ولبنان»
اللواء