بعد تصنيفه غاز البنج كأحد «الغازات الصناعية» التي لا تستلزم الدعم، قرّر مصرف لبنان عدم دعم فواتير استيراد كل شحنات المُستلزمات والأدوات الطبية التي جرت قبل أيلول الماضي. هذا الإجراء الذي يصفه المُستوردون بـ«الاعتباطي»، والمنسجم مع سلوك المصرف حيال قطاعات أساسية عدة، دفع بشركة soal المختصة باستيراد الأوكسيجين وغاز البنج الى التهديد بالامتناع عن تسليم بعض هذه المنتجات الحيوية إلى المستشفيات إذا لم يعالج مصرف لبنان الأمر اليومعُمر الكباش بين مصرف لبنان ومُستوردي المُستلزمات والأدوات الطبية من عُمر اندلاع الأزمة النقدية. قبل نحو سبعة أشهر، وتزامناً مع احتجاز أموال المودعين في المصارف، امتنعت هذه الأخيرة عن فتح اعتمادات بالدولار للمُستوردين. طوال تلك الفترة، صدرت تعاميم وقرارات عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد كثير من الأخذ والرد بين وزارة الصحة والمُستوردين وقطاع المُستشفيات من جهة، والمصارف من جهة أخرى، تضمنت صيغاً مختلفة لدعم استيراد المُستلزمات والأدوات الطبية على غرار دعم استيراد المواد الأساسية كالدواء والقمح والمحروقات.
آخر الصيغ «المكتوبة»، والمُتفق عليها، كانت تقضي بأن يُغطّي مصرف لبنان 85% من قيمة الفواتير على أساس سعر الصرف الرسمي، على أن يؤمن المُستوردون الـ 15% من الدولارات المُتبقية من السوق. إلا أن هذه الصيغة لم تسرِ يوماً بالانتظام وبالوضوح الذي وُعد به المُستوردون الذين كانوا، ولا يزالون، يتّهمون المصارف بالاستنسابية والتحايل لعدم تنفيذ التعميم.
أمس، هدّدت شركة soal التي تستورد الأوكسيجين وعدداً من الغازات الطبية بالتوقّف عن توريد أي من هذه المنتجات في حال امتناع المُستشفيات وغيرها عن الدفع نقداً بالدولار عند التسليم، و«في حال عدم التجاوب حتى يوم غد الجمعة (اليوم) من قبل مصرف لبنان»، وفق كتاب أرسلته الشركة إلى كل من وزارة الصحة ونقابة المُستشفيات ونقابة مستوردي المُستلزمات الطبية. ومع استحالة تطبيق هذا الشرط في ظل أزمة سعر الصرف، يغدو تهديد الشركة بمثابة إعلان عن انقطاع مرتقب لتلك المُستلزمات.
المُدير التجاري لـ soal، في لبنان جورج كوفدارالي أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن الشركة لن تمتنع عن تسليم الأوكسيجين، «لأننا نقوم بتصنيعه، إلا أننا سنضطر إلى الامتناع عن تسليم غاز البنج الذي لا يقل أهمية بسبب رفض مصرف لبنان الاعتراف به كغاز طبي واعتباره غازاً صناعياً، فضلاً عن جملة من التصرفات الاعتباطية التي يقوم يها المصرف».
وكان كتاب الشركة قد فنّد المشاكل التي تشوب آلية التعاطي في ملف المُستلزمات والغازات عبر ثلاث نقاط، أولاها «الرفض الاعتباطي لملفات عائدة لمُستلزمات استعملت في فترة كورونا»، و«التأخير الكبير في الموافقات على التحويلات التابعة لبقية المُستلزمات، ما يعيق الاستيراد والدفع للموردين»، فضلاً عن «رفض كل الملفات التي يعود تاريخ استيرادها إلى ما قبل أيلول 2019، مع العلم بأننا وُعدنا بتحريرها سابقاً».
رئيسة نقابة مُستوردي المُستلزمات والأدوات الطبية سلمى عاصي أكدت لـ«الأخبار» أن قرار مصرف لبنان بالتراجع عن تغطية فواتير المُستلزمات والأدوات الطبية التي تم استيرادها قبل أيلول الماضي «يُكبّد المُستوردين خسائر، إذ إنهم سلّموا بضاعتهم إلى المُستشفيات على أساس السعر المدعوم، في حين أن سعر الصرف حالياً في تدهور مُستمر، ولن تتمكن المُستشفيات والجهات من تسديد فواتيرها على أساس السعر الراهن». ونبّهت عاصي إلى أن واقع المُستلزمات الطبية «إلى مزيد من الخطر في ظل امتناع المُستشفيات والدولة عن تسديد الفواتير المُستحقة عليها لمصلحة المُستوردين والتي يُقدّر مجموعها بنحو 350 مليون دولار».
وعلمت «الأخبار» أن وزير الصحة حمد حسن سيلتقي اليوم ممثلين عن الشركة في محاولة للتوصّل إلى مخرج للأزمة والحؤول دون انقطاع السوق من الغازات الطبية ومن ضمنها البنج.
هديل فرفور – الأخبار