جريمتي أنّي قلت: مأساة لبنان تعود لأزمة عيوبه السياسية والدستورية وليس بشراكته الوطنية.
جريمتي أني قلت: أصل نشأة لبنان تمّت على طريقة احتكار لبنان عبر سواطير طائفية تحتكر السياسة والبلد والأسواق والموارد والإعلام والناس.
جريمتي أنّي قلت: كفى اللبنانيين سياسات فاسدة ومشاريع بيع وشراء وتقاسم وحصص وصفقات واستنزاف.
جريمتي أني قلت: نريد الدولة والسلطة ببرامجها ومشاريعها وموازنتها وطاقمها الوطني لكل اللبنانيين بعيداً عن الإقطاع الطائفي والتَّمزيق السّياسي.
جريمتي أني قلت: نريد للبنان”دولة مدنية” بضمانات أخلاقية، دولة تتسع لكل اللبنانيين بعيداً عن الملة والطائفة والمذهب وبخلفية حقوق مواطن وإنسان.
جريمتي اني قلت: يا شعب لبنان، مجزرة الطوائف السياسية كارثة على لبنان وطوائفه وأجياله وطبقاته التي تحوّل أكثر من تسعين بالمئة منها إلى الفقر المدقع.
جريمتي أني سألت عن 250 مليار دولار كضرائب ورسوم ومداخيل تمّ إنفاقها فيما لبنان غارق بالعتمة والزّبالة، بلا ماء ولا كهرباء ولا خدمات.
جريمتي أنّي سألت عن كارثة إغراق البلد بمئة مليار دولار كديْن عام.
جريمتي أنّي طالبت اللبنانيين بإنقاذ لبنان من مخالب الطبقات الإحتكارية التي نهبت لبنان وقامرت به.
جريمتي أنّي قلت لبنان لكلّ اللبنانيين بعيداً عن الطائفة والمذهب والملّة والدّين.
جريمتي أنّي قلت: مشكلة لبنان ليس بوطنيّته وعيشه المشترك وسلمه الأهلي بل بمجزرته السياسية التي تعود لأزمة الهيكل الطائفي الذي أكل صيغة لبنان، ويجب إنقاذها عبر نزع أنياب الطائفية من هياكل الدستور اللبناني والسّلطة السياسية مع المحافظة على الميثاق الوطني والصيغة الوطنيّة.
جريمتي أنّي طالبت بانتخاب مجلس نيابي خارج القيود الطائفية عبر قانون انتخاب نسبي يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة وليؤكّد تضامن اللبنانيين بكلّ طوائفهم لتقرير مصير لبنان الوطن وليس لبنان المجزرة الطائفية.
جريمتي أني حذّرت من السقوط المدوّي للبنان إذا استمرت الصيغة الطائفية بهذه الطريقة المسرطنة.
جريمتي أنّي قلت للبنانيين إنَّ بلدكم لبنان بدولته وثروته وموارده وإمكاناته فلّس ويعاني من الكوما ويكاد ينتهي إن لم يتمّ إنقاذه عبر صيغة وطنية تحوّل مشروع السّلطة إلى دولة مدنيّة ضامنة، دولة شعب وناس ومواطن مع حفظ الخصائص الشخصية للطوائف.
جريمتي أني قلت أن الوطن رغيف خبز وحبة دواء وماء وكهرباء وأسواق محمية وتعليم وسياسات اجتماعية ضامنة وزراعة وصناعة وخدمات وقدرة إنتاجية وحقوق مواطن وإنسان.
جريمتي أنّي حذّرت وقلت أن هناك من يقامر بمصير لبنان عن طريق اللعب المالي والنقدي والسياسي، وأن هناك ما يقرب من 270 ألف وظيفة لغير اللبنانيين فيما البطالة بين اللبنانيين تزيد عن 50 بالمئة وسط جوع وإفقار وإفلاس هائل، وأني حذّرت بشدّة من هجرة كمّ هائل من اللبنانيين خاصة الأدمغة ودون رجعة.
جريمتي أني قلت: هناك عشرات الآلاف من اللبنانيين هاجروا من لبنان دون رجعة وأن أكثر من 34 ألف لبناني هاجروا بشكل تام بالعام 2018 وأكثر منهم بالأعوام السابقة واللاحقة على طريقة استنزاف طاقة لبنان العلمية والعملية، وإن خدمة الدين العام الهائلة تأكل موازنة الدولة، فيما خزينة الدولة فارغة، وأن لبنان يعاني بشدّة من الهدر والصفقات والتلزيمات الوهمية والتهريب الجمركي المقونن وغير المقونن وانهيار القطاع العام واحتكار القطاع الخاص.
جريمتي أني ذكّرت اللبنانيين بأن هذا البلد كلّف ناسه وشعبه دماً وكفاحاً وجهوداً جبّارة وبخلفية وطنية وإنسانية، ولا يجوز أن يتحول جيفة تتناهشها المؤسسات الدولية والدويلات المالية والنقدية المحليّة.
نعم جريمتي أني ذكّرت اللبنانيين بشعار الإمام الصدر(الثائر والمفكر والرّمز الوطني والعالمي النّادر) بضرورة حماية لبنان الصيغة الوطنية والعائلة الواحدة والعيش المشترك وليس لبنان المجزرة الطائفية، لأن الطائفيّة السياسية سرطان يفتك بشعبنا والوطن، وأنّ الأُسر اللبنانية منهارة وتمّ إفقارها بشدة، فيما أكثر من 90 بالمئة من الأسر اللبنانية تحت خطّ الفقر.
جريمتي أني قلت:”الديون الشخصية المرهقة للبنانيين” تكاد تأكل الأصول الشخصيّة لأكثر من 90 بالمئة من أصول الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وأن أكثر من نصف المؤسسات المسجلة بالقيود الحكومية أفلست أو غلّقت أبوابها وسرحّت عمّالها، وأن لبنان بمأزق تاريخي هو الأول من نوعه وهو بذلك يعاني من سقوط مدوّي.
جريمتي أيها اللبنانيّون أنّي سألت من هو المسؤول عن إغراق لبنان بهذا الكمّ الهائل من الدّيون العامّة والإفلاس المالي النقدي المخيف؟ من المسؤول عن تفليس الدولة والسلطة والبلد، وأني حذّرت من أنّ عيون بعض مراكز القرار بصندوق النقد الدولي على وظيفة لبنان السياسية، وحذّرت من أنّ عيون كبار الدائنين على موجودات لبنان وبالأخصّ النّفط والأصول والثروات الباطنية، ومن أنّ لبنان الآن بقبضة الدّول والهيئات الدّائنة وتلك المقرِّرة بصندوق النّقد الدّولي، كما حذّرت من مشاريع الدول المهيمنة المصرّة على توطين النازحين وتغيير الخريطة الديمغرافية للبلد وتحويل وظيفته السياسية من بلد ودولة إلى مخيم بل خيم ونزوح.
جريمتي أني قلت للمسيحي والمسلم وكل شعب وملل لبنان تعالوا ننقذ لبنان، تعالوا لنعيش معاً ببلد مواطنة ومواثيق وطن بعيداً عن البلوكّات الطائفيّة والحقد الطائفي، وأن لبنان اليوم بالقعر، وهناك من دفع لبنان إلى هذا القعر، وأنّ لبنان اليوم لا يملك إلا قوة شعبه وناسه لإنقاذه من الفساد والإستبداد والنهب والإحتكار الطائفي، وأن لبنان الصيغة السياسية خطر على الصيغة الوطنية، خطر على العيش المشترك والسلم الأهلي، وأن لبنان بحاجة إلى إنقاذ جذري، إنقاذ إنسانه وشعبه ودولته بعيداً عن لعبة المسالخ ولعبة الحصص والتلزيمات.
*هذه جريمة المفتي قبلان التي ارتكبها في سبيل حماية شعب لبنان ودولة لبنان، لبنان الوطن، لبنان العيش المشترك، لبنان السّلم الأهلي، لبنان العائلة الواحدة، لبنان العدالة الفعلية والشاملة، لبنان الضمانة الأخلاقية، لبنان الدولة الضامنة، لبنان حقوق الإنسان والمواطن، لبنان بصيغة دولة الشعب والمواطن وليس شعب الدولة والطوائف، لبنان الدولة المدنية التي تضمن كل شعبها وناسها بعيداً عن مذبحة الطوائف وعلى طريقة دولة المواطن والشعب والإنسان.
*نعم هذه هي جريمتي عن سابق تصور وتصميم أقر بها، وأنا بكامل وعيِّ وفكري وعقلي وقهري… ولست نادماً عليها حتى آخر النفس… وحتى لا يتهم أحد أحداً.
النهار