بقلم الدكتور المهندس قاسم محمد دنش
إسم جديد يضاف إلى مخزوننا في المصطلحات الأكثر قلقاً وغموضاً لكثير من الناس باتت تلك الكلمة الأكثر استخداماً في يومياتنا ألا وهي هي كورونا. هذا الفيروس الذي انتشر حديثاً وأضحت الكرة الأرضية بأكملها موبؤة أو تنتظر دورها بالوباء بسببه. كثير ما نسمعه كل يوم: من تنبيهات ونصائح إلى حكايا مرعبة ومقلقة وأخرى مُطمائنة تصل في بعض الأحيان إلى مستهزئة. ولأنني لا تربطني في مجال الطب والبيولوجيا أي علاقة، أردت أن أتناول هذا الموضوع من باب تحليل البيانات بعد أن تمكنا من جمع قواعد بيانات لمصابين بهذا المرض من عدة دول من العالم.
تحليل البيانات هي عملية يتم فيها أخذ البيانات وتجميعها من مصادر مختلفة، ثم إجراء معالجة وتقييم على تلك البيانات باستخدام تفكير تحليلي ومنطقي لكل مكوّن من تلك البيانات، لإنتاج رؤى ونتائج للأعمال ودعم عملية صنع واتخاذ القرار وتحديد الأولويات، ويمكن أن يعني تحليل البيانات أخذ الأرقام والمقاييس وغيرها من القياسات المختلفة ودراستها، وتحويلها إلى صورة ذات مغزى يمكن أن تستند إليها القرارات.
تجاوز حجم البيانات قيد الدراسة الأربعمئة ألف عينة لمصابين بهذا المرض من الصين وكوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا. تتشابه هذه الدول إلى حدٍ كبير في كيفية تدحرج وارتفاع أرقام المصابين بطريقة جنونية خصوصاً أولى فترات إنتشار هذا الفيروس.
يبدو جلياً في معظم الدول، أنّ نسبة الإصابة بهذا الفيروس لدى الرجال والنساء هي تقريباً نفسها: 51.9% للرجال و48.1% للنساء. إلا أنّ الملفت في ديمغرافية أرقام الدراسة هو التالي:
• معدل الوفيات من الرجال يبلغ 67.3% مقابل 22.7% من النساء.
• معدل أعمار الوفيات من النساء يبلغ 74 سنة مقابل 67.5 سنة للرجال.
• 96.4% من الوفيات بلغوا أكثر من 60 سنة.
• إرتفاع في نسبة الوفيات بعدما كانت حوالي 2.54% إلى 3.59%.
من هنا، تُلفت هذه الأرقام أنّ قدرة المرأة على مصارعة هذا الفيروس تفوق الرجل من حيث عدد الوفيات ومعدل أعمارهم.
إلى ذلك، بعد أكثر من 114،000 مصاب بهذا المرض عالمياً، كما يبدو في الرسم البياني أدناه،ذهب ضحيته حوالي 4000 شخصً وتعافى منه نهائياً أكثر من 62800.
إنّ عدد الشافين من هذا الفيروس في تحدي دائم مع المصابين منه عالمياً، كما يبدو في الرسم البياني التالي. وبحيث إنّ قدرة هذا الفيروس السريعة في الإنتشار، يقابله الوعي والحذر التراكمي لدى المجتمع ما ان تتزايد أعداد المصابين، فمن الطبيعي جداً أن نرى ونتوقع أنه في أي لحظة وأي زمن ذروة في عدد المصابين الجدد، إلا أنّ عدد الشافين منه يعود ليلحق بعدد المصابين ولكن ببطء شديد.
ومن ناحية أخرى، إذا أخذنا الإنعطافات الدالة إلى تطور الأرقام عالمياً نلاحظ التالي:
• تطور الأرقام في إيطاليا بدأ بطيئاً ببضع حالات في الأيام الأولى لتصل إلى أكثر من 1200 حالة في اليوم الواحد، كما يبدو في الرسم البياني التالي.
• في كوريا الجنوبية، لا يختلف الأمر كثيراً عن إيطاليا، تزايدت الأعداد في الأيام الأولى ببطء إلى أن سجلت أكثر من 1800 حالة جديدة فقط في ثلاثة أيام، كذلك الأمر في ايران.
• في فرنسا، ولعلها الدولة الأكثرة قدرة على الإحتواء، ومع تزايد عدد حالات المصابين، إلا أنّ الأرقام تتزايد نسبياً بشكل خطي وليس متسارع.
في لبنان، ومع تشابه الأرقام والإنحدار من جهة والبيئة والوعي الإجتماعي من جهة أخرى لإيطاليا وإلى حد ما إيران في بعض النقاط والتواريخ، يتوقع أن يتسارع العدد في الإرتفاع بشكل كبير خلال الأيام الثمانية القادمة.
على أملٍ أن تكون الدراسات الإحصائية مخطئة وتُكذبها الوقائع في القليل من الأيام القادمة، لكن علينا التنبه والحذر والكثير الكثير من الوعي والتحمل والمسؤولية.
إن كنت غير آبه على حياتك باستمرارك بممارسة العادات والتقاليد الإجتماعية من سلام باليد وتقبيل واجتماعات، فاعلم أنك من الممكن أن تتسبب في قتل شخص ضعيف المناعة أو مسن بسببك بنقلك لهذا الفيروس إما مباشرة أو عن طريق أحدا آخر قد إلتقيته.
في زمن الكورونا، على حياتنا الإجتماعية أن ترتسم بمعالم وتقاليد أخرى عسى أن يخالف الواقع الآتي أرقاماً ودراسات.